نيويورك - أ ش أ
تحتفل الأمم المتحدة غدا "الأحد" باليوم الدولى للحد من الكوارث 2013 تحت شعار "العيش مع الإعاقة والكوارث"، حيث يعتبر الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة من بين أكثر المستبعدين فى المجتمع، وتضخم محنتهم عند وقوع الكوارث.يركز اليوم الدولى للحد من الكوارث هذا العام على ما يقرب من مليار من الذين يعيشون بشكل من أشكال الإعاقة، وضعفهم فى مواجهة للكوارث.وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت فى 22 ديسمبر عام 1989، يوم الأربعاء الثانى من شهر أكتوبر ليكون اليوم الدولى للحد من الكوارث الطبيعية، وواصلت الاحتفال بهذا اليوم العالمى بشكل سنوى خلال العقد الدولى للحد من الكوارث الطبيعية، من 1990 – 1999، ثم قررت فى 21 ديسمبر عام 2010 تحديد 13 أكتوبر موعدا للاحتفال وتغيير اسم اليوم إلى اليوم الدولى للحد من الكوارث، والهدف من الاحتفال هو توعية الناس بكيفية اتخاذ إجراءات للحد من خطر تعرضهم للكوارث.وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون - فى رسالته بهذه المناسبة - إلى أن الأشخاص ذوى الإعاقة هم أكبر مورد لا يستفيد منه مخططو الحد من الكوارث فى جميع أنحاء العالم ؛ هذه كلمات قالها فيروز على عليزاده، وهو شخص مبتور الطرفين من أفغانستان كان من ضمن الذين أجابوا على دراسة الأمم المتحدة التى كشفت عن قصص عديدة تروى براعة الأشخاص ذوى الإعاقة وحماسهم فى إدارة المخاطر الناجمة عن الكوارث.وثمة ما يزيد على بليون شخص فى العالم من ذوى الإعاقة، ويعد الاحتفال هذا العام باليوم الدولى للحد من الكوارث فرصة لتعرف دورهم الحيوى فى تعزيز القدرة على الصمود.ولفت مون إلى أن معظم الأشخاص ذوى الإعاقة لم يشاركوا قط فى إدارة مخاطر الكوارث ولا فى عمليات التخطيط واتخاذ القرارات ذات الصلة، ويعانون من الوفيات والإصابات الناجمة عن الكوارث بمستويات عالية على نحو غير متناسب.. وكثيرا ما تخفق نظم الإنذار المبكر وحملات التوعية العامة وسائر أوجه التصدى فى مراعاة احتياجات الأشخاص ذوى الإعاقة ؛ ما يعرضهم لمخاطر عالية دون مبرر، ويوجه رسالة ضارة تفيد بعدم المساواة.وأكد مون أنه يمكننا تغيير هذا الوضع من خلال إشراك الأشخاص ذوى الإعاقة فى مبادرات مواجهة الكوارث وتخطيط السياسات.وقد أقر اجتماع الجمعية العامة الرفيع المستوى المعنى بالإعاقة والتنمية بالحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات بشأن هذه المسألة التى تتناولها أيضا اتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة..وإشراك الجميع ينقذ الأرواح، ويمكن الأشخاص ذوى الإعاقة من أخذ زمام المبادرة بشأن سلامتهم وسلامة مجتمعاتهم المحلية.وأضاف"يمكننا أن نرى الآن مساهماتهم المحتملة فيما يقوم به العديد من الأشخاص ذوى الإعاقة المرئية وغير المرئية فى جميع أنحاء العالم الذين يعملون بالفعل كمتطوعين وموظفين يقدمون المساعدة إلى المجتمعات المحلية عند وقوع كارثة وعلى التكيف ومعاودة ممارسة الحياة بعد ذلك".