دمشق ـ جورج الشامي
اتخذت الأعراس في سورية عامة ودمشق خاصة شكلاً مختلفاً مع تحول الثورة السلمية (بعد عام من انطلاقتها في آذار 2011) إلى ثورة مسلحة، ورغم أن تردي الوضع الاقتصادي وزيادة البطالة كان أحد الأسباب الرئيسية للتعديلات التي طالت الأعراس السورية بين تأجيل وإلغاء، إلا أن الاشتباكات المتواصلة في مختلف أنحاء البلاد، والقصف والطيران والرصاص، كانت عوامل مهمة في تعديل خطط عدد كبير من الشباب السوري في الارتباط والزواج.هذا وقد شهدت حفلات الأعراس في دمشق المحافظة السورية الأكثر أماناً حتى ترتيباً مختلفاً عن السابق، فأصبحت تبدأ السهرات في الثانية عشر ظهراً، وتنتهي في السادسة مساءً على أبعد تقدير، واختفت العراضة الشامية المعتادة لتحل مكانها عراضة عسكرية مستمرة ومن أصوات القصف والطيران، ليصبح الرقص في هذه الحفلات على أنغام رشاشات (الدوشكا) الروسية التي لا تهدأ في البلاد.فمن جانبها قررت سهير (25 عاماً) أجيل زفافها، رغم مضي أكثر من عامين على ارتباطها بمهند (30 عاماً)، وتقول لـ(مصر اليوم): "في البداية أجلنا حفل الزفاف على أمل أن تهدأ الأمور، ولكن مع مرور الوقت زادت الأوضاع سوءً، والآن من الصعب إقامة حفل زفاف، وفرح، وسط الأتراح التي تعم سورية طولاً وعرضاً، لذلك قررنا تأجيل الارتباط إلى أجل غير مسمى".أما روان ومحمد فقررا السفر إلى الأردن لإقامة حفل زفافهما "لم نعد نستطيع التأجيل أكثر، لذلك قررنا السفر إلى الأردن لإقامة حفل زفاف صغير، خاصة أن معظم الأهل والأصدقاء لا يستطيعون الحضور إلى الأردن لحضور الزفاف"، وتضيف (روان) لـ(مصر اليوم): "لقد أصرّيت على إقامة حفل زفاف فهي مرة في العمر، ولا أريد أن أفوتها، ولكن في ظل الوضع الحالي، قبلت بأن يكون زفافي صغيراً ومتواضعاً، تماشياً مع الظروف".و في داخل دمشق أقام هاني حفل زفافه في أحد الصالات، ولكن ظهراً، وقال: "الوضع الأمني متوتر جداً في دمشق، لذلك ارتأينا أن يقام الحفل ظهراً، فمعظم سكان دمشق بما فيهم الأهل والأصدقاء لا يخرجون من منازلهم بعد الساعة السابعة مساءً، كما أننا لم نستخدم الموسيقى أو العراضة أو أياً من الوسائل المعتادة في العرس الدمشقي احتراماً للدماء التي تسيل في سورية، واقتصر الحفل على تبادل (الخواتم)، وقطع قالب للحلوى، ومن ثم تبادل للتهاني وبطبيعة الحال على نحو خجول".بينما أقامت سهيلة (27 عاماً) حفل زفافها على وسام في بيت أهلها، لم يمر دون منغصات، فالمنطقة التي يقام فيها الحفل قريبة من أماكن الاشتباكات "أصوات القصف والرصاص حلّت بدلاً من أصوات الموسيقى"، في حين كان الحضور قليلاً "حضور المدعوين كان متواضعاً فالكل مشغول بتأمين لقمة عيشه، وبالبحث عن الأمان".في حين تزوج شهاب و مرام، دون أي حفل، " لا نستطيع إقامة حفلاً في ظل هذه الظروف، لذلك قررنا الزواج بهدوء، ومن دون أي ضجة". وتقول مرام لـ"مصر اليوم" "كنت أحلم دائماً بحفل زفاف كبير، وموسيقى ورقص، ولكن استشهاد أحد الأقارب، إضافة إلى الوضع الأمني في دمشق، حال دون ذلك، ولكنني لن أفوت هذه المناسبة، ومع تحسن الظروف، وتوقف العمليات العسكرية سأعود وأقيم حفل زفاف ضخم، وأحتفل كما حلمت دائماً". هذه الأوضاع الصعبة، كما ذكرنا لم تمنع بعض الشباب السوريين من إقامة حفلات زفاف بطريقة أو بأخرى، وفي الأشهر الماضية، تعرضت عدة حفلات زفاف لمشاكل متعددة كانقطاع التيار الكهربائي، أو ظهور قوى الأمن لإيقاف الحفل بدواعي أمنية، أو اقتراب أصوات الاشتباكات والقصف، مما استدعى إنهاء الحفل سريعاً حفاظاً على أرواح الموجودين، ولكن أبرز ما حدث أخيرًا تعرض حفل في صالة بردى في دمشق لقذيفتي هاون خلال أحد الأعراس، مما أسفر عن مقتل سيدتين، ليتحول الفرح إلى مأتم.