برازيليا - رامي الخطيب
أصبحت سيدة البرازيل الأولى الجديدة "مارسيلا تامر" (33 عامًا) تحت دائرة الضوء على مستوى العالم، وعُرفت بالبذخ والمطالب غير العادية لعدة سنوات، وتعد العارضة السابقة أصغر 42 عاما عن زوجها مايكل (75 عامًا) الذي أصبح رئيسًا لبرازيل المؤقت الأسبوع الماضي بعد تعليق ديلما روسيف في انتظار محاكمة الإقالة، واتُهمت روسيف التي قادت البلاد منذ عام 2011 بالتلاعب المالي بشكل غير قانوني لإخفاء العجز العام المتزايد قبل إعادة انتخابها عام 2014، ومع استقرار السيدة الأولى في منصبها المميز ربما لا تشعر البرازيل بالفخر ، كما وصفتها إحدى الصحف باعتبارها "السيدة الأولى الأكثر جمالا في العالم".
ويبدو أن السيدة تامر غافلة عن ويلات بلادها حيث تعاني الأمة الأميركية اللاتينية من خريف اقتصادي بعد أن هزتها فضائح السياسيين الجشعين، ولن يغفر الشعب تباهي السيدة الأولى في ظل ظروف البلاد، وأعرب العديد من البرازيليين عن غضبهم عندما وقفت السيدة تامر بجانب زوجها في حفل التنصيب باعتبارها رمز للتفاوت الاجتماعي الهائل في البلاد، وعلق أحد الجماهير "أنظروا إلى هذه السيدة، يبدو أننا سندفع ثمن رحلات تسوقها في ميلانو وباريس"، وأضاف آخر " عظيم ، يبدو أنه ليس هناك أمل للحد من الدين العام، نفقاتها تنبئ بذلك"، ولا يبدو أن هذه التعليقات لفتت نظر مارسيلا.
ورفضت السيدة تامر التنازل عن أسلوب حياتها المترفة مع حالة الركود في البلاد وفقدان الملايين لوظائفهم وأعمالهم الخاصة، وعندما تولى مايكل منصب نائب الرئيس عام 2011 وأعطى مفاتيح مقر إقامته الرسمية طلبت السيدة تامر قائمة بعدة ملايين من الترميمات والتجديدات قبل الموافقة على الانتقال إلى المنزل لتجعله ملائما لطفلها الصغير، وشملت التجديدات تحسينات في بركة السباحة في قصر غابورو ودُفعت كلها من المال العام، وبقيت السيدة مارسيلا في منزل عائلة تامر والذي يبلغ ثمنه 2 مليون أسترليني في ساو باولو لمدة عام برفقة والدتها، بينما عاش زوجها في برازيليا بمفرده وكان يزور مارسيلا وطفلهما في عطلة نهاية الأسبوع، وزادت قائمة المدفوعات من الخزانة العامة بعد انتقالها إلى هناك.
وتملك العائلة المكونة من 3 أفراد 4 خادمات لغسل وتنظيف الملابس، وعندما أصرت مارسيلا على أن تعيش شقيقتها الصغرى ووالدتها معها في العاصمة برازيليا اشترى زوجها مايكل قصر مكون من 5 غرف للنوم في نفس الشارع الذي تعيش فيه بتكلفة 1.5 مليون أسترليني، واستأجر عقار آخر مكون من 4 غرف للنوم بالقرب منه بتكلفة 5 ألاف أسترليني شهريا بحيث تكون بالقرب منهم، وعندما زارت العائلة ساو باولو في عطلة نهاية الأسبوع أصروا على وجود جيش من الموظفين بدوام كامل في المنزل هناك، واستُخدم المال العام مرة أخرى لاستئجار منزل بالقرب من منزل العائلة في حي ألتو دوس بينهيروس المترف مع 52 موظفا بما في ذلك فريق من الحرس الشخصي للنخبة، وبلغت التكلفة الإجمالية لمنزل الدعم لعائلة تامر أكثر من 20 ألف أسترليني شهريا.
