ظاهرة الاحتباس الحراري


تميزت ظاهرة التغيرات المناخية عن معظم المشكلات البيئية الأخرى بأنها عالمية الطابع، تعدت حدود الدول لتشكل خطورة على العالم أجمع، وتشير التقارير إلى الزيادة المضطردة في درجات حرارة الهواء السطحي المحيط بالكرة الأرضية بمتوسط عالمي يتراوح معدله ما بين ٠,٣ حتى ٠,٦ من الدرجة خلال القرن الماضي.

وفيما أشارت دراسات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية في تقارير تصدرها منذ إنشائها عام ١٩٨٨، إلى أن هذا الارتفاع المستمر في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة سوف يؤدي إلى العديد من المشكلات الخطيرة كارتفاع مستوى سطح البحر مهددا بغرق بعض المناطق في العالم، والتأثير على الموارد المائية والإنتاج المحصولي، بالإضافة إلى انتشار الأمراض.

ومن شأن استمرار انبعاثات الغازات الدفيئة عن المعدلات الحالية بمستوى أعلى أن يتسبب في المزيد من الإحترار ويحدث تغيرات في النظام المناخي العالمي خلال القرن الواحد والعشرين، تغيرات من المرجح أن تتخطّى تلك التي شهدها القرن العشرين.

واتفقت الدراسات والأبحاث على حدوث ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، محددة المناطق الأكثر تضررا ليست تفصيلا، إلا أن فصل الصيف، الذي جاء مبكرا هذا العام على باكستان أكد أن تلك الدولة الواقعة جنوب قارة آسيا بسكانها الأكثر من ١٨١ مليون نسمة، تمثل بؤرة من أكثر البؤر المتضررة في العالم من ظاهرة الاحتباس الحراري، وكذلك جارتها الهند التي تعرضت منذ حوالي شهر لارتفاع شديد في درجات الحرارة أعلنت على أثره السلطات الهندية عن مقتل اكثر من ألفي شخص، وبالرغم من أن مئات المواطنين الهنود خاصة الفقراء منهم يموتون كل عام بسبب ارتفاع الحرارة في الصيف، إلا أن أعداد القتلى فى العام الحالي اعتبر ثاني أعلى معدل وفيات فى تاريخ البلاد.

وحسب ما أفادت به قاعدة البيانات الدولية للكوارث الطبيعية، تعتبر هذه الموجة من أسوأ الموجات من حيث عدد القتلى في تاريخ العالم، شهدت كراتشى اكبر المدن الباكستانية ومركزها المالي والتجاري لباكستان، ونواة العمل الإقليمي والنشاطات التقنية موجة حر شديدة ارتفاع غير مسبوق فى درجات الحرارة منذ يوم الجمعة الماضي، ويتوقع استمرارها مع هبوب رياح وعواصف رملية تخفف من حدتها بعض الشئ.

تسببت موجه الحر التى تتعرض لها باكستان حاليا في تفشي الحالات الحرجة التي تعاني أمراضا ناتجة عن الحر، وفي مقتل مئات الأشخاص نتيجة تعرضهم لآشعة الشمس الحارقة وانخفاض ضغط الدم، وسجلت غالبية حالات الوفاة في كراتشي، أكبر مدن البلاد التي يتجاوز عدد سكانها العشرين مليون نسمة، وتعطلت إمكانية إسعاف المتضررين مع الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي، والذي أدى بدوره إلى بطء التزود بالماء.

ونظرا لتفاقم الوضع قررت السلطات الباكستانية إغلاق المدارس والمكاتب الحكومية وإعلان حالة الطوارئ في المستشفيات الرئيسية في إقليم السند، وتم تكليف القوات الباكستانية بالتعامل مع الأزمة، وفرضت حالة الطوارئ في جميع المستشفيات، وتم إلغاء إجازات الأطباء وغيرهم من العاملين بالمستشفيات، وإنشاء مراكز خاصة لمعالجة الضحايا، وأعلنت جامعة كراتشي تأجيل الامتحانات لمدة شهر على الأقل بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، ونصح الأطباء السكان بتجنب التعرض للشمس وارتداء الملابس القطنية الخفيفة.

ارتفعت درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية، في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على الكهرباء مع احتفاء الباكستانيين بشهر رمضان، وتعهدت كل من الحكومة الاتحادية وشركة "كي إلكتريك" الخاصة التي تزود كراتشي بالطاقة، بعدم انقطاع في الكهرباء في وقت الإفطار، فى الوقت الذى حذر فيه رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف شركات الكهرباء بأنه لن يتساهل مع انقطاع الكهرباء خلال شهر رمضان، بحسب ما أفاد مسئول في مكتبه.