الرياض ـ وكالات
أكد مكتبيون أن العالم ستكون مكتباته دون جدران في 2030، مشيرين إلى أن بعض المكتبات الدولية في جامعات عريقة تحولت إلى مكتبات إلكترونية بشكل كامل دون الاعتماد على الشكل الورقي، حيث تحول بعضها بشكل تدريجي من المكتبات التقليدية المعتمدة على المطبوعات إلى المكتبات الإلكترونية. وذكر المكتبيون أن المكتبات ما زالت في سعيها المستمر لمواكبة التطورات التقنية؛ مع بعض التباين والاختلاف في هذا المسعى من دولة إلى أخرى، مشيرين إلى أن الدول العربية بدأت في لملمة موروثها الثقافي وتحويله بالكامل إلى إلكتروني في الجامعات والكليات المختلفة تسهيلا لخدماتها البحثية. من جهته، قال الدكتور فهد الغامدي، أستاذ المكتبة والبحث في جامعة أم القرى، لـ«الشرق الأوسط» إن الآثار الاقتصادية للمكتبة الظاهرية النامية متنوعة ومعقدة، مشيرا إلى أن المكتبات تواجه زيادات هائلة في الاحتياجات ذات الميزانيات المالية الكبيرة، وبحاجة لتوفير المعدات اللازمة للوصول إلى الخدمات الإلكترونية والشبكية، وأن آخر التكاليف، التي هي أقل وضوحا ومباشرة، هو تزايد الطلب على المكتبات لتطوير وتقييم الموارد في أشكال جديدة، وغالبا دون زيادة مقابلة في التوظيف، والقدرة على توفير موارد الشبكة والإصدارات الرقمية من المواد المطبوعة سابقا، بحيث تتيح الفرصة لتقليل تكاليف بعض الموارد والخدمات. وأشار الغامدي إلى أن أمناء المكتبات هم من المهنيين المدربين على اكتساب وتنظيم واسترجاع المعلومات، ونشرها في جوهرها، وممارسة دور المكتبات في بيئة المكتبة الافتراضية التي لن تكون مختلفة جدا عن تلك المطبوعة في المكتبة التقليدية المستندة، و«سيكون دور أمين المكتبة المقبل هو مواصلة تضمين مجموعة من الموارد المناسبة، وتوفير فرص الحصول على هذه الموارد، وتقديم التعليم والمساعدة للرعاة في تفسير الموارد والحفاظ، على حد سواء، على المدى المتوسط مع حفظ المعلومات الواردة فيه، مفيدا أن دورهم سوف يستمر في الساحة الأوسع للمجتمع في تمثيل القضايا الاستراتيجية المهنية بالحصول على المعلومات للحكومات وغيرها من هيئات اتخاذ القرار. وأوضحت الدكتورة عائشة الأوزاعي، الباحثة في المكتبات الرقمية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تحديات مقبلة في العقد المقبل ترتبط بقضايا جديدة لأمناء المكتبات في بيئة المكتبة الافتراضية المعنية بالتكنولوجيات الجديدة، مما يجعل المكتبات الرقمية أمرا ممكنا؛ بل حتمي، حيث أصبحت التقنيات اللازمة ضرورية لتقديم أشكال جديدة من مصادر المعلومات والخدمات، وفي إتاحة الوصول إلى المعلومات، بحيث تمكن أمين المكتبة من النظر في بيئة المكتبة الافتراضية ومتطلبات الموارد الرقمية، أي الأجهزة أو البرامج اللازمة، والطريقة الأكثر فاعلية لرعاة الرجوع إلى المورد. وأشارت الأوزاعي إلى أن المكتبة الإلكترونية تتطلب مجموعة جديدة من الكفاءات الفنية لأمناء المكتبات التي لم تكن مطلوبة من قبل، مثل مهارات إنشاء صفحات الويب، وبناء وصيانة شبكات الكومبيوتر، والسعي لتصميم واجهات البحث بعد اليوم في مكتبة سوق العمل، والحصول على مهارات توظيف شبكة الإنترنت بشكل كبير، والسعي نحو مستوى التطور التقني المطلوب من قبل أمناء المكتبات في بيئة المكتبة الافتراضية التي تقود بالفعل إلى عدم وضوح الفروق المهنية الكومبيوترية، كما أن «البيئة الخاصة بالعمل تنبثق من خلال المكتبة الإلكترونية التي ستواصل تطوير طلب أكبر عدد ممكن لموظفي الفئة الفنية من ذوي المؤهلات المتعلقة بالحوسبة». وتلعب المكتبة دورا كبيرا في تنشئة الطفل منذ نعومة أظافره وحتى ولوجه مراحل التعليم العام وانخراطه في الدراسة والتحصيل العلمي؛ نظرا لإسهامها في تحسين وتطوير أداء الطلاب في السلك التعليمي عبر إعطائهم مفاتيح التعلم بالقراءة والاطلاع. من جانب تربوي، ترى بسمة المهنا، المتخصصة في رياض الأطفال، أن المكتبة هي المكان الذي يرسخ في ذهن الطفل الأفكار والمشاعر التي يستقيها من الكتب أو القوالب الأخرى التي يتعلم منها تصحيح أخطائه أو إيصال فكرة معينة. ومن وجهة نظرها، فإنها