ودعا مون بمناسبة اليوم الدولى للحد من الكوارث، أن نعقد العزم على بذل كل جهد ممكن لضمان توافر أعلى المستويات الممكنة من السلامة لجميع الأشخاص ذوى الإعاقة وإتاحة أكبر فرصة ممكنة لهم كى يسهموا فى رفاهية المجتمع بأسره، ودعونا نبنى عالما شاملا للجميع يمكن للأشخاص ذوى الإعاقة أن يؤدوا فيه دورا أكبر بوصفهم عناصر ثرية بالطاقات من أجل التغيير.ويزداد ضعف الأشخاص الذين يعيشون مع الإعاقة كثيرا فى أثناء الكوارث ؛ لأنهم أكثر عرضة للفقر، مع محدودية فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والمأوى والغذاء والعمل قبل وقوع الأزمة.ويعيش ما يزيد على مليار شخص معاق أو 15 % من سكان العالم مع نوع ما من الإعاقة، ورغم ذلك لا يوجد تمثيل مناسب فى عمليات التخطيط للحد من مخاطر الكوارث ومنع الكوارث أو بناء مجتمعات قوية، ويغفل المخططون مساهمة الأشخاص ذوى الإعاقة فى المجتمعات المحلية فى مجالات التأهب والاستجابة للكوارث ما يدلل على انعدام إدماجهم ومشاركتهم فى عمليات الحد من مخاطر الكوارث.وغالباً ما يشعر المعاقون فى العديد من الدول النامية التى تواجه وطأة الأضرار بأنهم "عديمو الفائدة" أثناء الكوارث وهم بحاجة إلى أن يفهموا دورهم وأن يطالبوا بالمشاركة، ويمكن للأشخاص الذين يعيشون مع العمى أو ضعف فى الرؤية أن يكونون أكثر فعالية فى عمليات البحث والإنقاذ فى الظروف التى تصعب الرؤية فيها على أشخاص آخرين.ووفقا للمنظمة الدولية للمعوقين، لا يتعرض الذين يعانون من الإعاقة لحالات الذعر فى أثناء وقوع زلزال (على سبيل المثال)، لأنهم معتادون على التعامل مع البيئات الصعبة اليومية مقارنة بالذين لا يعانون من إعاقة.ويبدو أنه لا يفعل الكثير لتغير الحالة الراهنة للأشخاص الذين يعانون من الإعاقة، أو تبديد حالات الشك التى يعيشونها، أو تسليط الضوء على التهديدات التى يواجهونها فى سيناريوهات الكوارث. ووفقا لتقارير إخبارية، رفض موظفون فى ملجأ بكاليفورنيا دخول رجل عندما ضرب زلزال الولاية فى عام 1994 ؛ لأنهم لا يستطيعون فهم لغة الإشارة.وفقا للمنظمة الدولية للمعوقين، تجاهل متطوعون فى مأوى دخول مصابين بالشلل الدماغى اعتقادا منهم أنهم كانوا تحت تأثير المخدرات، وأفيد أيضا أنه بعد كارثة تسونامى فى المحيط الهندى فى عام 2004، كانت هناك أمثلة كثيرة لأشخاص من ذوى الإعاقة عجزوا عن الهروب من الأمواج فغرقوا، ولم ينج سوى 41 من 102 ساكن من ساكنى منزل فى جالى بسريلانكا؛ حيث عجز كثير ممن فقدوا أرواحهم عن ترك فرشهم أو فشلوا فى إدارك ضرورة الهروب.وفى عام 2011 حكم قاضى اتحادى أن مدينة لوس أنجلوس لم تكن مستعدة لتلبية احتياجات الأشخاص ذوى الإعاقة فى حالة وقوع كارثة وتم التمييز ضدهم بعدم شمل المعوقين فى خطط التأهب لحالات الطوارىء.ويجرى حاليا نقاشا عالميا بشأن الحد من مخاطر الكوارث، واعتمدت هذه المناقشات على إطار عمل هيوغو - خطة الحد من مخاطر الكوارث العالمية التى اعتمدت فى العام 2005 لمدة 10 أعوام (حتى عام 2015) لبناء قدرة الأمم والمجتمعات على مواجهة الكوارث.ويعد إطار عمل هيوغو الخطة الأولى لشرح ووصف النهج الكلى للمجتمع للحد من الخسائر الناجمة عن الكوارث وآثارها.