أوضح تقرير للبنك الدولي بعنوان "عمل المرأة والقانون"، أن 79 دولة من مجموع 143 دولة خضعت للبحث لديها تشريعات قانونية تمنع المرأة من مزاولة مهن معينة يعمل بها الرجل. وأوضح التقرير، الذى صدر أول أمس، أن قرابة 90% من مجموع الدول التى خضعت للبحث مازال فيها قانون واحد على الأقل يحرم المرأة من وظائف معينة أو فتح حساب مصرفى أو الحصول على رأسمال أو اتخاذ قرارات مستقلة. وتتركز هذه الدول بالأساس فى أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى. فعلى سبيل المثال فى روسيا تعتبر قيادة الشاحنات فى القطاع الزراعى واحدة من بين 465 مهنة تمتنع عن مزاولتها النساء. أما فى روسيا البيضاء فلا يمكن للمرأة العمل بأعمال النجارة، وفى كازاخستان لا يمكنها أن تعمل فى مجال لحم المعادن. كما أظهر التقرير، أن 28 دولة بها عشرة أوجه للتمييز القانونى أو أكثر بين حقوق الرجال والنساء وأن نصف هذه الدول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و11 دولة منها فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء. وهناك ثمانية فئات من المهن تبتعد المرأة عن مزاولتها وهى: التعدين، البناء، الصناعات المعدنية، العمل فى المصانع، المهن التى تحتاج إلى حمل أوزان ثقيلة، المهن شديدة الصعوبة، وشديدة الخطورة أو غير المناسبة لطبيعتها كامرأة. ومن المؤسف أن هذه المهن هى التى تجلب أعلى الدخول. ومن ناحية أخرى تمنع بعض الدول النساء من الالتحاق ببعض المهن لأسباب أخلاقية، مثل العمل لساعات متأخرة ليلا، كما أنها تترك لصاحب العمل حرية تحديد ما هو أخلاقى وما هو غير أخلاقى. وفى موريتانيا مثلا لا يحق للشركات تكليف امرأة للقيام بأعمال تفوق قدرتها البدنية أو تتسبب لها فى أذى جسدى أو معنوى. كما كشف التقرير، أنه فى 15 دولة على الأقل من الدول التى خضعت للدراسة لا يمكن للمرأة أن تعمل دون الحصول على إذن من زوجها حيث يعطى القانون للأزواج فى هذه الدول الحق فى منع زوجاتهم من العمل. ومن بينها السعودية، سوريا، الجابون، بوليفيا. وفى غينيا على سبيل المثال يتوجب على المرأة اللجوء إلى المحاكم من أجل إلغاء قرار زوجها بمنعها عن العمل تحت مسمى " الحفاظ على المصالح العائلية". وفى هذا السياق، رصد البنك الدولى، أن هناك عددا من الدول الغربية قد تأخرت فى تطبيق مبدأ المساواة فى الحقوق بين الرجل والمرأة، ومن بينها أسبانيا التى سمحت فقط عام 1981 للمرأة بالعمل فى مجال القضاء دون الحصول على موافقة زوجها. ووفقا للتقرير، فإن هذه القوانين "الغامضة"، التى شرعت بالأساس بهدف "حماية حقوق المرأة"، لا تعدو كونها مجرد قوانين هشة تكرس التمييز بين الرجل والمرأة وتضيق على الأخيرة مجال اختيار الوظائف. وعلى صعيد آخر، رصد التقرير بعض الإنجازات المتعلقة بأوضاع المرأة فى العمل على مستوى العالم، حيث أوضح أن حقوق المرأة تحسنت بدرجة كبيرة على مستوى العالم فى السنوات الخمسين الماضية حيث بدأ العديد من الدول فى إزالة القيود القائمة منذ زمن طويل والتى تحد من قدرة المرأة على المشاركة بشكل كامل فى الاقتصاد. كما أوضح، أنه خلال عامين تم تغيير نحو 48 قانونا فى 44 دولة بهدف تعزيز التكافؤ بين الرجل والمرأة فى سوق العمل، مشيرا إلى أنه فى أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبى وإفريقيا جنوب الصحراء وشرق آسيا جرى تخفيض القيود القانونية بمقدار النصف منذ عام 1960. فعلى سبيل المثال تمكنت المرأة فى كوت ديفوار منذ العام الجارى من العمل دون الحصول على إذن من زوجها، بينما ألغت الفلبين الحظر على عمل المرأة ليلا وزادت الجمهورية السلوفاكية نسبة الأجور التى تدفها للمرأة خلال أجازة الأمومة. غير أن هذه الإنجازات تتفاوت من منطقة إلى أخرى حيث سجلت منطقة الشرق الأوسط أقل تقدم وتراجعت بعض الدول مثل السعودية التى وضعت على قائمة الدول التى حققت أقل تقدم من حيث الفرص الاقتصادية للمرأة، وإيران التى سمحت للأزواج بمنع زوجاتهم من العمل وقيدت حركة المرأة وعملها فى القضاء.