كانت اول زيارة لميغيل مارتينيز الى حرم جامعي خلال مخيم صيفي مولته البحرية الاميركية التي استثمرت ملايين الدولارات في مدارس من اجل تحسين مستوى المتطوعين في الجيش. وفي الوقت الذي تواجه المدارس الاميركية قلقا حول تمويلها، يقول المعارضون لهذه المبادرة ان هذا التمويل من جانب الجيش ينطوي على كلفة باهظة، وهي عسكرة المدارس العامة ووضع الفتيان اليافعين في جو من التلقين. ويقول ميغيل مارتينيز البالغ من العمر 16 عاما، والذي يطمح ان يكون اول فرد في اسرته يدخل الجامعة، ان المخيم الصيفي في جامعة بوردو الاميركية كان امرا عصيا على التحقيق بالنسبة له، لولا مساعدة البحرية الاميركية. ويضيف لمراسل وكالة فرانس برس "لقد تحمست..من شأن ذلك ان يعطيني فكرة حول ما يجب ان يكون اختصاصي في الجامعة". ويمضي هذا الفتى ايامه حاليا في مدرسة "ريكوفر نايفل اكاديمي" (اكاديمية ريكوفر البحرية) العامة في شيكاغو، ضمن 508 فتى يرتدون زي البحرية الاميركية ويتابعون دروسهم في التاريخ العسكري والعلوم البحرية على يد ضباط متقاعدين. ويأمل هذا الفتى في الحصول على منحة دراسية عسكرية تتيح له متابعة دراسته في الجامعة، وان ينضم الى صفوف الجيش في حال لم يوفق في الدخول الى مجال الهندسة. وحتى ذلك الحين، يتابع ميغيل دروسا في صناعة الروبوتات بعد انتهاء دوام مدرسته، في ناد تشرف عليه البحرية. ويحذر الجيش الاميركي منذ سنوات من تردي مستوى المدارس الحكومية، اضافة الى انتشار السمنة بين التلاميذ، ما يجعل الكثير من الطلاب غير مؤهلين للانضمام الى الجيش. وقد بات هذا الامر يشكل ازمة فعلية للبحرية الاميركية التي سيتقاعد نصف مهندسيها وخبرائها خلال السنوات السبع المقبلة. وكانت الاكاديمية البحرية اعلنت في العام 2011 مضاعفة موازنتها بهدف دعم دورات التأهيل والتدريب في مجالات العلوم والتقنيات والهندسة والرياضيات. وكان مشروعها الاخير، بالتعاون مع مدينة شيكاغو، تطوير هذه الدورات في سبع من المدارس العامة، وادراج مواد من برنامج البحرية في مخيمات الصيف والنشاطات غير المنهجية في المدارس. وقال مسؤول في البحرية لدى زيارته الى واحدة من هذه المدارس "ان يدا عاملة مدربة بشكل جيد ستكون مساعدة للقوات البحرية في مجال قيادة البواخر والطائرات وتأهيل الاجيال القادمة". ويشكل هذا النمط العسكري في المؤسسات التعليمية والانضباط والتحضر للدراسة الجامعية، عامل جذب في مدينة شيكاغو التي تسجل في مدارسها نسبة مرتفعة من اعمال العنف والرسوب والتسرب المدرسي. لكن المعارضين لهذا المشروع يرون ان الجيش بات كثير التأثير على الثقافة الاميركية، وانه لا ينبغي ان تستخدم المدارس لاهداف عسكرية. ويقول جيمس بالافوكس الناشط ضمن مجموعة من المعارضين لعسكرة المدراس "انهم يكذبون على الناس عندما يقولون ان هذه مسألة متصلة بالمواطنة، انهم يريدون جلب الناس الى الجيش". وتقول دارلين غرامينغا الناشطة في مجموعات ضد الحرب انه ينبغي في الدرجة الاولى التركيز على نوعية التعليم الذي يتلقاه الاطفال، كي يفتح لهم باب النجاح في المستقبل، لا ان يعيشوا في فقر لا يخرجهم منه سوى الدخول الى الجيش. لكن القومندان في قوات البحرية مايك توكر يؤكد ان اكاديمية ريكوفر لا تفعل ذلك على الاطلاق، وان هدفها الاساسي هو تحضير الفتيان للدخول الى الجامعات. ففي العام الماضي، قبل 79 تلميذا متخرجا من مدرسة ريكوفر في الجامعات، وقد حصلوا على منح بقيمة 7,5 ملايين دولار معظمها ليست من الجيش. لكنهم لم يتمكنوا جميعا من دخول الجامعات بسبب اوضاعهم الاجتماعية. ولا يتطوع في الجيش اكثر من ثمانية من طلاب الاكاديمية سنويا، وهي نسبة معقولة في مدرسة يعد 86 % من طلابها من الفقراء.