تعد أنواع الكائنات الحية على هذا الكوكب نتاج مليارات السنين من التطور، لكن بعض المخلوقات تطورت لتصبح أكثر غرابة عن غيرها، ويشرح الدكتور ستيف بورتغال الأستاذ المحاضر في علم الأحياء الحيوانية وعلم وظائف الأعضاء في رويال هولواي لماذا تتصرف بعض المخلوقات بغرابة في مقال لـThe Conversation، وذكر بورتغال "يساعد التطور كل الأنواع على صنع مكانتها الخاصة في نطاق كوكبنا الضخم من المصادر المختلفة والسلبية، وأحيانا ما تتطور الأنواع تطورا غريبا حقا، ويحدث ذلك لأن الحمض النووي للحيوانات ربما يمر بطفرات جينية عشوائيا، وهو ما ينتج صفات مفيدة للبيئة تجعل الحيوان أكثر قدرة على البقاء على قيد الحياة ونقل جيناته، وتمرر هذه الصفات على مدى أجيال عديدة حتى تسود في الأنواع، وبذلك فإن البيئات الفريدة من نوعها ربنا تسبب للحيوانات تطورات فريدة من نوعها، وأحيانا ما تحدث بعض التطورات استجابة لدرجة الحرارة العالية أو نتيجة التنافس للحصول على شريك، وحتى تصدق بعض التطورات الغريبة يجب رؤيتها حقا ". وأضاف برورتغال "على سبيل المثال هناك نوع من الطيور يترجم اسمه اللاتيني إلى (أرتشر الثعبان) وهو ما يعطينا فكرة عن النظام الغذائي للطائر، ولكن مع البحث عن صيد الثعابين السامة يجعل الطيور في خطر فإن أساءت هذه الطيور توقيت الهجوم فربما يتم عضها وتعاني من عواقب وخيمة، وأدت هذه العلاقة بين كائنين مفترسين إلى تطوير هجوم أسرع وتوقيت استجابة لدى الطيور، فيمكن لهذه الكائنات ضرب رأس فريستها حتى يتم قتلها أو تعجيزها إلا أن الركلة الأولى لها أهمية خاصة في تعجيز الفريسة قبل أن تأخذ فرصتها للرد، وفي موضع الوقوف يمكن لهذا النوع من الطيور ضرب الفريسة بقوة تفوق 5 أو 6 مرات وزن جسمها، ويعادل ذلك ركلة رجل بالغ وزنه 400 كيلو غرام، وتقوم هذه الطيور بهذه الضرب في وقت قصير للغاية، وتكون قدم الطير في اتصل مع الثعبان فقط لمدة 15 ميللي من الثانية". وتابع "هناك نموذج آخر وهو الفأر العاري الذي يبدو في مأمن من الشيخوخة ومتوسط عمره المتوقع أكثر من 30 عاما، وتسيطر على الوسط الاجتماعي لهذه الفئران إحدى الملكات ولديهم قدرة غير عادية على الجري للأمام بسرعة أكبر عن سرعتهم في التراجع للخلف، ويعتقد أن هذه الصفات تطورت لمساعدة الحيوانات على البقاء في الجحور الحارة والرطبة تحت الأرض مع توزيع الأغذية في مكان معيشتهم في غرب أفريقيا، ومن المميزات الغريبة المثيرة للاهتمام لدى هذه الأنواع هي أسنانهم التي يستخدمونها في الحفر، فتظهر القواطع العلوية بشكل دائم على السطح الخارجي لشفاه الحيوان، ويمكنها التحرك بشكل مستقل عن بعضهما البعض مثل زوجين من العيدان، ما يعني أن هذا الفأر يمكنه الحفر دون دخول التربة في فمه، ومن المثير للدهشة رؤية هذه الفئران تدرج قشور الدرنات خلف قواطعها وأمام الشفاه مباشرة لتكون بمثابة قناع للوجه ضد التراب". وبيَّن "وإذا ما تحدثنا عن قشر بيض الطيور فنجد أنه لا يساعد فقط في حماية الجنين النامي داخلها لكنه يحتوي على مسامات صغيرة للسماح للأكسجين بالمرور، وإذا سدت هذه المسام بالمخلفات فيشكل ذلك خطرا كبيرا ربما يؤدي إلى موت الجنين المتنامي، ويعد هذا هو الخطر لحيوان الغليموت الذي يعيش في مستعمرات ضخمة تضم ما يصل إلى 400 ألف زوج، ويضعون بيضهم على حواف الجرف التي تغطى بكميات كبيرة من براز الطيور، وطور الغليموت حلا عبقريا للتغلب على البيئة القاسية ومنع انسداد مسام قشر البيض مع هذا الوحل، فغطت هذه الأنواع القشرة الخارجية للبيض بشكل مخاريط صغيرة للغاية تجعل سطح قشرة البيض كارها للمياه، وتتشابه هذه الفكرة مع تلك التي وجدت على أوراق اللوتس، والتي تؤدي وظيفة التنظيف الذاتي، وهو ما يضمن تبادل كمية الغازات المناسبة عبر سطح قشرة البيض ويساعد الجنين على التطور بنجاح". وأكمل بورتغال " يمكنك تخيل مفاجأة مجموعة من العلماء عندما اكتشفوا أسماك تتسلق الصخور المؤدية إلى نهر أورينوكو في فنزويلا، فتطورت هذه الأسماك لتصبح ما يعرف باسم "أسماك السلور المتسلقة للصخور"، وعند النظر لهذه الأسماك يبدو كأنها تحمل سرا غريبة؛ فتجد أن لديها زوجين من الزعانف الحوضية اللحمية، وهو ما يسمح للسمكة بتسلق الصخور والخروج من الماء لأن زعانفها الحوضية يمكنها التحرك جيئة وذهابا بشكل مستقل، ويعد التسلق هنا ميزة مهمة لهذه الأسماك لأن منسوب المياه في الروافد الصغيرة من النهر متغير للغاية، وتسمح هذه الزعانف للسمكة بالخروج بحثا عن مصادر المياه الأخرى وخلال موسم الأمطار الغزيرة يمكن للأسماك الهروب مؤقتا من التدفق المكثف".