لكي يبقى عالم «الام والطفل» عالماً شعرياً فلنهيّئ «أمّاً» تهيئة صالحة تستطيع هي، بدورها، أن تعدّ طفلا يغدو، فيما بعد مواطناً صالحاً وإنساناً كريماً. يمكن القول إن الطفل صورة أمه، خصوصاً أنّ المنزل هو بمثابة المدرسة الأولى للولد، والأم فيه، هي المعلم الاول لطفلها. ولذلك تكون الأم مدعوّة الى أن تخاف على طفلها، بهجة الدنيا وبلسم جراحها وفلذة كبدها، والذي يمنحها الامل بإبتسامته. وعليها إيلاء تربيته أيضاً المزيد من الاهتمام لأنّه متى ساءت تربيته يغدو الوطن فاشلاً بمواطنيه. وتُعتبر المدرسة المساعد الأكبر في التنشئة في مسلسل الطفولة الرائع، حيث لا تقلّ رعاية المدرسة للطفل عن رعاية الأم له. فكلتاهما مؤهلتان لأن تمثلا دورهما بنجاح كبير إذا وجدت الارادة الطيبة، والحرص على الوفاء للعمل الرسولي هذا. فالمعلمة هي لتلميذها الامّ الثانية! ذلك يعني أنها المعلمة المربية! فهي مدعوّة أيضاً بإلحاح، لأن تربيه وتهذبه فتنمي في أعماقه بذور الحب، والحق، والجمال، والكرم، والشجاعة، والذوق، والعنفوان، الى جانب سعيه وراء شتّى العلوم.الأمّ والمدرسة مؤسستان تصغر دونهما جميع مؤسسات الارض، ومؤسسات الدنيا كلها لا تستطيع أن تنشِئ مثل الأمّ والمدرسة. من هنا تبرز رعاية الطفل في طليعة مَن تجب رعايته، حيث يتأثّر الطفل بمحيطه، ما يرتّب على الامّ تأمين الحبّ والحنان والعطف له وتربيته في جوّ عائلي يسوده التفاهم، الامر الذي يحميه من الاضطرابات النفسية وخيبات الأمل التي تؤثّر في سلوكه ونشأته. وبما انّ الطفل قادر بذكائه على التمييز بين الحب الحقيقي والحبّ الكاذب، فعلى الامّ أن تؤمّن له الحبّ الصادق المبني على أسس الاحترام الكامل لشخصه ولحرّيته ما يخوّله التحكّم بعواطفه وإنفعالاته. كذلك، على الامّ أن تحرص على فرض أطر التواصل السليم بينها وبين إبنها، تواصلاً مبنياً على الثقة، فيشعر بأنّه يمكنه الاعتماد عليك متى دعت الحاجة ولا يكون بالتالي حبّك مكبّلاً له يمنعه من تحقيق ذاته. أمّا اهمّ ما يمكنك توفيره كأمّ لطفلك فهو إيجاد طرق سليمة تساعده على حلّ مشاكله وتوجّهه تدريجاً نحو الحياة.