تشهد كولومبيا انخفاضا في الاراضي المزروعة بنبتة الكوكا المستخدمة لانتاج المخدرات، لكن هذا التقدم يواجه عقبات عدة منها ارتفاع عائدات الاتجار بالكوكايين وانتشار انتاج هذا المخدر في الدول المجاورة. ويشير تقرير صادر عن مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في مطلع اب/اغسطس الجاري الى ان كولومبيا التي تعد اول مصدر للكوكايين في العالم شهدت تقلصا في المساحات المزروعة بالكوكايين بمعدل 25% بين العامين 2011 و2012. لكن انتاج الكوكايين في هذا البلد تراجع من 345 طن سنويا الى 309 اطنان، اي بتراجع لا يزيد عن 10%، بحسب التقرير نفسه. ويقول ريكاردو فارغاس مدير معهد "أكشن انديز" ان هذا التباين بين تراجع مساحة الاراضي المزروعة وبين تراجع الانتاج سببه "ارتفاع متواصل في عائدات زراعة المخدرات". فبفضل التقنيات الجديدة المستخدمة، يتخوف الخبراء من ان تتضاعف عائدات زراعة الكوكايين في السنوات المقبلة، بحسب ما يقول فارغاس صاحب كتاب "المخدرات والنزاع المسلح والتنمية البديلة" في حديث لوكالة فرانس برس. ويقول الاكاديمي دانيال ميخيا مدير مركز الدراسات حول الامن والمخدرات ان التراجع في تجارة المخدرات بدأ في العام 2008 في ظل السياسات التي اتبعتها السلطات لتلف المحاصيل واغلاق مراكز التصنيع. لكن في الوقت نفسه، وفيما تحولت المكسيك واميركا الوسطى الى محور تهريب المخدرات الى الولايات المتحدة، اعلنت البيرو وكولومبيا ان انتاج الكوكايين فيهما عاد ليشهد ارتفاعا. ويقول ميخيا ان هذا الامر يعني ان "نجاحنا على المستوى الوطني يتأثر سلبا بالواقع الاقليمي". ويشير الى ان التجار الكولومبيين يستخدمون اوراق الكوكا الاتية من البيرو، كما كان الحال قبل التسعينات، وقد ضبطت السلطات الكولومبية بالفعل اوراق كوكا من دول مجاورة. شيء آخر يقلق ممثل مكتب الامم المتحدة في كولومبيا بو ماتيازن وهو "مقاومة" المزارعين. ويقول "ان الجهود التي تبذلها الحكومة لتلف المزروعات الممنوعة هي جهود كبيرة، لكن التحليلات تشير الى ان نبتات الكوكا تعود لتظهر في اماكن اخرى"، معتبرا انه "من الضروري ان تكون اجراءات التلف متزامنة مع اجراءات من شأنها تحسين نوعية الحياة لدى سكان المناطق الزراعية". ويتحدث فارغاس ايضا عن عامل مهم في هذا السياق، وهو انتشار لمجموعات المسلحة، من مقاتلين متمردين وعصابات جريمة. اذ ان المساحات المزروعة بالممنوعات تنتشر في مناطق مختلفة من البلاد خاضعة لسيطرة اطراف مختلفة. وبحسب فارغاس، يتعين على الكولومبيين اولا ان ينهوا النزاع الدائر منذ عقود، وان ينتهي بذلك "اقتصاد الحرب" القائم حاليا. ويقول "نلاحط وجود طفرة في استغلال المناجم، وهذا التوجه يأتي على حساب انتاج الكوكا، لكن السلطات لم تضع سياسة لاعتماد المزروعات البديلة.. وحياة الاشخاص الذين يعيشون في ظل اقتصاد الحرب هذا لم تتغير".