برلين ـ وكالات
بعد نشرتقرير عن صحَفية تعرضت للمضايقة من قبل أحد كبار السياسيين، أطلقت امرأتان حملة في موقع "توتير" لمناقشة ظاهرة التحرش الجنسي. ويؤكد عدد كبير من النساء انتشار هذه الظاهرة. أما موقف الرجال فيتأرجح بين التفهم والتهكم.أثار تقرير حديث لإحدى الصحفيات جدلا واسعا في ألمانيا حول علاقات التعامل بين المرأة والرجل بشأن مسألة التحرش الجنسي عبر الكلام. وجاء في تقرير الصحفية أن السيد راينر بروديرله من الحزب الديمقراطي الحر وأحد أبرز وجوه السياسة في ألمانيا، استخدم في العام الماضي- خلال حديث معها على هامش مأدبة عشاء رسمية- كلمات ترمز إلى صدرها الممتلئ. وعادة ما تجد المرأة نفسها في حيرة من أمرها في مثل هذه المواقف: فهي تحاول تفادي الموقف المحرج من خلال الضحك أو الابتسام، وهو ما يحصل في أغلبية الأحيان، أو أنها تعتبر أن مثل هذه المجاملات بالألفاظ تحمل بين طياتها معاني أخرى لا حاجة إلى توضيحها. وفي هذه الحالة يمكنها أن تدافع عن نفسها. وهذا ما دفع بسيدتين للقيام بتنظيم حملة في موقع "توتير" تحت شعار „صرخة"، حيث دعتا النساء والفتيات إلى الحديث عما يتعرضن له من مضايقات شبيهة بما تعرضت إليه الصحفية، والقيام بسرد ذلك في جملة لا يتجاوز طولها 140 حرفا. وقد كان الإقبال كبيرا إلى درجة أن صاحبة المبادرة نيكول فون هورست فوجئت بالصدى الكبير لدعوتها هذه بعد يوم واحد فقط من إطلاق الحملة. وتقول في حديث مع دويتشه فيله: "لم أتوقع هذا التجاوب وهذا الصدى الكبير للحملة. لم أتمكن من قراءة كل "التغريدات" التي توصلت بها أو الرد عليها." ومن بين الجمل المرسلة التي يطلق عليها التغريدات:"تقديري الكبير لشجاعتكن."وتختلف القصص التي تحدثت عنها المشاركات في حملة "تويتر": فمنهن من تحدثت عن نظرات جشعة أو عن النظرة المحدقة لصدر التلميذات خلال دروس الرياضة وعن التحرش بهن في القطار وفي الشارع وفي الملهى الليلي أوفي مكان العمل وربما داخل العائلة أيضا.وقد أثار الموضوع اهتمام وسائل الإعلام، في الوقت الذي يحتدم فيه النقاش وتنقسم فيه الآراء بين متسامح ورافض بشأن التعامل مع هذا الموضوع. فإلى جانب رفض الحركات النسائية لهذه الظاهرة، هناك من الرجال من يشعر بالخجل عندما يسمع أو يقرأ عن تعرض النساء لمثل هذه المضايقات. وفي هذا سياق كتب أحد الرجال على موقع "توتير" واسمه شتيفان: "إزاء هذا العدد الهائل من الصرخات التزم الصمت. ومع قراءتها أندهش لهذا الغباء الذي يتميز به بعض الرجال." المثير للدهشة أيضا أن الكثير من الرجال يدعمون هذه الحملة معربين عن تفهمهم لاستياء النساء من هذه الظاهرة السلبية، فيما يعرب البعض الآخر عن موقف مخالف يؤكد بوضوح: "إن صرخاتكن لن تغير في الأمر من شيء. صفعة في الوجه، تقديم شكوى للشرطة أو لرب العمل أو للمدير. ولن يكون الأمر أكثر من ذلك."المثير للانتباه أن الحملة على موقع "توتير" لا تركز على ما قاله السياسي راينر برودرله وإنما تهدف بالأساس إلى تشجيع النساء بشكل قوي للحديث بجرأة عما يتعرضن إليه من مثل هذه المضايقات. وتعرب نيكول فون هورست عن أملها في أن يستمر هذا الجدل قائما والحديث عنه بجدية.وهناك الكثير من المشاكسين الذين يحاولون توظيف مواقف السخرية أو التهكم في حملة "صرخة" من خلال تعليقات مغرضة أو نكت مقيتة أو من خلال الحديث عن تعرض الرجال أيضا للتحرش اللفظي أو الجنسي من قبل نساء. ولكن نيكول فون هورست تقول إنها لا تعير لمواقف هؤلاء الرجال أي اهتمام كبير، مشيرة إلى أن الأهم في ذلك هو أن عددا كبيرا من النساء يعرفن الآن أنهن لم يتعرضن وحدهن للمضايقات وأن الكثيرات منهن لهن حاليا الشجاعة لرواية قصصهن بهذا الشأن.ومما لاشك فيه هو هذا أن الموضوع يتصدر الآن اهتمام وسائل الإعلام التقليدية وأيضا شبكات التواصل الاجتماعية. وقد ينجح هذا النقاش في تحقيق شيء ما: فليس هناك الآن ما يدعو النساء إلى ضرورة غض الطرف عما يتعرضن له من مضايقات أو تحرش لفظي أو جنسي في حياتهن اليومية، حيث بإمكانهن الدفاع عن أنفسهن. "وهذا ما نأمله فعلا"، كما تصرح السيدة نيكول فون هورست. وتضيف قائلة "لا يكفي جمع إحصائيات حول المضايقات أو التحرش وإنما التوصل الى إجراءات عملية للرد عليها".