لندن ـ مصر اليوم
قد تميل المرأة بطبيعتها الأنثوية إلى الرجل الوسيم الطويل الذي بإمكانه أن يغمرها بعطفه وحنانه واحتوائه وربما تظن أن الرجل القصير قد لا يشعرها بالأمان، لكن ثمة سببًا آخر يدفع المرأة إلى تفضيل الرجل الطويل؛ لأنه أكثر خصوبة وتكون لديه قدرة على الإنجاب أكثر من القصير، فضلاً عن إشباع حاجتها النسائية، بجانب تأكدها من أن أبناءها سيكونون فارعي الطول كالأب، لذلك لا تفكر المرأة في الارتباط بالرجل القصير، إلا لتعذر العثور على الطويل الذي يمثل بالنسبة إليها القوة والسطوة. إن المثير في دراسة أجرتها جامعة ليفربول الإنكليزية، هو أنها وضعت اليد على السبب الطبيعي والخفي وراء ذلك التفضيل وهو أن الرجل الطويل أكثر خصوبة، وأكثر سخاء من الناحية العاطفية من الرجل القصير. وجاء هذا الاستنتاج خلاصة لدراسة تفصيلية لأحوال 54 رجلا تتراوح أعمارهم بين 25 و60 سنة، ونشرت تفصيلات الدراسة المثيرة على صفحات مجلة «نيتشر العلمية» الأكثر صدقية في العالم، ويقول باحثون: إن الرجل الطويل أكثر نجاحاً في اكتساب قلب المرأة، وإشباع حاجاتها، وأن أمنية المرأة في الارتباط برجل فارع الطول له أسباب طبيعية تدور في فلك نظرية الانتخاب الطبيعي والحيوية. ويقول الباحث إم دونبر، الذي شارك في الدراسة: نحن نعلم من قبل أن الطوال من الرجال عموماً هم الأكثر نجاحاً من النواحي الاقتصادية والاجتماعية ومن حيث الذكاء والعلاقات العامة، والقدرة على اغتنام الفرص، وما إلى ذلك، لكننا اكتشفنا بعد هذه الدراسة أن كل تلك النجاحات تنتقل عبر الأجيال على بساط المنظومة الوراثية، وذلك على شكل خبرات متراكمة مرتبطة بالجينات التي تشير إلى طول القامة. نتائج غريبة وعلى سبيل المثال وجد الباحثون أن الرجال الذين لم يرزقوا بأطفال على الإطلاق تقل أطوالهم بمعدل 4 ـ 5 سنتيمترات عن الرجال الذين رزقوا بطفل واحد على الأقل، وثمة فارق مشابه يشير إلى أن الرجل الطويل أكثر قدرة على إشباع الحاجات العاطفية للمرأة. ولكن ما دام الأمر كذلك، فلماذا تتحدث المفاهيم الشعبية عن علاقة طول القامة بالسذاجة، وأحيانا «الهبل»؟ هذا السؤال يجيب عنه الخبير دونبر، بقوله: عندما نتحدث عن الرجل الطويل، فنحن لا نعني أولئك الذي تزيد أطوالهم كثيراً على المستوى المعقول، إذ أن أولئك الرجال ربما يكونون نتاج خلل مرضي، يؤثر في بنائهم الجسماني، وخصوبتهم أيضاً. وتشير الدراسة إلى أن رجال الفئة العمرية التي تدور حول أواخر الخمسينات، هم الأقل تأثراً بقانون تفضيل المرأة للشريك الطويل، وذلك نابع حسب قول الخبراء، عن أن تلك الفئة من الرجال دخلوا سن الزواج بعد الحرب العالمية الثانية، حين كان الموجود من الرجال قليلا، في مقابل الطلب المرتفع! وتؤكد النظريات العلمية أن الشخص - رجلاً كان أو امرأة - يحتكم إلى مؤشرات ذاتية أصيلة، فضلا عن آلاف الخبرات