الدكتور عمرو خالد

أكّد الداعية الإسلامي، الدكتور عمرو خالد، أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تعرضت في المائة عام الأخيرة لظلم كبير، بسبب التركيز على الغزوات التي خاضها في حياته، في مقابل إغفال الجانب الإنساني، والذي من أجله أرسله الله إلى العالمين، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".

  وأضاف خالد في أولى حلقات برنامجه الرمضاني، "نبي الرحمة والتسامح"، والذي يذاع على قناة "mbc"، أن عدد الغزوات التي غزاها النبي 27 غزوة، بمعدل 540 يومًا، أي سنة وخمسة أشهر تقريبًا من إجمالي 23 سنة هي مدة الرسالة، بينما أمضى أكثر من 21 عامًا في أعمار الأرض والبناء والعمل والإنتاج والتعليم لهذه الأمة، مشيرًا إلى ما أورده الإمام الغزالي في كتابه "المستصفى" من أن عدد آيات القرآن 6236 آية، عدد آيات الفقه والأحكام والجهاد والقتال والأحكام 430 آية فقط، أي 7% فقط من مجموع آيات القرآن، بينما الـ 93% المتبقية أخلاق مرتبطة بالعقيدة.

ولفت خالد إلى أن عدد الأحاديث النبوية بكل درجاته، 60 ألف حديث، ما يتعلق منها بالفقه والقتال والحدود والأحكام 4200 حديث، أي ما نسبته 7% فقط من إجمالي الأحاديث الصحيحة، مشددًا على "أننا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة التركيز على الجانب الأهم في حياة النبي، وهو الجانب الإنساني منها، من خلال رؤية جديدة للسيرة النبوية تنظر إلى الجانب الحياتي في سيرة النبي، تسلط الضوء عن قرب حول معاني الرحمة والبناء والتسامح والخير والعاطفة وإصلاح الإنسان من داخله، فليس هناك من إنسان على وجه الأرض جمع الله له في حياته كل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه من معجزاته، حيث لايوجد نبي سواه تستطيع أن تقتدي به في كل حياتك، لأنه عاش حياة الغنى والفقر، الحاكم والمحكوم، الأعزب والمتزوج من امرأة وأكثر، زوج بناته ودفن أولاده، اشتغل أجيرًا عند الناس، وفي الوقت ذاته كان صاحب عمل، وغير مهنته 3 مرات".

وذكر خالد أن السيرة يوجد فيها ما يلبي احتياجات العصر وحتى مع تغير الأزمان، وهذه من معجزات النبي، موضحًا أن المدخل إليها هو حب النبي الذي سيجعلك تقلده في أخلاقه، وسيدفعك إلى تقليده في رحمته وتسامحه، فترتقي بنفسك وتصير أفضل، والنبي أعظم الناس إنجازًا بشهادة الغرب "الخالدون مائة وأعظمهم محمد"، وحبك له يدفعك لأن تنجح وتحقق إنجازًا.

وأورد نماذج من تسامح النبي مع أعدائه، كدليل على أنه أحن خلق الله على الناس، وأكثرهم تسامحًا، كما أنه كان لديه القدرة على استخراج السمات المميزة لكل شخص، ويعرف إمكانياته ويوجها بشكل صحيح، وتدور فكرة برنامج "نبي الرحمة والتسامح" حول تسامح النبي في معاملته مع كل الناس حتى أعدائه، ومواجهة التطرف والعنف بكلام موثق من السنة النبوية، ومن خلال قراءة وفهم جديدين للسيرة النبوية وبرؤية عصرية جديدة بعيدًا عن الفهم المتطرف المتشدد، ليكون بذلك أول داعية إسلامي ينشغل بتلك القضية.

وسيكون ذلك من خلال مخاطبة عواطف الشباب ووجدانهم، بما يحميهم من الانزلاق إلى طريق العنف والتطرف، عبر إظهار القيم وأخلاق الرحمة والحب والسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، في إطار التوجيه الصحيح للسيرة النبوية، بديلاً عن التوجيه الخاطئ الذي أدى إلى استخدامها نحو العنف، ومن المقرر أن يعرض البرنامج على جزئين لمدة موسمين متتاليين، حيث سيتناول الجزء الأول، الذي سيذاع خلال شهر رمضان هذا العام، مولد النبي وحتى الهجرة "المرحلة المكية"، أما الجزء الثاني فيعرض في رمضان العام القادم ويدور حول مرحلة الهجرة إلى الوفاة "المرحلة المدنية"، ويجمع المرحلتين فكرة الرحمة والتسامح.