في احيان كثيرة تقع الأمّ في حيرة من أمرها محاولةً إيجاد أجوبة منطقية ومبسّطة لأسئلة أولادها المعقّدة، فعلى رغم صغر سنّهم يميلون الى طرح أسئلة "مضخّمة" لا يستطيع عقلهم إستيعابَ أجوبتها. فما هي هذه الأسئلة وكيف تجيبين عليها؟ بما أنّ فضول الاولاد يصل الى مواضيع جنسية وأخرى ماورائية، وحتّى سياسية أحياناً، قدّمت الاختصاصية الفرنسية في علم النفس Anne Bacus، الاجوبة على أكثر الأسئلة شيوعاً في أوساط الاولاد ومنها: لماذا يقبّلان بعضهما؟ توضح آن فايزمن كاتبة "كيف نتكلّم مع أولادنا عن الجنس": "الردّ على الأسئلة الجنسية هو أمر أساسي لنموّ الطفل النفسي وبالتالي على الامّ أن تبدأ بالحديث عنها حتّى قبل مرحلة المراهقة". ومن جهتها شدّدت المعالجة النفسية باكوس على أهمية "مناقشة الامّ أولادها حول الامور الجنسية بمختلف أعمارهم شرط أن تعتمد على تعابير سهلة وبسيطة تتماشى مع أعمارهم وقدراتهم الاستيعابية، والابتعاد قدر الامكان عن الكذب". والردّ على سؤال بديهي يطرأ على أذهانهم مثل "لماذا يتبادلان القبل؟"، يكون بسيطاً، كأن تجيبهم مثلاً "لأنّهما يحبّان بعضهما". أمّا الجواب عن سؤال معقّد أكثر"كيف تنجب المرأة، ومن أين يخرج الطفل؟"، فيكون ورغم صعوبته صادقاً ولكن بتعابير مبسطة يتمكّن الولد من إستيعابها"عندما يلتقي والدك مع أمّك تلتقي بزرتين صغيرتين تندمجان وتتحوّلان الى طفل، يخرج من مكان مخصّص في جسم الامّ". وفي هذا السياق، تشدّد الاختصاصية النفسية على ضرورة أن تركّز الامّ في حديثها عن الانجاب على دور الاهل وبأنّ "لا أحد يستطيع أن ينجب غير المتزوجين". أين ذهب أبي؟ في الكثير من الأحيان يطرح الاولاد أسئلة تتعلّق بالموت والحياة ما بعد الموت، وبالتالي فإنّ التفسير لهم عن هذا الموضوع بالتحديد خصوصاً في حال توفي أحد أقاربهم يعتبر أمراً صعباً ومعقّداً. إلّا أنّ الاختصاصي في علم النفس وطبيب الاطفال ريشار بوفيرن يوضح "من سنّ 4 الى 18 شهراً لا يستطيع الطفل التمييز بين الحياة والموت، ولكن ما أن يتخطّى أشهره الـ 18 يربط الموت بفكرة الغياب الطويل لأحد إعتاد على رؤيته، وعلى الأهل قول الحقيقة في هذا الاطار وعدم إخفاء حقيقة موت أحد". من جهتها شددت باكوس على ضرورة عدم ربط فكرة الموت بالرحيل "فإذا سألك إبنك أين ذهب أبي؟ لا تقولي له بأنّه رحل لانّه سيعتقد بأنّه سافر وسيعود يوماً ما، بل أخبريه بأنّه مات ولن يعود". أمّا في حال سأل الولد "وأين يعيش حالياً؟"، فيكون الردّ بحسب قيمه ومعتقداته الايمانية، وبأنّه في الجنّة يراه ويعتني به من فوق، أو بأنّه في قلبنا"، بحسب ما أوضحت باكوس. لماذا تشرق الشمس؟ لماذا يوجد قوس قزح؟ لماذا تمشي السلحفاة ببطء؟ وكيف يصنع العسل؟ الكثير من الأسئلة المتعلّقة بالطبيعة التي يطرحها الاولاد وتصعب الاجابة عنها بطريقة سهلة تمكنهم من إستيعابها من دون العمد الى الكذب. وفي هذا السياق تفسّر باكوس الاختصاصية النفسية "بين سنّ الثلاث والست سنوات يكون جميع الاولاد فضوليين إذ إنهم يرغبون في معرفة كيف تسير الامور المحيطة بهم"، مقدّمةً نصيحة الى كلّ أمّ قائلة: "إفرحي لفضول اطفالك هذا وتقبّليه برحابة صدر، وفسّري لهم الامور بكلمات سهلة، فإذا سألوا مثلاً لماذا تشعّ الشمس أخبريهم بأنّها مثل النجمة ولكنّ قربها منّا يجعلها مضيئة أكثر". وقد نصحت باكوس الامّ الاستعانة بالكتب المتخصصة في حال تعذّر عليها إيجاد الجواب المناسب. لمَ الحروب؟ لا تقتصر المواضيع السياسية على شريحة عمرية معيّنة، وإنما تطال حياة جميع الناس بمختلف أعمارهم "لأنّها بكلّ بساطة حياتك وحياة الآخرين وحياة المحيطين بك، أولئك الذين يضحكون والذين يبكون أيضاً؛ وإذا لم تهتّم بالسياسة فإنها ستهتمّ بك"، هذه هي المقدّمة التي أهداها كاتب "السياسة المفسّرة للأولاد" Denis Langlois الذي يدافع عن ضرورة تفسير السياسة للأولاد. وفي هذا السياق تشدّد الاختصاصية في علم النفس باكوس في سلسلة النصائح التي قدّمتها للأمّ لمساعدتها على إيجاد الاجوبة الملائمة لأسئلة أولادها الفضولية قائلةً "في حال سألك إبنك عن سبب إندلاع الحرب، ليكن الجواب متماشياً مع وضع البلد والقول مثلاً إنّ أفكار الشعب تتعارض مع أفعال السلطة الحاكمة"، أو ليكن الجواب مبسّطاً أكثر كـ" لانّه ليس جميع الناس مهذّبين".