القاهرة - صوت الامارات
اكتشف علماء من جامعة كاليفورنيا للتقنية وكلية أوكسيدنتال في لوس أنجلس تكافلاً بين ديدان ضئيلة الحجم تنتمي لطائفة «كثيرات الأهداب» وبكتيريا الميثيلوكوكاسيا Methylococcaceae لحصد غاز الميثان في قاع البحر.
وتوصل الباحثون لهذا الاكتشاف أثناء رحلاتهم لدراسة مواقع تسريب غاز الميثان قبالة ساحل جنوب كاليفورنيا وكوستاريكا، وقد نشروا اكتشافهم في 3 نيسان (إبريل) الجاري في مجلة «ساينس أدفانسز».
عند فوهات التسريب
بداية تعجب الفريق البحثي لرؤية ديدان بأعداد كبيرة، وهي ضئيلة الحجم ويبلغ طولها عدة بوصات ولها أهداب كثيفة تساعدها على التنفس، عند فوهات تسريب غاز الميثان CH4، وهو غاز هيدروكربوني يتسرب من آبار النفط، في قاع البحر.
ولكن بعد البحث، وجدوا أن بكتيريا الميثيلوكوكاسيا التي تعتمد على غاز الميثان كمصدر أساسي للطاقة والكربون تعيش على أهدابها، وهذا ما يفسر وجود هذه الديدان عند فتحات الميثان، إذ أضحت الديدان نفسها مستهلكة لغاز الميثان.
تقول فيكتوريا أورفان، أستاذة العلوم البيئية في جامعة كاليفورنيا وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة، "إننا نعلم ارتباط هذه الديدان بتسربات غاز الميثان وافترضنا سابقاً أنها تتغذى على البكتيريا وحسب، ولكننا وجدنا أنها تستخدم الطاقة الكيميائية للتغذية بطريقة لم تخطر ببالنا".
لاكتشاف طبيعة التكافل بين الديدان والبكتيريا، استخدم العلماء غواصات آلية للوصول إلى عمق 1800 متر تحت سطح المحيط، ليتسنى لهم جمع عينات للديدان من فوهات الميثان، وفي معاملهم، حللوا أنسجة الديدان بواسطة التقنيات الجزيئية والفحص المجهري لمعرفة نسبة نظائر الكربون فيها، ومن ثم أمكنهم تحديد مصدر الميثان.
نظائرالكربون وغاز الميثان
يعد الكربون عنصراً أساسيا للبقاء على قيد الحياة، إذ تمتصه الكائنات الحية أثناء عمليات التمثيل الغذائي. ويتوفر في الطبيعة في ثلاث صور (نظائر). الصورة الأولى وتمثل حوالي 99 في المئة هي لكربون 12، يحتوي على ستة نيوترونات وستة بروتونات في كل نواة ذرية.
وحوالي 1 في المئة من الكربون 13، ستة بروتونات وسبعة نيوترونات. أما الكربون 14 فهو نظير مشع ومتوفر بنسبة ضئيلة جداً. ويلجأ العلماء لدراسة نسبة الكربون 13 إلى الكربون 12 في أنسجة الكائنات الحية لمعرفة مصدره وظروف تكوينه.
وعلى غير العادة، احتوت أنسجة هذه الديدان على نسبة منخفضة من الكربون 13 إلى الكربون 12، مما يعني أن الكربون في أجسامها مصدره الميثان.
تقول أورفان "وجدنا نظائر الكربون في جميع أنحاء أجسام الديدان وليس فقط في أهدابها، وهذا يشير إلى أنها تستهلك عنصر الكربون الذي استهلكته بكتيريا الميثيلوكوكاسيا من غاز الميثان".
الفتحات الحرارية المائية
وفي سياق منفصل، كانت مجلة ISME قد نشرت في آذار (مارس) الماضي دراسة عن نوع من البكتيريا في قاع البحار يستخدم الهيدروجين الصاعد من الفتحات الحرارية المائية وثاني أوكسيد الكربون في عملية الأيض لإنتاج غاز الميثان الخالي من ذرات الأوكسيجين.
وجدير بالذكر أن الفتحات الحرارية تنشأ في قاع البحار نتيجة لارتفاع حرارة باطن الأرض والحركات التكتونية والبراكين، ويتصاعد من هذه الفتحات غاز ثاني أوكسيد الكربون وبعض المركبات السامة، منها غاز كبريتيد الهيدروجين الذي يؤثر بالسلب على الكائنات البحرية وقد تم اكتشافها عام 1977.
يقول فولكر مولر، أستاذ الأحياء الدقيقة في جامعة غوته في فرانكفورت والباحث الرئيس في الدراسة، "بكتيريا أسيتو بكتيروم وودي Acetobacterium woodii فريدة من نوعها، إذ إنها تستخدم الهيدروجين وتنتجه في نفس الوقت لتحوله إلى طاقة في عمليتين بيولوجيتين متناقضتين تماماً".
ويُلقي هذان البحثان الضوء على طبيعة النظام البيئي في أعماق البحار، وقدرته على التحكم في تسربات الميثان والفتحات الحرمائية. ولكن إلى أي مدى تصل تلك القدرة، خاصة مع زيادة تسربات الميثان والفتحات الحرارية في المستقبل بسبب الاستغلال البشري للطاقة والمعادن؟
قد يهمك ايضا
علماء يوضحون طبيعة الأمازون الحالية من صنع الإنسان
كيف تساهم الديدان الخيطية في خصوبة التربة وتغيُّر المناخ