وبيّن المراقبون أن الأم نورما والشقيقة فرناندا يعيشان الأن حياة مترفة على نفقة السياسي المليونير، ويتم مشاهدتهم بانتظام يمرحون في مراكز التسوق الفخمة، وفي حين كانت مارسيلا ووالدتها وشقيقتها يقومون بعلاج الوجه والشعر والأظافر وأعمال التجميل الخاصة بهم إلا أنهم توقفوا عن الذهاب لمراكز التجميل في ظل تردد شائعات بأنهم اتفقوا مع فريق من المحترفين للقيام بهذه المهمة في المنزل، ويتناسب ذلك مع شخصية السيدة تامر كما يتذكر أصدقاء طفولتها، وقالت صديقتها ثاثياني فيراز بيريرا (31 عامًا) " عندما كنا صغار كنا نقلد نجمات تليفزيون الأطفال البرازيلي وكانت مارسيلا من أكثر المهتمات بذلك في ملابسها ومكياجها وكانت تقضي المزيد من الوقت أمام المرآة وأعتقد أنها لا زالت تتفاخر بذلك".
وبدت نورما (62 عامًا) المُطلقة أصغر 30 عاما عن ابن زوجها بعدما كشفت الإنترنت عن جراحة التجميل التي أجرتها حول عينيها، كما نشرت صورة لنفسها وهي تستمتع بالرحلات الدولية فئة الدرجة الأولى، وانضمت لشقيقتها مارسيلا وابنها في يوم عطلة التسوق في نيويورك ويوم آخر في ميامي فقط للاحتفال بيوم الطفل البرازيلي، وأطلقت شقيقتها فرناندا صور عارية تقريبا لها في لقطات لمجلة بلاي بوي لكنها انسحبت من الصفقة في اللحظة الأخيرة تحت ضغط من شقيقتها مارسيلا ولم تُنشر الصور لكنها تسرب عبر الإنترنت فيما بعد في ظروف غامضة، وحتى عندما تذهب مارسيلا للعشاء فيتم مقارنتها بالمشاهير الأكثر تكلفة، وعندما ذهبت للعشاء مع زوجها في مطعم Antiquarius قامت بإغلاق المطعم بالكامل بدلا من أن تتشاركه مع غيرها من الأشخاص، وأفادت تقارير بوجود 4 من الحرس الشخصي واحد في المطبخ وأخر في الحمامات وثالث عند مدخل غرفة الطعام والأخر في غرفة تناول الطعام للتأكد من عدم مقاطعة الزوجين أثناء العشاء.
وتحظى مارسيلا بوجود مربية وطباخة وخادمتين لها ولوالدتها وشقيقتها لمساعدتها على الاعتناء بابنها "مايكلزينيو" وعمره حاليا 7 سنوات، ومع بداية المدرسة تُكلف أحد الموظفين بتمشية كلبها الذهبي "ثور"، ويزدحم جدول السيدة الأولى بمواعيد شبة يومية بعلاجات الشعر والأظافر والجمال وجلسات مع مدربين وجلسات للأمراض الجلدية والتناسلية وأخصائيي التغذية فضلًا عن وجبات الغداء باهظة الثمين ورحلات التسوق، ويرافقها دائما 5 من الحرس الشخصي، وأوضح أحد أصدقائها أنها لن تحب التخلي عن أسلوب حياتها من أجل دورها الرسمي الجديد.
وتقول صديقتها باتريشيا ناكاهودو التي عملت طبيبة للأمراض الجلدية لمارسيلا " إن روتينها اليومي فعلا أشياء عادية مثل الانتقال إلى مراكز التسوق وشراء ملابسها الخاصة، ولا تملك مارسيلا متخصص لتنسيق ملابسها لأن لديها أسلوبها الفريد في الملابس، ولا أعلم هل ستختلف الأمور حاليا، ولكنها ليست المرأة التي تبقى في المنزل"، وتشير السيرة الذاتية لمارسيلا إلى عملها كموظفة استقبال فضلا عن حصولها على مركز الوصيفة في مسابقة للجمال.
