برلين ـ جورج كرم
حذّرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من الحمائية والوطنية المتصاعدة في جميع أنحاء العالم والتي تهدد الديمقراطية، وذلك في هجوم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ أكدت أن ذلك يقوض تماسك أوروبا ويهدد بعودة العالم إلى عقلية الحرب الباردة، ومن دون تسمية ترامب بشكل صريح أو أجندته القومية الحمائية، أخبرت ميركل زملائها المحافظين في حدث لمؤسسة كونراد أديناور في برلين أن الاتحاد الأوروبي وألمانيا يواجهان لحظة فاصلة.
وهدد ترامب بسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية، مما قد يقوض أحد أسس الاقتصاد العالمي الحديث، والذي كان لواشنطن دور أساسي في خلقه، كما شكك الملياردير الذي تحوّل إلى الرئيس في قيمة حلف الناتو، الذي يمثّل محور التعاون الأمني عبر الأطلسي منذ ما يقرب من سبعة عقود.
وأدلت ميركل بهذه التعليقات بعد يومين من رفض الرئيس الأميركي للعولمة، ووصفه لأميركا أولًا، في خطاب للأمم المتحدة، وقالت ميركل "ربما يكون التطور الأكثر خطورة بالنسبة لي هو أن التعددية قد تعرضت لضغوط من هذا القبيل. أوروبا تواجه هجمات من الخارج ومن الداخل".
ووصفت ميركل التي نشأت في ألمانيا الشرقية الشيوعية القديمة نهاية خطاب الحرب الباردة قائلة إنها لم تتوقع أن يواجه العالم صدامًا إيديولوجيًا مماثلًا بين الانفتاح والانعزالية مرة أخرى، وأضافت "لم أكن أتوقع أن يكون هناك تضارب في الأنظمة المختلفة مرة أخرى، كما لدينا اليوم مع الصين، ولكن أيضًا في مجال التعامل مع البيانات يوجد الولايات المتحدة, لقد حان وقت اتخاذ القرارات حيث تتطلب الأشياء الواضحة".
وأضافت ميركل أنه من الصعب تحقيق نتائج الفوز المتبادل إذا كان البعض يقترب من حل الخلافات بموقف يتخذ فيه منصب الفائز، وقالت "عندما نقدم التنازلات، تصبح الديمقراطية في خطر، فالانضباط الأسمى للديمقراطية هو إيجاد توازن بين المصالح المختلفة."
وجاء تحذيرها بعد تقرير للمعاهد الاقتصادية الرائدة في ألمانيا والذي قال إن أي تصعيد في الاحتكاك التجاري الذي تنطوي عليه الولايات المتحدة يمكن أن يتسبب في حدوث ركود كبير في ألمانيا وأوروبا.
وأُجبرت ميركل على الابتسام , بينما كانت تُحيي الرئيس الجديد للفصيل البرلماني لحزبها، الذي أطاح بحليفها الوثيق فيما يمكن أن يشير إلى بداية النهاية للمستشارة الألمانية.
و فاز رالف برينكهاوس بزعامة كتلة البوندستاغ CDU وهو منصب رئيسي في تأمين التشريعات الحكومية، بعد انتخابات حزبية داخلية يوم الثلاثاء, وكان سلفه فولكر كاودر قد شغل المنصب منذ أن أصبحت ميركل مستشارة في عام 2005 وكانت واحدة من أقرب حلفائها السياسيين.
وكان في الوقت الذي سارع فيه برينكهاوس إلى القول إنه كان وراء المستشارة، ينظر الكثيرون إلى فوزه على أنه ثورة صغيرة قام بها اتحاد المحافظين لزيادة الضغط على ميركل.
وبذلت ميركل قصارى جهدها للحشد الانتخابي، وفي النهاية هنأت برينكهاوس وتعهدت بالعمل معا لتحقيق الأهداف المشتركة، لكنها اعترفت بخيبة أملها من النتيجة، قائلة "هذه هي الطريقة التي تعمل بها الديمقراطية، وأحيانًا تكون هناك خسائر، ولا توجد طريقة لإصلاحها".
و قام وزير الداخلية هورست سيهوفر، وزعيم حزب الولاية ألكسندر دوبريندت، بإلقاء ثقلهما خلف برينكهاوس.
ودعت شخصيات المعارضة على الفور إلى إجراء تصويت بالثقة في البرلمان وهو ما قاله المتحدث باسم ميركل، ستيفن سيبرت، إنها لا تنوي القيام به، يوم الاربعاء.
وترأست ميركل حكومة ائتلافية مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي من يسار الوسط، ولكن مع وجود أزمتين كبيرتين بالفعل منذ مارس/ آذار، بدأت ثقة الجمهور في ما يسمى بـ "الائتلاف الكبير" تتضاءل، وفي يوليو / تموز، اشتبكت ميركل مع وزير الداخلية وشريكها في التحالف هورست سيهوفر، بسبب سياسة الهجرة.