دبي صوت الامارات
في الوقت الذي تتباهى فيه كندا بأنها «دولة النساء» في المحافل الدولية، أعلنت وزيرة شؤون المرأة باتي هاجدو «وضع حد لطغيان الذكورة على النسوية (Feministe)» وإصدار «مانيفستو» كندي يدعو إلى «الاعتراف بالمساواة في الحقوق وفرص العمل بين الجنسين».
وتحصيناً لمبادرتها، تابعت هاجدو جولاتها ومشاوراتها في معظم المدن الكندية بغية وضع إستراتيجية وطنية تستند إلى برنامج عمل شامل يحتاج إلى ورش عمل متخصصة وبناء صورة دقيقة لواقع المرأة اليوم ومراجعة المفاهيم والأفكار والدراسات التى يعود معظمها إلى عام 1982.
وتنطلق هاجدو من معادلة مفادها أن «النسوية عدالة. فهي لا تعني الاعتراف بضعف المرأة ولا النيل من ذكورية الرجل. بل تعني شيئاً واحداً قوامه أن الجنسين يستحقان معاملة عادلة ومتساوية». وبتعبير أوضح تضيف: «ان النساء والرجال هم على الدرجة ذاتها من المساواة في الحقوق والحصول على الأجر عينه عن العمل نفسه»، مؤكدة أنه «ينبغي العمل بالمصطلح الجديد والدفاع عنه بقوة».
واللافت أن هذا الإعلان حظي بدعم رئيس الحكومة جوستيان ترودو الذي اتخذ للمرة الأولى، سلسلة مواقف جريئة وإجراءات تاريخية أبرزها: تشكيل حكومة مناصفة بين الجنسين بعد فوزه في الانتخابات الاتحادية الأخيرة، وإطلاقه بمناسبة يوم المرأة العالمي (8 آذار- مارس الماضي) رسالة «مدوية» إلى الكنديين عبّر فيها عن فخره وإعتزازه بـ «النسوية» إذ قال: «أنا محظوظ لأنني تربيت على يدي أم كانت تؤمن بالنسوية وأب كان مدافعاً قوياً عن حقوق الجميع نساء ورجالاً»، ولفت إلى أنه «علينا ألا نخاف من كلمة نسوية أو من عبارة المساواة في الحقوق وفرص العمل بين الرجال والنساء»، مضيفاً «ليست المساواة تهديداً إنما فرصة للجميع»، داعياً الرجال إلى أن يكونوا قدوة ومثالاً لتصحيح الخلل في معادلة المساواة والحقوق الكندية.
وفي السياق عينه، عيّن ترودو أخيراً أول امرأة، وزيرة ونائبة، شابة من أصول هندية، للشؤون البرلمانية في الحكومة، وهو منصب تعاقب عليه برلمانيون من ذوي البشرة البيضاء منذ 145 سنة، علماً أن هذا التعيين جوبه بانتقادات لاذعة.
تشير إحصاءات مؤسسة «أوكسفام كندا» والمركز الكندي للسياسات البديلة، إلى أن الفجوة في الأجور لا تزال تتسع بين الجنسين حتى العام 2016. فالمرأة تتقاضى نحو 72 في المئة مما يتقاضاه الرجل، علماً أنهما يقومان بالعمل ذاته ويمتلكان الخبرات ذاتها. وتتحمل المرأة أعباء أعمال إضافية من دون أي أجر يذكر.
وتؤكّد «أوكســفام « أن الفجوة المتمثلة بـ 72 في المئة لم تتزايد إلا 2 في المئة عما كانت عليه عام 2002. ووفق إحصاءات، لم يكن مردّ التفاوت في الأجور إلى عامل واحد، كالدوام الجزئي للنساء أو لساعات عمل أقل أو لنقص في الخبرات المهنية، بل لتضافر هذه العوامل وغيرها أيضاً. علماً أن تقرير المؤسسة اقتصر على الوظائف الدائمة على مدار السنة لتأتي نتائجه موثوقة وأكثر دقة.
ويشير «المركز الكندي للسياسات البديلة» إلى عدم ارتباط الأجور في كندا بأي عامل يقوم على التمييز العرقي بين الجنسين، على غرار تعامل الولايات المتحدة مع الأقليات السوداء أو من أصول لاتينية إسبانية، علماً أن نسبة فجوة الأجور بين الرجال والنساء وصلت هذا العام إلى نحو 79 في المئة، أي بزيادة 5 في المئة عن كندا، حيث لا يتعدّى التباعد في معدّل الأجور الشهرية 19 في المئة ما يعني أن كل دولار يقبضه الرجل الكندي يعادل 80 سنتاً للمرأة.
ووفق «المركز»، تضطر النساء في كندا للعمل بعقد غير دائم بمقدار ثلاثة أضعاف الرجل نظراً إلى حالات الحمل التي تسبب مشكلة لأرباب العمل، إذ انهم لا يرغبون عادة بتوظيف المرأة الحامل خشية زيادة أعباء الشركة المالية والتكاليف الطبية وإجازة الأمومة وغيرها.
أما رؤية المركز للمساواة في الحقوق والأجور وفرص العمل، فيلخصها بعبارة مقتضبة «لا تتحقق أية خطة في هذا الاتجاه إلا اذا كانت المرأة في قلب التنمية الاقتصادية الشاملة».