وعاشت مارسيلا عندما كان عمرها 19 عاما في بلدتها باولينا والتي تبعد 70 ميلا عن ساو باولو عندما التقت لأول مرة بزوجها مايكل تامر الذي كان عضو معروف في الكونغرس حينها وكان ضيف شرف في إطلاق ترشيح أحد السياسيين المحليين عام 2002، وكانت مارسيلا الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة ملكة جمال مدينة باولينا ذلك العام برفقة عمها الذي شجعها على التقاط صورة مع رجال الكونغرس، وغادرت الحدث بعد حصولها على صورة ورقم هاتف السياسي الشهير، وبعدها أرسلت مارسيلا رسالة إلكترونية إلى مكتب تامر والذي أحلها إليه بالفاكس وازدهرت الرومانسية بين الإثنين.
ويقال أن نورما والدة مارسيلا كانت برفقتها في أول موعد لها مع تامر والذي قيل أن ثروته تقدر ب 3 مليون أسترليني، وتزوج الإثنان بعد عام وظل العرس سرًا ربما خوفا من حديث الناس عن علاقتهما غير المحتملة، وتم دعوة 20 ضيفا فقط لحفل الزفاف السري، وتعد زوجة مايكل الجديدة أصغر ب 10 سنوات عن أبنائه من علاقات سابقة وتبلغ أعمارهم 43 و 45 و47، إلا أن والدها كارلوس أروغو الذي انفصل حاليا عن والدتها اعتبر أن منتقدي ابنته يغارون منها بعد حصولها على زوج مليونير، وأضاف والدها في مقابلة معه " يقول الناس هذا الكلام لأنهم يحترقون من الغيرة، وأنا لست نادما على لقاء ابنتي بمايكل، وابنتي سعيدة ومحافظة بالخدم وهي تعرف أنها زوجة نائب الرئيس وأنها ليست النجمة".
وأصبح مارسيلا مثار للحوار الوطني عام 2011 في حفل تنصيف الرئيس روسيف حيث ظهرت جنبا إلى جنب مع نائب الرئيس الجديد، ولاحظت الكاميرات وجود وشم على مؤخرة رقبتها يحمل اسم زوجها وابنها، وانطلقت الصحف في الحديث عن مارسيلا وأصبحت مثار للجدل على تويتر في البرازيل وقارنتها الصحف بكارلا بروني وجاكي كينيدي، حتى اضطر السيد تامر للتوضيح في مقابلة أن زوجته ليست مثل سيدة فرنسا الأولى ليصرف نظر اهتمام وسائل الاعلام عنها قائلا " إنه أمر شخصي وسري للغاية إنها زوجتي ووالدة ابني"، ولم ينته الأمر حيث قام بنشر كتاب شعر بعنوان " ألفة مجهولة" بواسطة مارسيلا بعد عام، وظهر فيه السياسي (72 عاما) متحدثا عن استنفاذ جهده بسبب حياته الجنسية، وبعدها بوقت قصير زعم مصدر غامض حصوله على 18 صورة لمارسيلا بملابس عارية مطالبا زوجها ب 5 آلاف أسترليني لاستعادة الصور، ورفض تامر الدفع وعُرضت الصور فيما بعد على الصحفيين مقابل 2500 أسترليني.