ويقول الخبراء أن المعلومات المبكرة والتى يمكن الوصول إليها عن الكوارث الوشيكة ونشر المساعدات والإغاثة هى أمور ضرورية لتحسين برامج الحد من مخاطر الكوارث وبرامج الإغاثة للمعاقين.من جهتها، قالت ميروسلافا تاتاريان وهى زميلة بحوث فى المركز الدولى للأدلة حول الإعاقة فى كلية لندن للصحة والطب الاستوائى أن الكثير من المخاطر التى يواجهها الناس فى الكوارث تنجم عن الفقر والتهميش الاجتماعى، فالمكان الذى يعيشون فيه والمسكن الذى يقطنون به وقدرتهم على الحركة، كلها أمور مهمة للغاية عندما يتعلق الأمر بالمخاطر .وأضافت تاتاريان أن الإعاقة البدنية قد تعنى أن يعتمد الناس على أناس آخرين لمساعدتهم فى الحركة، وتعتبر المعلومات التى يمكن الحصول عليها بشأن السلامة الأساسية والتأقلم أمرا مهما.وقد أثبتت الأبحاث أنه فى أثناء الكوارث يكون المعاقون من بين أكثر الناس عرضة للخطر، وإذا أثرت إعاقاتهم على قدرتهم على الحركة أو الاتصال، فإنهم لا يكونوا فقط عرضة لخطر الموت أو الإصابة أو العزل، ولكنهم قد يكافحون أيضا من أجل الحصول على المساعدات الإنسانية والمعلومات حول خدمات الإغاثة المتاحة، وبينما يصعب على المعاقين الحصول على المعلومات، تكافح الوكالات الإنسانية أيضا لمعرفة احتياجاتهم.وأوضح بحث قامت به منظمة (كريستيان بلايند ميشان)، وهى منظمة دولية للمعاقين فى الدول النامية، أن المجتمعات والحكومات تنقصها معلومات عن احتياجات المعاقين وقدراتهم ؛ لذلك كثيرا ما تستثنيهم من الخطط والبروتوكولات الخاصة بالكوارث.وينبغى أن يكون المعاقون على دراية بالسبل التى تجعلهم أكثر قدرة على الصمود وبخدمات وممارسات الحد من المخاطر، وفى نفس الوقت يجب إبلاغ العاملين فى المجال الإنسانى بأماكن سكن المعاقين والطرق المثلى لإمدادهم بالرعاية.ويقول الناشطون الذين ينادون بنقلة نوعية أنه يجب النظر إلى الأشخاص المعاقين ليس باعتبارهم متلقيين سلبيين للرعاية الإنسانية، ولكن باعتبارهم مشاركين على قدم المساواة فى الحد من مخاطر الكوارث.ويحث الميثاق الإنسانى والمعايير الدنيا فى مجال الاستجابة للكوارث (مشروع اسفير) الجهات الفاعلة فى مجال العمل الإنسانى على تصنيف البيانات فى تقييماتهم وبرامجهم وفى أدوات الرصد والتقييم عن طريق الإشارة إلى ما إذا كان هناك إعاقة أم لا، ولكن المنظمة الدولية للمعاقين انتقدت توصيات هذا المشروع، ووصفتها بأنها غير كافية لتوحيد مجموعة غير متجانسة بصورة كبيرة مثل المعاقين، ودعت إلى مزيد من التحديد : كالإشارة إلى نوع الإعاقة.وأشار ناشطون فى فيتنام أن بعض أنظمة الإنذار المبكر التى يشيع استخدامها، مثل الأبواق والأعلام، تقدم مساعدة قليلة للأشخاص الذين يعانون من إعاقة بصرية أو سمعية.وفى الوقت الذى يؤكد فيه إطار عمل (هيوغو)، وهو اتفاقية تم توقيعها عام 2005 لتعزيز الحد من مخاطر الكوارث، على المساواة فى الحصول على التدريب الملائم والفرص التعليمية للفئات الضعيفة، إلا أن هذا الإطار فشل فى الإشارة بالتحديد إلى الإعاقة.وقد عبر الخبراء الذين اجتمعوا فى المنتدى العالمى للحد من مخاطر الكوارث فى جنيف عن أسفهم لهذا الإغفال، وقالوا أنه من الواضح أن الإعاقة تضخم المخاطر فى حالات الكوارث.