والمؤشرات الحياتية في اختيار شريك حياته، وعندما تختار المرأة الرجل الطويل، فهي لا تسعى إلى الطول بحد ذاته، بل ترنو بعفوية، ومن دون وعي ظاهر إلى الخصائص التي تقبع وراء ذلك الطول، وهي إما الجينات الوراثية التي ستضمن إنجاب أطفال فارعي الطول، وإما البنية الصحية الناجمة عن التربية في ظروف عائلية صحية، وذات وفرة غذائية. ومع أن العلماء يختلفون حول تحديد الأسباب الكامنة وراء ذلك (بعضهم يركز على الجينات، والآخر يركز على البيئة) إلا أنهم يتفقون على أن ما يدور في لا وعي المرأة عند تفضيلها الرجل الطويل هو القوة، إذ إن الرجل الفارع مرتبط في الوجدان العميق للمرأة بالقوة والسطوة، والقدرة على حمايتها وتوفير أسباب السعادة لها، عكس الرجل القصير الذي يفتقد لمثل هذه الصفات حسب اعتقاد المرأة، فهي تقبل على رجل يشبع رغباتها، يملأ فراغها، ولا تعتقد أنه رجل آخر غير الذي توسمت في قسماته الجسمانية. اتجاهات المرأة وتقول الباحثة الاجتماعية مي عبدالرحمن وهي تعد رسالة الماجستير بعنوان «المرأة ودورها في المجتمع بين القهر والحرية» وقد خصصت فصلا في هذا البحث حول اتجاهات المرأة نحو الرجل، إن نظرة المرأة للرجل قائمة أولا على الاحترام والتقدير والقناعة بدورها في الحياة وليس البحث عن الرجل الطويل، فالأمر لا يقوم على الشكل والمظهر بل الأفكار التي تحكم السلوك وتساعد على اتخاذ القرار. ومن الجانب العلمي يرى علماء الاجتماع والسلوك النفسي أن القضية قد تكون عبارة عن رغبات تتصارع داخل كيان المرأة، التي تحلم دائما برجل تحتمي به وتلجأ إليه وينقذها من المحن أو مواقف الحياة الصعبة ولذلك ارتبطت صورة هذا الرجل في خيال المرأة بأنه طويل وله بدن رشيق وقدرة على التصرف في الأمور الصعبة كأنه الفارس أو البطل الذي لا يقهر. ولذلك لا يمكن وضع معايير ثابتة لاتجاهات المرأة للرجل الطويل حتى وإن كان يحمل مقداراً من الخصوبة أكثر من الرجل القصير، فالعلم لم يحدد ذلك حتى الآن ولكن علينا ألا نعول كثيراً على هذا الاتجاه. ويقول د. ابراهيم مصطفى العربي عن هذه البحوث والآراء حول اتجاه المرأة إلى تفضيل الرجل الطويل إن الأمر ليس إلا حباً في الشكل والمظهر فكل امرأة لا شك تتمنى رجلا رياضياً رشيقاً طويل القامة وتشعر بجواره بأنها فخورة بهذا الرجل وتتيه إعجابا به وتظل متعلقة بشكله وبدنه ورشاقته. أما عن كونه أكثر خصوبة فما زال الأمر مجرد تكهنات وآراء يطلقها بعض الباحثين ولكني أعتقد أن سر جاذبية المرأة للرجل الطويل نابعة من إحساسها بأنه مصدر الأمان والاحتواء والحنان ولكن هذا الرأي ليس مقياساً لأننا نعرف كثيراً من الرجال الذين يتمتعون بنسبة كبيرة في الطول أكثرهم قساة القلب أو يميلون إلى العنف أو لا يشعرون إطلاقا بمشاعر المرأة ولذلك الأمر ما زال في حاجة إلى دراسات عميقة وليس مجرد استبيانات وآراء.