يجري البحث حاليا عن زوجين يمكن أن يخضعا للتدريبات التي تطبق على رواد الفضاء، وذلك ليقوما بمهمة إلى كوكب المريخ بتمويل خاص تستمر ثمانية عشر شهرا وتبدأ في يناير/كانون الثاني عام 2018.لكن هل من الممكن ألا يختلف الزوجان مع بعضهما البعض إذا ما بقيا مع بعضهما البعض لخمسة عشر شهرا؟في هذا المقال، تقدم المستكشفة ديبورا شابيرو، التي قضت ما يزيد على عام مع زوجها في القطب الجنوبي، بعض النصائح الزوجية لمواجهة مثل تلك الظروف الصعبة.قالت شابيرو إنه لم تمر لحظة في تلك الرحلة دون أن تحس فيها هي وزوجها بالانبهار، إلا أن التساؤل الذي كان دائما ما يتبادر إلى ذهنهما بعد شتاء استمر خمسة عشر شهرا، من بينها تسعة أشهر في عزلة تامة، واعتبراه في بادئ الأمر سؤالا ساخرا، هو كيف أنهما نجحا معا في قضاء تلك الفترة دون أن يقتل أحد منهما الآخر؟وقالت ديبورا: "ستأتي إجابتنا عفوية على هذا السؤال، وهي أننا كنا نعتمد على بعضنا البعض من أجل البقاء، ففكرة قتل أحدنا للآخر كان سيكون لها نتائج عكسية".لكن الزوجين لا يعانيان مما يعرف "بحمى العزلة"، وهي اضطراب عاطفي يمكن أن يحدث تأثيرا على حياة من يعيشون مع بعضهم البعض في أماكن ضيقة معزولة. وعادة ما تظهر أعراض تلك الحمى بطريقة مبدئية في شكل احتداد بسيط لتتطور بعد ذلك وتنقلب إلى عنفففي إحدى محطات القطب الجنوبي خلال فصل الشتاء، أقدم شخص على قتل زميله بسبب خلاف أثناء لعبة شطرنج، أما سلسلة المشاكل بينهما فمن المفترض أنها قد بدأت بأمر يعد تافها جدا.فريق بقيادة المليونير وسائح الفضاء السابق دينيس تيتو يبحث عن زوجين يمكن إرسالهما في مهمة إلى كوكب المريخ بتمويل خاص تستمر ثمانية عشر شهرا. ومع أن هناك صعوبات في تعايش الناس مع بعضهم البعض في الوقت الحالي الذي يتميز بالاستقلال الذاتي، الا انه اكتشف قبل بضعة أجيال بأنه يمكن لأي مزارع وزوجته أن يكونا أكثر نجاحا في هذه الرحلة إلى كوكب المريخ.ويكمن السبب وراء ذلك النجاح في أن الزوجين في المزرعة يعتمدان بصفة مشتركة على بعضهما البعض بقواعد متفق عليها بينهما، وتلك أمور ضرورية للقيام برحلة فضائية طويلة. ويمكن القول بأن ثمة بعض التوجيهات التي يمكن الأخذ بها للعيش بوئام داخل مكان معزول، وكل تلك التوجيهات تقع تحت التصنيف الذي وصفته ديبورا "بالسهل الممتنع". وتابعت قائلة: "على سبيل المثال، يحتاج الواحد منا لأن يحصل على مكان خال يعطيه خصوصيته التي تمكنه من القراءة بتركيز دون أن يقاطعه أحد. لذا؛ فإنك إذا ما بقيت صامتا للدرجة التي من الممكن فيها أن تقرأ أفكار الشخص الذي أمامك، فإن ذلك يعتبر أمرا من الانضباط الذاتي الذي يعتمد في الأساس على الاهتمام بالآخر والعناية به". كما أن إظهار إشارات ملموسة من الاهتمام والرعاية سيضمن أن حمى العزلة لن تستمر طويلا، وتلك هي إحدى السمات التي كان السير إيرنست شاكلتون يبحث عنها في اختيار الطاقم للقيام بهذه الرحلة الاستكشافية إلى كوكب المريخ.وأكدت ديبورا على أنه من المهم أن يكون الزوجان في غاية الحرص على مشاعر بعضهما البعض، وألا يقللا من تلك المشاعر مهما كانت الأسباب.حيث إنه ومن خلال الدعم الذي لقيته من زوجها، تمكنت ديبورا من التحكم في مشاعرها الغاضبة عندما تواجه خطرا، خاصة وأنها كانت ملتزمة بتصوير ذلك المشروع الوثائقي. وكان من بين القواعد التي تعلمها الزوجان أيضا هي أن إبداء كل منهما الاهتمام بالآخر هو أمر أساسي يعود بالفائدة على الاثنين معا.وقد قرر الاثنان تطبيق تلك القاعدة حتى في المهام اليومية التي يقومان بها، ومن ذلك أنهم كانوا يتناوبون على مهمة طهي الطعام يوما تلو الآخر، ويحاول كل منهما مفاجأة الآخر بإعداد طبق جديد له.وللقضاء على الملل الذي قد يكتنف مثل ذلك النوع من الرحلات، كان على الاثنين أن يبحثا عن أشياء يقومان بها من شأنها أن تكسر ذلك الحاجز، حيث كانا يشغلان أنفسهما بتوثيق المشروع الذي قامت الرحلة من أجله.كما كان الاثنان ينخرطان معا في إصلاح الأدوات والمعدات التي تساعدهما على استكمال مهام التوثيق والتصوير كل يوم. أما في المساء، فكانا يقضيان الوقت في بعض الألعاب أو في القراءة لبعضهما البعض بصوت عال ومناقشة ما يقرآنه.كان الزوجان يشغلان أنفسهما بتوثيق وتصوير المشروع الذي قامت الرحلة من أجله للقضاء على الملل. وتوصل الاثنان أيضا إلى بعض الأفكار التي تتعلق بالسياسات وإدارة الدول. حيث كان الزوجان رولف قد توصلا إلى طريقة يمكن من خلالها مشاركة مصادر الطاقة المتجددة بطريقة لا تتسبب في اندلاع الحروب بين الدول. وعمل الزوجان معا على تطوير هذه الفكرة طوال فصل الشتاء.وفي المجمل، يرى رولف وديبورا أن الزوجين اللذان يمكنهما الصعود معا إلى كوكب المريخ ينبغي أن يحملا قدرا كبيرا من الحب لبعضهما البعض وأن يكونا قد عاشا معا لفترة طويلة.ويرى الاثنان أيضا أنه يجب أن يكون هذان الزوجان ذكيين من الناحية الفنية ويمكنهما التحكم في انفعالاتهما إذا ما واجها ضغطا عصبيا كبيرا، كما يجب أن يكون هدفهما الأساسي ماثلا أمامهما في تقديم المساعدة لبعضهما البعض خلال كل مراحل الحياة.وينظر رولف وديبورا إلى فترة المئتين وسبعين يوما التي قضياها معا وحيدين في القطب الجنوبي على أنها أهم فترة في حياتهما.