ومع قرب انتهاء إطار عمل (هيوغو) فى العام المقبل، تجرى المشاورات حول الفترة ما بعد إطار عمل 2015 للحد من مخاطر الكوارث والتى تضمنت نقاشات مهمة حول وضع معايير المسودة الجديدة بحيث تصبح شاملة للإعاقة.ووفقا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، لا يلتحق 98 % من الأطفال المعاقين فى الدول النامية بالمدارس، وبالتالى قد يفوتهم تعلم برامج الحد من مخاطر الكوارث التى يتم تدريسها فى المدارس.وقد قام فريق عمل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف " المعنى بالعمل الإنسانى الشامل بجعل الحصول على معلومات بشأن الخدمات المتاحة للأطفال المعاقين أحد المبادىء الرئيسية للفريق.وفى أندونسيا، تقوم منظمة (أربيتر ساماريتر بوند) وهى منظمة رعاية اجتماعية ألمانية بإدارة برامج الحد من مخاطر الكوارث خارج أبنية المدارس، ويشمل ذلك تبادل المعلومات الأساسية وبعض التدريبات العملية للأطفال المعاقين.وعلى الرغم من أنه لا يتم بصور منهجية تسجيل البيانات الخاصة بوفيات المعاقين أثناء الكوارث، إلا أن معدل وفيات الأشخاص المعاقين فى أعقاب زلزال اليابان فى مارس 2011 الذى تم تسجيله بلغ ضعف معدل وفيات الأشخاص غير المعاقين.وقال ديفيد سنغ من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث أن معظم البيانات الأولية الأكثر دلالة التى تأتى من أكثر من 2000 شخص أكملوا الدراسة حتى الآن عبر الانترنت (فى دولتين على الأقل) هى أن 70 إلى 80 % من المعاقين لم يشاركوا أبدا بأى شكل من الأشكال فى برنامج للحد من مخاطر الكوارث.وفى نيبال حيث يوجد تكهنات منذ فترة طويلة بوقوع زلزال كبير، وتحاول المنظمة الدولية للمعاقين تحديد المنظمات المعنية بالمعاقين فى كتامندو لتكون بمثابة نقاط اتصال للجهات الفاعلة الإنسانية فى حال وقوع كارثة.وقالت سارة بلين المدير القطرى للمنظمة الدولية للمعاقين فى نيبال أنه فى كلا حالتى التأهب والإغاثة من الكوارث يحتاج المعاقون إلى أن يكونوا قادرين على الحصول على المعلومات والخدمات مثل أى شخص آخر.وتدعو استراتيجية حكومة نيبال لإدارة مخاطر الكوارث إلى تحديد أولويات برامج الحد من مخاطر الكوارث التى تستهدف المعاقين.وفى الأماكن الأخرى تم تعزيز تقنية الهاتف المحمول لاستهداف الفئات الضعيفة من السكان بما فى ذلك المعاقين والقائمين على رعايتهم.ويوجد فى باكستان برنامج للرسائل النصية يستخدم نظام ترقيم لتلقى الشكاوى يتراوح ما بين صفر إلى تسعة، وذلك لمساعدة الناجين من فيضانات عام 2011 فى إقليم السند فى جنوب باكستان، ويغطى هذا البرنامج المعاقين وأشخاص آخرين ممن لديهم معدلات منخفضة فيما يتعلق بالإلمام بالقراءة والكتابة حتى يتمكنوا بسهولة من إعطاء ردود أفعالهم عن جهود الإغاثة.ويعد اليوم الدولى للحد من الكوارث عام 2013 فرصة للأشخاص الذين يعانون من الإعاقة فى التعبير عن أنفسهم فى المشاورات التى ستدرج بشأن إطار عمل هيوغو بعد عام 2015، وتهدف المشاورات لإيجاد إطار عمل جديد يخلف إطار عمل هيوغو الحالى ويأخذ فى الاعتبار احتياجات الأشخاص الذين يعيشون مع الإعاقة فى سيناريوهات الكوارث المحتملة.