دبي - صوت الإمارات
«خلال عقدين من الزمن حققت دبي ما هو غير متوقع، حيث تجاوزت ورشة بناء الإنسان ورشتها المعمارية، وقدمت نموذجاً للإنسان السعيد بمواصفات عربية وعالمية، مع إصرار على التفوق والمثابرة إلى جانب احترام الآخر والوقت والتسامح»، هذا المقتطف جزء من كلمة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي التي افتتحت بها، أول من أمس، جلسة في «مؤتمر دبي للترجمة».
وذلك في مقر جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في مدينة دبي الطبية.
التطهير اللغوي
وشاركها في جلسة الحوار التي حملت عنوان «كيف تعبر الهوة بين الشرق والغرب» مترجمة أعمالها الأميركية نانسي روبرتس التي ترجمت أكثر من 20 عملاً أدبياً. وتقول أحلام في كلمتها «الأمم التي لا تكتب ولا تُتَرجم، أمم غير مرئية» وتصل إلى دور ومسؤولية الكتّاب والمترجمين قائلة:
«لابد أن يبقى ضمير الكاتب صاحياً خلال كتابته روايته وكيفية تناوله الجوانب السلبية، بحيث لا تقزم أو تشوه أمته لدى ترجمتها إلى ثقافات أخرى، وفي الوقت نفسه لا يجمل الواقع كي لا يخون نفسه. إنها المعادلة الأصعب في الزمن الحالي». كما تحدثت عن اللغات المستضعفة واللغات الطاغية قائلة: «يتم سنوياً ابتلاع 20 لغة، وعلينا الحذر من التطهير اللغوي الذي يفرضه تطور التكنولوجيا».
وتحدثت نانسي بلغتها العربية السليمة قائلة: «المحبة والثقة محورين أساسيين في عمل الترجمة خاصة الأدب. والمحبة هنا ترتبط بحب اللغة والعمل والكاتب والقراء المحتملين. ويعيش المترجم في خلوة مع النص لدخول وجدان المؤلف، والوصول إلى أفكاره ومشاعره، وبالتالي نقلها بنبض وروح الكاتب».
تناولت الجلسة السابعة صباح اليوم الثاني للمؤتمر، واقع المترجم وإعداده، ومتطلبات مهنته والعلاقة بينه وبين النص ودار الترجمة. أما المداخلات فكانت للمترجم البريطاني المخضرم الدكتور همفري ديفيس الذي ترجم أعمالاً أدبية سواء لكتّاب رحلوا مثل الأديب اللبناني أحمد فارس شدياق من القرن التاسع عشر، أو نجيب محفوظ وحمدي الجزار وإلياس خوري وغيرهم إلى جانب فوزه مرتين بجائزة «بانيبال» للترجمة العربية، والدكتور غانم السامرائي الكاتب والمترجم ورئيس قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة الشارقة، والدكتورة اليازية خليفة كاتبة قصص الأطفال والمترجمة التي أسست دار «الفلك» للنشر المعنية بالأدب المترجم.
معايير المترجم
وبينما تحدث د. ديفيز عن معايير المترجم الأدبي وضرورة إلمامه باللغة والثقافة العربية، تناول السامرائي جوانب أخرى ترتبط بالإعداد الأكاديمي وبرامج التدريب المعنية بتأهيل المترجم المتخصص، وأشار إلى أهمية تخصص المترجم في أحد المجالات مما يزيد من خبرته وقدراته، وأكد ضرورة انفتاح المترجمين على مجريات الثقافة وإن كانت خارج تخصصهم لمواكبة مستجدات التطورات التي ترتبط بصورة مباشرة بتحديث مصطلحاتهم وأبعاد ما يعملون عليه من مواضيع علمية أو قانونية أو معرفية.
أما د. اليازية فتحدثت عن تجربتها في الدار والبنود الخمس التي تعتمدها في علاقتها مع المترجم الأدبي، وهي الشغف والقدرة على التفاعل مع النص، وإتقان اللغتين، المعرفة والوعي بثقافة البلد الذي تحكي عنه الرواية، وخبرة المترجم، والتواصل المستمر بين المترجم والناشر حتى صدور الكتاب. وأكدت حرص الدار على ترجمة أدب ثقافات تتحدث لغات مختلفة كالإيطالية والأسبانية والأيسلندية وغيرها.