دوة "أدب الطفل

أكد أدباء ومتخصصون في شؤون أدب وثقافة الطفل أن القراءة هي الركن الأهم لبناء الشخصية الوطنية للطفل في مراحل نشأة حياته الأولى، لأنها تكشف له مشاعر التعلق بالأرض، والبيئة، والصور الأولى للتذوق الوطني، والتعرف فيما بعد إلى القيم والعادات والثقافات والتقاليد التي تؤهله لتكوين شخصيته الوطنية بين الأمم واستشراف مستقبله في ضوء ذلك.
 
جاء ذلك خلال ندوة "أدب الطفل وتعزيز الهوية الوطنية"، وندوة "الطفل والقراءة في مرآة العصر" وشارك في الندوة الأولى كل من: الكاتبة الأردنية سناء الحطاب، والكاتب البريطاني فيليب وومك، والدكتور حيدر وقيع الله، وأدار الندوة عبد الفتاح صبري، فيما شارك في الندوة الثانية الدكتور علي الحمادي، والأديبة أسماء الزرعوني، وأدار الندوة محمد عبد السميع.
 
واستهلت الكتابة سناء النقاش حديثها في الندوة الأولى بالحديث عن تعريف الهوية، وبيان أهمية الحفاظ عليها من خلال العمل الفوري والعاجل على تأسيس مؤسسات فاعلة من شأنها إحياء الأعمال الأدبية الموجهة للطفل في المناهج التعليمية التي تقصر كثيراً عن الإفادة من هذا الكم الغزير من الأعمال المهمة الموجهة للطفل في الساحة، كما طالبت بتفعيل برامج الإنتاج العربي المشترك ومسرح الطفل لأنها تصب في الإتجاه ذاته، وتؤثر ايجاباً في نمو الهوية الوطنية.
الكاتب البريطاني فيليب وومك أكد أن الكتّاب في بريطانيا يحرصون أولاً على ترسيخ القيم الكونية المعروفة من الكرم والشجاعة والأمانة والوفاء وغيرها، ثم تأتي القيم الإجتماعية التي تشترك منظومة التعليم والمجتمع والإعلام في تغذية الطفل بها، وبين وومك أن الخوف من تأثير العولمة كتهديد للهوية يتوقف على مدى قوة الأسس التي بنيت عليها، وأنهم في بريطانيا يفكرون دائماً بذلك، ويضعون لها الخطط والحلول الناجحة.
 
وتطرق الدكتور حيدر وقيع الله إلى المصادر الملهمة لموضوع الهوية مثل: اللغة والدين والموروث الشعبي، وأشار إلى العديد من نقاط التلاقي بين الهويات في العالم في إطار الإنسانية والتعارف المثمر بين الثقافات، ودور كتاب أدب الطفل في ذلك الإتجاه، وشهدت الندوة العديد من المداخلات التي أثرت الموضوع، واتفق المشاركون فيها على أهمية حصول الطفل على نصيب وافر من المناعة في أدب الطفل المعزز للهوية الوطنية ضمن أساليب حديثة ومتقدمة.
 
وأشادت الأديبة الإماراتية أسماء الزرعوني في الندوة الثانية بتجربة الشارقة في إقامة مهرجان الشارقة القرائي للطفل المتفردة في المنطقة، انطلاقاً من دور الشارقة كعاصمة للثقافة الإسلامية، ودعماً لتوجيه الطفل كيف يفهم المستقبل ويشق طريقه بخطوات واثقة تجاهه، وبينت أن الروح القرائية التي تعزز الهوية الوطنية تحتاج إلى أبوين قارئين، ومعلم مثقف، ومجتمع تزدهر فيه ثقافة القراءة، ويتعاون فيه الجميع من أجل تحقيق هذا الهدف المهم.
 
وطالبت الزرعوني بأهمية التدقيق في الكتب المترجمة الموجهة للطفل والتأكد من كونها لا تقلل من شأن الهوية الوطنية، أو تدفع الطفل إلى عدم الإهتمام بها، كذلك طالبت بأهمية إيجاد لجان تشرف على الكتب الموضوعة في المكتبات العامة ومكتبات المدارس، والتأكد من أن محتواها يصب في خدمة الهوية الوطنية وتعلق الطفل بوطنه، وإقرارها في ضوء ذلك.
 
واستعرض الدكتور علي الحمادي التجربة الناجحة لجمعية حماية اللغة العربية في الشارقة التي أطلقت في العام 1999، وأهميتها في تعزيز الثقافة المجتمعية، وحماية مضامين الهوية الوطنية، واهتمامها بالمحتوى المتميز للكتاب من أجل ضمان تقديم مناعة للطفل في مجال لغته السليمة التي تشكل إحدى ركائز الإنتماء والهوية الوطنية.