الإماراتية حنان السماك

تتذكر الإماراتية حنان السماك أهم الفترات الصعبة التي صادفتها وشكلت نقاط تحوّل مهمة في مسيرتها الإنسانية والمهنية، فبعد دراستها لإدارة الأعمال وفنون التسويق، وتخرجها في الجامعة الأميركية بدبي عام 2013، اكتشفت السماك أن مهمة البحث عن وظيفة ترضي طموحاتها، لم تكن مهمة سهلة على الإطلاق، فقد قضت ما يزيد على السنة ونصف السنة في مجال الأعمال التطوّعية، التي خصصت بعضها لفئة المعاقين، وخدمة كبار السن من المرضى، قبل أن تلتحق السماك بتجربة العمل بدائرة الشؤون القانونية في ديوان الحاكم، "لم أنس تلك الفترة المهمة التي شكلت مصدر إلهام كبير لي، وأتذكر أنني عملت خلالها ستة أشهر في مستشفى ومركز المشاعر لذوي الإعاقة، كما عملت متطوّعة في مركز النور، قبل أن تخطر ببالي فكرة تقديم حلقات مصوّرة تتناول مختلف وسائل تطوير الذات وميادين التنمية البشرية الواسعة"، "في هذه الأثناء كنت أجد صعوبة في الموازنة بين عملي الإداري وشغفي بكتابة وتنفيذ هذه الحلقات، وذلك بعد أن أمضيت فترة ما بعد التخرج في كتابة المقالات والقراءة والبحث عن السبل الكفيلة بتطوير قدراتي وتنمية مهاراتي في هذا المجال".
إصرار على النجاح
لم تنس السماك رحلتها الطويلة مع العلم وشغفها القديم بالكتابة، ولا حرصها الكبير على الاطلاع على جديد ميدان التنمية البشرية ومجالاتها، ما دفعها أثناء سنوات دراستها بالجامعة، إلى إنشاء مدونة خاصة بها، مشيرة إلى أن "الخبرة لا تقاس بالعمر، بقدر ما تلتمس ملامحها من التجارب والأحداث التي يعايشها المرء ويتفاعل معها بشكل مباشر، لهذا السبب أُصر على التأكيد أن كل ما أقدمه للناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو نتاج خبرتي في هذا المجال، وسعيي الشخصي والدائم إلى اكتساب المزيد من المهارات التي تؤهلني لتجربة تقديم النصح والإرشاد لغيري".
وتلفت السماك إلى قيمة التجربة الحياتية في تشكيل الشخصية وتحولاتها قائلة: "تغيرت نظرتي للحياة بشكل شبه تام بعد تعرّضي وعائلتي لحادث كبير، فقدت خلاله في اليوم نفسه جدتي وخالي وزوجته، بعد ذلك اكتشفت أن الحياة تقتضي مني جهداً شخصياً للارتقاء بنفسي، والإسهام بشكل أفضل في رحلة الإيجابية والتغيير المثمر، حينها أيقنت أنني أستطيع القيام بأمور كثيرة، والإسهام في تطوير ذاتي ومساعدة الآخرين من دون انتظار الشهادة العلمية التي تؤهلني لذلك، فالحياة عبارة عن سلسلة لا متناهية من التجارب والدروس، التي يمكن استيعابها والاستفادة منها بمشاركة الآخرين".
وتعترف السماك أن فكرة إطلاق قناتها الخاصة على "يوتيوب"، كانت في البداية مغامرة بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث لم يتجاوز عدد متابعيها في الأشهر الأولى بعض العشرات، "لكن الأمور تحسنت بعد نحو عام من الصبر والاجتهاد لتقديم حلقات تصفها بالمهمة، باعتبار ملامستها لبعض أهم القضايا التي تهم مختلف الشرائح الاجتماعية ،مثل مسائل الثقة بالنفس والإيجابية والأمل في المستقبل، وطرق التعامل مع النفس، والتعاطي مع الآخرين ، ومختلف القيم الإنسانية، مثل التسامح والاختلاف والانفتاح على الآخر، وصولاً إلى قيم السعادة كجوهر الفعل المحفز على الإيجابية و تطوير الذات"
من القلب إلى القلب
وحول اعتمادها اللهجة المحكية التي مزجت فيها السماك بين الإماراتية والكويتية في إطلالتها الرقمية قالت: "أحببت أن أكون قريبة من الناس، وأتحاشى التعقيد في تناول الموضوعات والأفكار المطروحة، كما حرصت على تلافي الحواجز النفسية في الوصول إلى عقل وقلب المتلقي، فما يخرج من القلب لابد أن يصل ويستقر في القلب"، وتابعت: "كما اعتمدت الأسلوب نفسه في كتاب (حياتك)، الذي أصدرته بعد تجربة (الأونلاين)، ووصلت به اليوم إلى الطبعة الرابعة، التي نسقت عنوانها مع عنوان الحلقات التي قدمتها على الشبكة العنكبوتية، فيما أعكف حالياً على تحضير الجزء الثاني من هذا الكتاب، الذي سأركز فيه على علم النفس الإيجابي".
قرار جريء
دافع السماك ورغبتها الجامحة في التعلم واكتساب المهارات، أهلاها لتصبح مدربة معتمدة في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات، في الوقت الذي خاضت في العام المنصرم، بالتعاون مع والدتها، مغامرة تأسيس شركة متخصصة للاستشارات والتدريب، وذلك إثر قرارها الجريء بالاستقالة من العمل الحكومي للتفرغ للعمل الخاص، تجربة وصفتها السماك بالقول: "لأهلي دور كبير في تشجيعي على روح المبادرة والابتكار والتجديد، فقد كان لتوجيهاتهم السديدة الدور الكبير في تحفيزي على تحمّل المسؤولية والقدرة على اختيار طريقي، وأتمنى اليوم أن يحالفني الحظ والنجاح الذي أستحقه في هذا المشروع الوليد، الذي لم يتجاوز عمره الأشهر الستة".
وحول علاقتها بأهلها تقول: "أتذكر جيداً المكافآت والهدايا التي كنت أنالها في صغري حين أحصل على علامات متفوقة، وقتها كان الوالدان حريصين على مكافأتي بدعوة مفتوحة إلى المكتبة لاختيار القصص والروايات التي أحبذها باللغتين العربية والإنجليزية".