وكشفت مشاركة مارسيلا فيا لحياة العامة عن حياتها الشخصية، ففي خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة عام 2012 قررت مارسيلا عقد معرض لمجوهرات زوجات قادة العالم، وأظهرت مجوهرات مصنوعة من الأحجار الكريمة بقيمة تصل إلى 10 آلاف أسترليني لكل منها، واضطر نائب الرئيس الشهر الماضي للتعامل مع واقعة أخرى محرجة بعد أن استطاع هاكر الحصول على 3 صور حميمية من هاتف مارسيلا وطالب ب 70 ألف أسترليني لاستعادتهم، وأبلغ تامر الشرطة وألقى القبض على الهاكر الأسبوع الماضي قبل تسريب الصور، ولعل أكبر التحديات التي يواجهها تامر محاولة كبح جماح زوجته كرئيس لبلد في حالة تقشف في ظل محاولاته لكبح جماح الإنفاق المفرط.
وذكر تامر أثناء مراسم أداء اليمين الدستورية لتوليه منصبه الأسبوع الماضي " أولا وقبل كل شئ نحن بحاجة إلى تحقيق التوازن في الإنفاق العام لدينا حتى نتمكن من إعادة النمو"، وأطلقا لناخبون على تامر لقب "بتلر" وهو إحدى الشخصيات في فيلم رعب ولديه زوجه براقة تعيش حياة البذخ بلا حياء، إلا أن مشاكل البرازيل أعمق من ذلك بكثير وتستغرق وقتا أطول لإصلاحها، حيث ارتفعت نسبة البطالة عام 2015 وتوقع الاقتصاديون تضاعف أعداد العاطلين عن العمل الأشهر المقبلة، ويعد ثلث البرازيل من العاطلين عن العمل لأكثر من ستة أشهر وهي أعلى نسبة شهدتها البلاد خلال 10 سنوات، ومن المتوقع أن يفقد أكثر من 2 مليون برازيليا إعانات البطالة بحلول يونيو/ حزيزان وبالتالي من المحتمل دفع مئات الآلاف من الأسر إلى ما دون خط الفقر، وأعلنت العام الماضي أكثر من 191 ألفا من الشركات عن إفلاسهم، كما انكمش الناتج الإجمالي لمحلي للبرازيل بنسبة 3.8%.
وتعاني البلاد من عدة أزمات أخرى بما في ذلك أكبر كارثة بيئية في عام 2015 عند انهيار سدين معدنيين ما أطلق 50 مليون طن من الرواسب السامة فذلا عن مواد كيميائية مثل الزرنيخ والزئبق في واحد من الأنهار الرئيسية للبلاد، ولعل الأمر الأكثر إلحاحا هو وباء فيروس زيكا الذي لا يزال يجتاح البلاد حيث أعلنت حالة الطوارئ الصحية العالمية من قبل منظمة الصحة العالمية، وأصيب بالفعل ما يقدر ب 1.5 مليون شخصا، وتشير أحدث الإحصاءات إلى وجود 1113 حالة تشوه دماغية أدت إلى صغر رأس الأطفال حديثي الولادة منذ أكتوبر/ تشرين الأول، بالإضافة إلى فحص 4000 حالة أخرى محتملة جاري فحصها إلا أن الأموال المخصصة لمواجهة فيروس زيكا أقل 16 مرة مما تم إنفاقه على استضافة دورة الألعاب الأوليمبية في ريو دي جانيرو والتي ستبدأ في 5 آب/أغسطس.
وتعتبر دورة الألعاب الأوليمبية التي تكلفت أكثر من 7 بليون أسترليني صداع آخر للبرازيل التي كانت يوما من مزدهرة، وبيعت فقط 7.5 مليون تذكرة في ظل زيادة جرائم العنف في ريو والمخاوف من وباء زيكا والارهاب والاحتجاجات السياسية في البلاد، ونُشر تحذير عالمي للسيدات الحوامل ينصحهم بعدم السفر إلى البرازيل، وهناك احتمال لتصاعد العنف في الشوارع في ظل حالة الغضب وعدم اليقين السياسي وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء واشتباكات أنصار اليمين واليسار، والشيء المؤكد أن هذه الاضطرابات لن تؤثر على مارسيلا تامر.