مدوّنة الأسرة في المغرب  لم تعد بالنسبة إلى الحركة النسائية تشكل مكسباً، بالنظر إلى كم التناقضات التي تحملها والثغرات الموجودة في عدد من نصوصها والتي فتحت الباب لمجموعة من الاختلالات التي أفضت إلى تعميق مشاكل الأسرة بدل الحد منها،ذلك ما أكدته الناشطة المدنية عاطفة تمجردين ورأت أيضاًَ أن المدونة أدت  تراكم عدد من الملفات والقضايا التي تهم ثبوت الزوجية والنيابة الشرعية وتدبير الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج، وهي قضايا تقول المنسقة الوطنية لشبكة «أنا روز» كان من المفترض أن تكون منتهية مع إقرار المدوّنة، لكن العكس هو الذي حصل بسبب التحايل على بعض الفصول التي يأتي على رأسها الفصل الـ 16 الذي تم استغلاله بشكل شنيع. كلام منسقة شبكة «أنا روز» التي تضم مراكز الاستماع إلى النساء ضحايا العنف والمكونة من 44 جمعية، جاء  خلال اللقاء التواصلي الذي نظم أخيراً في الرباط تحت عنوان مدوّنة الأسرة والدستور. وقالت أيضًا إنه  أصبح من الضروري إرساء هيئة عليا لإصلاح منظومة العدالة، تعمل على إخراج المغرب من متاهة البحث عن نقطة انطلاق إصلاح العدالة التي لم تعد عادلة بل أصبحت  ظالمة. ثغرات مدوّنة الأسرة ويأتي تنظيم هذه الندوة بعد مرور سنتين على وضع دستور 2011 وتسع سنوات من إصلاح مدوّنة الأسرة التي اعتبرت في حينها  مستجيبة لمطالب الحركة النسائية. إلا أنه وأثناء التطبيق، خلص الجميع إلى وجود ثغرات وعراقيل، فكان من الضروري معالجتها، وهو الأمر الذي ساهم الدستور في التأسيس له من خلال إصلاح النصوص القانونية في أفق الملاءمة بين التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية ووضع سياسات عمومية كفيلة بالنهوض بالحقوق الأساسية للنساء، وكذلك إرساء الآليات والمؤسسات القادرة على الحماية من كل أشكال التمييز. وتضمنت المذكرة حسب مجلة " لها "  التي تقدمت بها كل من شبكة  «أنا روز» والجمعية الديموقراطية لنساء المغرب للهيئة العليا للحوار الوطني من أجل إصلاح منظومة العدالة مجموعة من الملاحظات التي رصدت النواقص وتداعيات الاختلالات الموجودة في فصول مدوّنة الأسرة سواء على مستوى الصياغة أو على مستوى الإعمال، وذلك حال الفصل الـ 16 المتعلق بثبوت الزوجية والذي يتم العمل به في إطار فترة انتقالية مدتها 10 سنوات لمصلحة الآلاف من الأزواج القرويين على الخصوص والذين لم يتمكنوا من من توثيق علاقاتهم الزوجية لظروف قاهرة. ويلاحظ حسب المذكرة أن هذا الهامش يتم استغلاله بشكل تعسفي لأغراض تزويج القاصر وتعدد الزوجات عن طريق التحايل على مسطرة ثبوت الزوجية، وهو ما أكدته دراسة احصائية أنجزت في محاكم الأسرة الثلاث في مكناس وفاس وخنيفرة، قدمتها خلال الندوة السيدة إلهام الشرقاوي رئيسة جمعية مبادرات للنهوض بحقوق النساء -مكناس فنسبة 46 في المئة   من الأحكام الإيجابية لدعاوى ثبوت الزوجية تتعلق بفتيات قاصرات عند بداية العلاقة الزوجية . ويضاعف هذا الرقم اكثر من أربع مرات النسبة المسجلة وطنيا لزواج القاصرات عن طريق إذن المحكمة ، 10 في المئة  سنة 2011 حسب وزارة العدل، والتي تسبب قلقا كبيرا لكل المتدخلين المدنيين كما لوزارة العدل، و25  في المئة من الأحكام الإيجابية لدعاوى ثبوت الزوجية تتعلق بفتيات قاصرات لا يتعدى عمرهن 15 سنة عند بداية العلاقة الزوجية، و61 في المئة  من الأحكام الإيجابية لدعاوى ثبوت الزوجية التي تخص أزواجا بدون أبناء تتعلق بفتيات قاصرات عند بداية العلاقة الزوجية، وهذا الرقم يدحض تبريرات بعض رجال القانون الذين يزعمون حسب ما جاء في الدراسة الحفاظ على مصلحة الأبناء لدى قبولهم دعاوى ثبوت الزوجية المتعلقة بقاصرات. تلاعب بالقانون هذه الأرقام والمعطيات التي  أُدرجت  في المذكرة المطلبية التي اعتبرت بناء عليها أنها تبين للجميع بما لا يدع مجالا للشك أن المادة 16 كما هي معمول بها الآن، تتيح فرصة للتلاعب بقانون الأسرة الذي يحدد سن الأهلية القانونية للزواج بـ 18 سنة  للزوجين، و الشيء  نفسه يلاحظ بالنسبة إلى متلاعبين بالقانون يخرقون مقتضيات المواد الخاصة بالتعدد والتي لا تطالب المدعي بتقديم شهادة العزوبة ولا تلزم القاضي حتى باستفساره حول هذا الموضوع. ولكل هذا ومن أجل التصدي لممارسات لا قانونية ولا إنسانية، أفرزت آلاف الضحايا من الفتيات القاصرات والنساء التعيسات اللواتي يعانين من الخيانة الزوجية. ومن الضروري حسب المذكرة القول بلسان جماعي: لا للتلاعب بالفصل 16 من اجل تزويج القاصرات والتعدد ، ونعم للإعمال المنسجم والمتناغم لكل مقتضيات قانون الأسرة المغربية. ودعت المذكرة وزارة العدل إلى إصدار دورية إلى القضاة تحضهم على التأكد من وجود مانع  «مقبول وغير مناقض لنصوص القانون ومقاصد المشرع » حال دون توثيق الزواج في إبانه، وعلى توثيقه بنص الحكم القاضي بقبول دعوى ثبوت الزوجية» . وتمسكت  بضرورة حفظ حقوق جميع أفراد الأسرة من خلال ثبوت الزوجية ورفض الاستغلال اللاقانوني والإجرامي للمادة 16 من أجل تزويج القاصر.