تجد أن المحتوى العربي من كتب الأطفال ما زال سيئا مقارنة بالكتب الأجنبية التي يتفنن مؤلفوها في طرح أفكارهم التربوية والتعليمية، وصهرها في كتاب يتضمن قصة قصيرة أو مجموعة من القصص الممتعة المصورة، التي يستطيع الطفل استقاء أشكال شخصياتها وتمثيلها أمام أقرانه. وذكرت المهنا لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة المكتبة المدرسية يجب أن يدرج ضمن الجدول الأسبوعي للطلاب في السنة التمهيدية، ويكون مرتين أسبوعيا على أقل تقدير، مبينة أن قراءة الكتب والأنشطة الأخرى المتعلقة بالقصص هي من أكثر الأساليب المستساغة لدى الطفل للتعلم بشكل غير مباشر، والمسرحيات التي تمثل من وحي القصة التي قرأها، بالإضافة إلى تعلمه الإلقاء وتدربه عليه في كل زيارة. وبحسب ما تراه أسماء مبارك الحتان، المشرفة العامة على إحدى مدارس رياض الأطفال بالعاصمة السعودية الرياض، فإن 90 في المائة من الأطفال في المدرسة بعمر مرحلة الروضة أو التمهيدية يفضلون الإصغاء للقصة وهي تروى لهم، أو تصفح الصور التي يحويها الكتاب. وحول آلية اختيار الكتب التي يتم وضعها بالمكتبة، تقول الحتان إنها أمر متروك لتحدده المعلمة المسؤولة عن تحديد الخطة الدراسية كاملة بما فيها اقتناء الكتب التي تراها مفيدة لتعليم الطفل ومساعدته على التعلم الذاتي، لأن المكتبة جزء لا يتجزأ من البيئة المدرسية داخل كل فصل دراسي، و«لمدة ساعة يوميا تروى حكاية للأطفال ضمن الجدول اليومي». وأضافت الحتان: «توفر مكتبة الطفل المصادر التعليمية والثقافية والترفيهية للأطفال، وتسهم في تعزيز العلاقة بين الطفل والكتاب وتعويده على القراءة الحرة وحب الكتاب وإيصال الكتاب الملائم في مختلف العلوم لتلبية مختلف الميول والاتجاهات المتباينة بعدة لغات». وتقدم مكتبة الطفل بمكتبة الملك عبد العزيز العامة العديد من الخدمات والأنشطة الشهرية والفصلية لروادها من الأطفال في جميع الأركان، كركن القراءة والمسرح والكومبيوتر والوسائط السمعية البصرية والأشغال والأنشطة الفنية، التي تهدف إلى تنمية قدرات الطفل على الاطلاع والبحث بنفسه، وتشجيعه على الإبداع عبر برامج المكتبة وأنشطتها. أسماء الفاضل، مسؤولة مكتبة الطفل بمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، أشارت إلى أن الغرب لديه اهتمام كبير بالكتاب والقراءة بوصفه أحد الأسس التربوية للطفل، على الرغم من تطور وسائل الاتصال الأخرى، «فالأم تقرأ لطفلها بالمنزل، والمعلمة تقرأ له بالمدرسة». وأوضحت أن جناح مكتبة الطفل في المكتبة، يعنى بتشجيع الأطفال على القراءة من خلال حلقات تروى فيها قصة قصيرة من الكتاب، «يتم بعدها عمل نشاط إدراكي حول القصة من خلال الرسم والتلوين وعجن الصلصال والتمثيل المسرحي، ليخرج الطفل بحصيلة ترفيهية وتعليمية، وكتاب يهدى له ينتقيه بنفسه من الجناح». وذكرت الفاضل أن الهدف من تلك الأنشطة المصاحبة للقراءة هي محاولة ربط الطفل بمحتوى الكتاب. وقد لمحت الفاضل إلى أن مشاركة المكتبة في جناح الطفل بمعرض الرياض الدولي للكتاب، جاءت لتشجيع الأهالي على القراءة وزيادة التوعية المجتمعية بأهمية زيارة الطفل للمكتبة، وقد قدرت عدد زياراتهم اليومية لمكتبة الطفل بمعرض الكتاب الماضي بالرياض، بنحو 100 طفل يوميا يستمتعون بكل الأنشطة الثقافية والترفيهية بأمان، في الوقت الذي يقضي فيه أهلهم وقتهم في الاطلاع على الكتب والتجول بالمعرض. وتعتبر مشاركة جناح مكتبة الطفل، امتدادا لنشاط المكتبة العامة الأساسي في استقبال رحلات أطفال المدارس أسبوعيا في الفترة الصباحية، للقراءة وتصفح الكتب، والتمتع بالأنشطة الفنية والأشغال اليدوية، والمسرح الحي. وتقول أسماء الفاضل لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في المقابل نقوم بزيارات ميدانية وتوعوية للمدارس الحكومية والخاصة بمنطقة الرياض، لعمل برنامج صباحي متكامل للقراءة، توفر المكتبة بدورها أدواته المستخدمة فيه والكتب»، وأضافت: «قمنا ببرامج تدريبية خاصة بالمعلمات من مناطق السعودية الأخرى مثل جازان والقصيم، لإعطائهن أساسيات إدارة مكتبة الطفل».