الرياض ـ وكالات
حمَّل رئيس قسم اللغة العربية، وكيل الدراسات العليا والبحث العلمي، في كلية التربية بجامعة الحدود الشمالية، الدكتور صغير العنزي، الشعر العربي القديم، مسؤولية رسم صورة سلبية للمرأة العربية، حتى أصبحت نمطية. وقال العنزي، في محاضرة بعنوان «جناية الشعر القديم على المرأة.. وكيف قدّم وجهها الآخر»، ألقاها أمس الأول ضمن فعاليات الملتقى الثقافي الرمضاني، الذي تنظمه جامعة الحدود الشمالية: إن الشعر الجاهلي منذ معلقة امرئ القيس، ومروراً بالأموي والعباسي، قدم المرأة بصورة سلبية، وأصبحت بعد ذلك نمطية صدقها المجتمع الذكوري واستسلمت لها الأنثى، مثل صورة المرأة الرخيصة، وكذلك وصف المرأة بالغدر، ومع تعاقب الأجيال أصبح هذا الوصف راسخاً، وهي تؤمن بما قدمه الشعر. وأشار العنزي إلى أن المرأة إذا لم تكن أكثر وفاء من الرجل كما يقول الدافع، على الأقل ليست أقل منه وفاء. وبين أن الشعر العربي القديم، من خلال نفوذه وهيمنته على العقل العربي، وقف وراء النظرة الدونية للمرأة، موضحاً أن الاستهتار بالمرأة في الشعر ممتد منذ العصر الجاهلي، موضحاً أن امرأ القيس لم يكن متغزلاً، في معلقته، كما يبدو في الوهلة الأولى، بل كان يعرض لأمنع النساء ثم يظهر تهالكهن على الشهوة والسقوط، لافتاً إلى أن من يطالع المعلقة يجد كيف شكل ملامح المرأة العربية، التي بدت بلا إنسانية، فقد فشلت كأم مرضع وحامل ومخدرة في أن تقف أمام رغباتها، لا يردها عن ذلك خُلق ولا عاطفة، في الوقت الذي ظهر هو بطلاً يفتخر باختراق الممنوع، مشيراً إلى أنه ومن تلك اللحظة تعاور الشعراء تبرئة ساحة الرجل، وألصقوا الدنس بالنسوة، مع أن الغلطة واحدة والخطيئة مشتركة، لكن المرأة وحدها التي تحمل الإثم وتهدم الشرف. وأوضح العنزي أن هناك صورة سلبية أخرى اختلقها المجتمع الذكوري منذ الجاهلية ورمى بها المرأة، وهي صورة «الغادرة»، مؤكداً أن إلصاق تهمة الخيانة بالمرأة يعني تبرئة دائمة لساحة الذكر، وفي ثقافة كهذه تبقى الصورة النمطية عن المرأة تكاد تكون كالحقيقة؛ ما دام أن منتج النص ومتلقيه قد آمنا بذلك تمام الإيمان، وإن كانت الحقيقة خلاف ذلك. وبحسب العنزي، فإنه جرى تنميط صور الخيانة والنفعية الابتزازية، في الشعر القديم، مشيراً إلى أن الشعر لعب الدور الأخطر في التجني على صورة المرأة العربية وتشويهها، وقام بدور أشد شناعة في غرس الارتياب في عقل الرجل من تربص خيانة المرأة، ووتر العلاقة بين الزوجين قبل أن تبدأ؛ لأن هذه الثقافة الشعرية يسهل حفظها ونقلها عبر الأجيال المتعاقبة، وهي بدورها تنتج ثقافات نثرية تعضِّدها. وأسهم الشعر، طبقاً للعنزي، في صنع فجوة أبدية بين المرأة والرجل، مع أن هذه الأخلاق أو الأخطاء مشتركة بين الفريقين، بل ربما كان الذكر أبشع في ارتكابها؛ لكنه برَّأ نفسه من التهمة عن طريق إلصاقها بالمرأة، والواقع يقول إن كثيراً من النساء ضربت أروع الأمثلة في الحفاظ على أبنائها بعد تخلي زوجها أو وفاته، وبقيت تحفظ ذكراه في الوقت الذي كان الذكر أقل حظاً منها في الوفاء، لكن الشعر منتج الرجل لا المرأة، ولذلك أصرَّ على أن غدر المرأة هو وفاء لطبعها المتأصل الخيانة، ولذلك تعاور كبار إعلاميي العصر القديم نشر هذه المفاهيم. الشرق