الشارقة ـ وام
قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير" شروق " المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات للنشر .. إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستعاني خلال العقد القادم من حاجة ملحة وحتمية لتوفير ما يتراوح بين / 80 / و/ 100 / مليون فرصة عمل .. مشيرة إلى أن الفجوة في المهارات بين التعليم وسوق العمل تستمر بالاتساع فيما تعد نسبة مشاركة المرأة بالقوى العاملة في هذه المنطقة من أدنى النسب بالعالم على الرغم من أن الإناث يشكلن أكثر من 50 بالمائة من خريجي الجامعات .
وأشارت الشيخة بدور القاسمي في حوار مع صحيفة " الخليج " نشرته اليوم بمناسبة حضورها كرئيس مشارك في إدارة جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عقد مؤخرا في البحر الميت في الأردن .. إلى وجود كم هائل من التقارير والإحصائيات التي تتناول حجم التحديات التي تواجه الشباب العربي من حيث البطالة والفجوة في المهارات بين التعليم وسوق العمل والآفاق المستقبلية الشاملة .
وأضافت رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير التي شاركت ضمن مجموعة من المتحدثين في جلسة نقاش حول "حتمية الشباب في العالم العربي" .. "أن المشكلة تنطوي على جانب آخر أقل تخوفا وتشاؤما حيث لمست شعورا راسخا بالأمل والتزاما على المستويين الفردي والجماعي بالسعي للتغلب على التحديات التي نواجهها وتوفير فرص جديدة للشباب العربي" .
وأوضحت أن التقارير والإحصائيات الإقليمية والعالمية الأخيرة تشير إلى أن الشباب العربي يتمتع اليوم بقدر كبير من الجرأة وروح المبادرة ولذلك فمن الطبيعي أن تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة هذه النقلة النوعية في تحول الشباب من مرحلة البحث عن عمل إلى مرحلة توفير فرص عمل .. مدللة على ذلك بمثال من دولة الإمارات حيث تمثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يتولى الشباب إدارة معظمها نحو / 94 / في المائة من إجمالي الشركات المسجلة كما تساهم بنسبة / 60 / في المائة من إجمالي الناتج المحلي وهذا هو الحال في معظم الدول العربية الأخرى .
وقالت إن الحكومات تعمل على مواكبة هذه التغيرات حيث شهدت المنطقة خلال السنوات العشر الماضية تقريبا تأسيس نحو/ 43 / هيئة لاحتضان المشاريع المبتدئة والتكنولوجية مع البدء بتطبيق اللوائح المكملة لها بالتدريج بالإضافة إلى نمو عدد الشركات الربحية التي تلتزم بمبدأ المسؤولية الاجتماعية وتساهم بتوفير فرص العمل في المجتمعات المحلية وخارجها .. منوهة بإشادة تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية بالتقدم الذي تحققه المنطقة ووتيرة الإصلاحات التي تشهدها من أجل تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها على توفير فرص العمل وتحسين إمكانيات حصولها على التمويل كما تلعب المرأة العربية دورا مهما في الحياة الاقتصادية بالمنطقة وذلك من خلال تأسيس أعمالها الخاصة وإدارتها أو السعي لشغل مناصب قيادية في القطاعين الحكومي والخاص .
وأضافت أنه "عندما نظرت إلى الصورة الكاملة بموضوعية أيقنت أن ليس كل ما يتعل ق بوضع الشباب العرب ومستقبله محكوما بالتشاؤم والإحباط بل إن الأمر بمجمله مرتبط باختيارنا للنظر إلى نصف الكأس الممتلئ أو الفارغ ونظرتنا هذه لا تأتي من منطلق السذاجة أو الرؤية العاطفية بل هي إستراتيجية واعية لتسليح أنفسنا بطاقة الأمل لتكريس النجاحات القديمة وجعلها أساسا ننطلق منه لتحقيق المزيد من الإنجازات والفرص" .
وشددت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي على أن كلا منا مسؤول عن مستقبل هذه المنطقة إذ لا تستطيع الحكومات بمفردها توفير كل فرص العمل اللازمة لمواكبة النمو السكاني في المنطقة وكذلك لا تستطيع الشركات لوحدها حل جميع القضايا الاجتماعية .. ورأت أن الحل المثالي يتمثل في توليفة مناسبة من التعاون بين الأسر والمدارس والحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية وعلماء الدين والشباب أنفسهم ودعتهم جميعا لأن يكونوا يدا واحدة يتخذوا اتجاها موحدا يسير بهم نحو الغاية المنشودة .
وأكدت أنه لا بد لنا من التعاون وبذل الجهود المشتركة لتغيير العقلية وطريقة التفكير في مجتمعاتنا فنحن عند منعطف حقيقي في تاريخنا يتطلب منا رؤى ووجهات نظر جديدة تمكننا من حل مشكلاتنا .. وأشارت إلى إن القرن الحادي والعشرين هو عصر روح المبادرة حيث يتولى الشعب زمام المبادرة ولا ينتظر الحكومات لتوفير فرص عمل وقد أثبت هذا النهج فعاليته كإستراتيجية ناجحة لمحاربة البطالة وتشجيع الابتكار لكن إزدهاره يتطلب ثقافة تدعم الجرأة على خوض المخاطر والمغامرات وتتسامح مع الفشل وتشجع التفكير الإبداعي كما يتطلب أيضا ثقافة تتيح للشباب فرصة للمشاركة في صنع القرار وتأخذ أصواتهم وآراءهم بعين الاعتبار.
وقالت الشيخة بدور في ختام مقالها إن تقدمنا مرهون بقدرتنا على تغيير طريقة تفكيرنا بما يتلاءم مع الحقائق الجديدة وتغيير التعليم والسياسات بما يلبي طموحات الشباب العربي وتطلعاتهم وإن الأمل ما هو إلا الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل فالمسيرة ما زالت بحاجة إلى الكثير من العمل الجاد والدؤوب على صعيد الأسرة والمدرسة والحكومة والقطاع الخاص ..
مضيفة " برهن الشباب العربي بحيويته وإبداعه على رغبته بالمساهمة في إيجاد الحلول للتحديات التي تواجهها المنطقة ومن حقه علينا أن نبث فيه روح التفاؤل والإلهام وأن نبذل كل ما في وسعنا لنوفر له السياق الاجتماعي الذي يساهم بتطوره وازدهاره" .