برلين ـ وكالات
دخل قانون الاعتراف بالشهادات الأجنبية في ألمانيا حيز التنفيذ منذ سنة. وبالتالي أصبح بإمكان المهاجرين غير الأوروبيين المطالبة بالاعتراف بمؤهلاتهم المهنية وشهاداتهم الدراسية في ألمانيا. خطوة مهمة ولكنها لا تخلو من العقبات.تعتبر المهارة العالية، والخبرة الطويلة، بالإضافة إلى الحماس للعمل، من بين أهم الصفات والشروط اللازمة للنجاح في سوق العمل الألماني. لكن امتلاك العديد من الأجانب في ألمانيا لهذه الصفات لم يُتح لهم بالضرورة المجال للعمل في اختصاصاتهم، خاصة أولئك الذين حصلوا على شهاداتهم العلمية ومؤهلاتهم المهنية في بلد ثالث، أي خارج الاتحاد الأوروبي. وحتى وقت قريب، لم تكن ألمانيا تعترف بالشهادات الأجنبية، سواء للمعلمين من ليسوتو أو الممرضات من كازاخستان وغيرها من البلدان. هذا القانون الصارم كان يشكل في ألمانيا أحد أهم الأسباب التي اضطرت العديد من الأجانب لامتهان أعمال أقل بكثير من مستوياتهم الدراسية وكفاءتهم المهنية، إذ لم يعد من الغريب أن تجد أطباء من إيران أو العراق يكسبون قوت يومهم كسائقي سيارة أجرة أو كنُدُل في المطاعم أو حتى كعمال في مواقع البناء . ومن أجل الحد من هذه الظاهرة والاستفادة من الكفاءات الأجنبية في ألمانيا، قام المشرع الألماني بسن قانون الاعتراف بالشهادات الأجنبية (BQFG)، والذي دخل حيز التنفيذ في بداية شهر أبريل/ نيسان من العام الماضي. ويسعى القانون الجديد إلى توحيد إجراءات الاعتراف بالشهادات الأجنبية في كافة الولايات الألمانية، ليصبح بإمكان أصحاب الكفاءات المهنية والعلمية الأجنبية ممارسة مهنتهم في ألمانيا. وتقوم لجنة اختبار خاصة بدراسة الطلب وتحديد مدى استجابة الشهادات المكتسبة في الخارج للمعايير الألمانية. وفي حال الاعتراف، يصبح من حق الأجانب ممارسة مهنتهم في ألمانيا. أما في حال عدم تلبية الشهادات المقدمة للمعايير الألمانية، فيمكن للمتقدمين المشاركة في دورات تأهيلية إضافية بغية الوصول إلى المستوى الألماني.وسجلت الإحصاءات في العام الماضي حوالي 30 ألف طلب، من بينهم أكثر من ثمانية آلاف من الأطباء. وقد تم قبول حوالي نصف الطلبات. وتقول إيفا مولر، الباحثة في كلية الوكالة الاتحادية للعمل بمدينة مانهايم، في هذا الصدد: "لم يعد بلد المنشأ هو المعيار الأساسي لولوج سوق العمل، بل المهارات والكفاءات التي يمتلكها الشخص". ويساهم القانون الجديد في تأمين حاجة سوق العمل الألمانية إلى ذوي الاختصاص والتأهيل من الأيدي العاملة، خاصة من أصحاب الكفاءات العلمية.لكن عملية الاعتراف قد تأخذ وقتاً طويلاً بحكم العبء الإداري الكبير الذي يتحمله المتقدمون، إذ يجب أن تكون الوثائق موثقة ومترجمة للغة الألمانية. بالإضافة إلى ذلك، يتوجب على المتقدمين بحث ما إذا كانت مؤهلاتهم تتناسب مع الشهادات والمهن الموجودة في ألمانيا. ومن أجل معرفة ذلك، يمكن للمتقدمين الاتصال بالمكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين، ذلك أن "التأهيل المهني والشهادات الدراسية تختلف من بلد لآخر"، على حد تعبير إرفين شيندلر، المسؤول عن قسم تقديم الإرشادات في قسم شؤون الاعتراف بالشهادات الأجنبية في المكتب الاتحادي للهجرة. ويضيف شندلر: "يصعب على موظفينا مقارنة وتحديد مدى مطابقة الشهادات الأجنبية لنظيراتها الألمانية، خاصة وأن الهيئة المختصة بدراسة الطلب تأخذ هذا القرار بعين الاعتبار". كن الطريق إلى الهيئة المختصة بدارسة الطلب المقدم مبني على قواعد محددة وواضحة، إلا أنه معقد بعض الشيء، لأن الاعتراف ببعض المهن مثل المدرسين والمربين والأخصائيين الاجتماعيين هو من مسؤولية الولايات الألمانية بشكل خاص، وهو ما يجعل معايير الاعتراف تختلف من ولاية إلى أخرى، خاصة وأن بعض الولايات لم تطبق بعد هذا القانون على أرض الواقع. وهذا ما يشير إليه إرفين شيندلر، الذي يرى أنه "ما تزال هناك فجوة كبيرة في قوانين بعض الولايات، إذ لا يمكن في الوقت الحالي دراسة الطلبات المقدمة في البعض منها". وبعد سنة من بدء العمل بهذا القانون الاتحادي، ما تزال هناك العديد من العراقيل والمشاكل التي يجب تجاوزها حتى تشمل عملية الاعتراف بالمؤهلات المهنية الأجنبية جميع أنحاء ألمانيا. لكن ليس كل المؤهلات المهنية من الخارج تجد مهناً مطابقة لها في ألمانيا، فمهنة "معلم الكونغ فو" من الصين، على سبيل المثال، ليس لها مثيل في ألمانيا، حسب إرفين شيندلر، الذي يتابع بالقول: "بالرغم من الخبرة العالية والمؤهلات الكبيرة لمعلم الكونغ فو، إلا أن مهنته لا يمكن الاعتراف بها في الوقت الحالي في ألمانيا".