كوكب الأرض

وضع الإنسان، أخيرًا، بعد أزمنة من استهلاك الموارد الطبيعية الناضبة لكوكب الأرض، هدفًا طموحًا يتمثل في توفير معظم احتياجاته من الطاقة، بالاستفادة من مصادر طبيعية متجددة. وقد شكلت هذه الفكرة، التي بدت قبل عقود عدة صعبة التنفيذ، إطارًا عامًا لقطاع صناعي متكامل، ينسجم مع احتياجات البقاء والمستقبل، ويضمن حياة أفضل لأجيالنا القادمة. ومن أبرز مصادر الطاقة المتجددة، خلال الفترة الأخيرة، الطاقة الشمسية التي تتسم بميزات عديدة مقارنة بالوقود الأحفوري، منها انعدام الانبعاثات الكربونية تقريبًا، إضافة إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة النفط تسيران في اتجاهين مختلفين تمامًا، فكلما ازداد الطلب على الوقود الأحفوري ارتفعت أسعاره، في حين أنه كلما ارتفع الطلب على حلول الطاقة الشمسية انخفضت كلفتها، لذلك تعد الطاقة الشمسية استثمارًا ذكيًا واقتصاديًا على المدى البعيد.

الأحد وبعد تخطي التحديات التقنية وصعوبة الإيفاء بمتطلبات الطاقة، عن طريق مصادر الطاقة المتجددة، ظهرت استراتيجيات وخطط واعدة، تمثل خارطة طاقة جديدة، لا تحدد معالمها معطيات موارد الأرض، وإنما تتخطى ذلك للوصول إلى موارد السماء، وبرزت منطقة الشرق الأوسط مجددًا، ضمن منطقة طاقة الكوكب الجديدة (الشمس). وعلى الرغم من صعوبة مرحلة التحول من الاعتماد على موارد الأرض لإنتاج الطاقة إلى التعويل على موارد الشمس للقيام بذلك، لاتزال المنطقة تقع في كلا "الحزامين" النفط والشمس.

وتصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة، كعادتها، دول المنطقة في المبادرة، لاستشراف المستقبل معتمدة على رؤى قيادتها الحكيمة، ودخلت بقوة إلى مجال الطاقة الشمسية، وضخت استثمارات كبيرة، ووضعت أهدافًا طموحة عززتها مبادرات مبتكرة، تصب كل منها في أحد جوانب هذا الهدف. وتوجت هذه الجهود مع إطلاق سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، التي تهدف لتحويل الإمارة إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، وتطمح لتوفير 75% من إجمالي طاقة الإمارة، من خلال موارد نظيفة بحلول عام 2050، ما يعطي مثالًا واضحًا على حجم الجهود التي تقودها الدولة عالميًا، ومعايير التنافسية الجديدة التي تحددها في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة. وقد أسهم موقع دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، ضمن نطاق الحزام الشمسي، في تعزيز فكرة الاستفادة من الطاقة الشمسية، لتأخذ حيزًا مهمًا ضمن موارد الطاقة المتجددة.

وبدأت دولة الإمارات العربية المتحدة، بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، الاستعداد مبكرًا لوداع آخر قطرة نفط. ومن أبرز مشروعات هيئة كهرباء ومياه دبي، لتحقيق هذا الهدف الطموح، مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يعد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم (في موقع واحد)، وفق نظام المنتج المستقل، وستبلغ قدرته الإنتاجية 1000 ميغاوات بحلول 2020، و5000 ميغاوات بحلول عام 2030. وتم تشغيل المرحلة الأولى منه بقدرة 13 ميغاوات، وسيتم تشغيل المرحلة الثانية بقدرة 200 ميغاوات في أبريل من العام المقبل. وعند اكتماله سيسهم المشروع في تخفيض أكثر من 6.5 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنويًا، كما يضم المجمع تحت مظلته مركز الابتكار، ومركز اختبارات الطاقة الشمسية، ومركز البحوث والتطوير، ومركز اختبار تقنيات الألواح الكهروضوئية.

وتقود هيئة كهرباء ومياه دبي، بتوجيهات من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، مبادرات طموحة أخرى، لزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية، منها "شمس دبي"، التي تهدف إلى تركيب لوحات كهروضوئية على أسطح المباني لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وربطها بشبكة هيئة كهرباء ومياه دبي، حيث يتم استخدام الكهرباء داخل المباني مع تحويل الفائض إلى شبكة الهيئة. وتهدف دبي إلى وضع ألواح الطاقة الشمسية على جميع مباني الإمارة، بحلول عام 2030. ويعد تركيب نظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية في المباني والبيوت، ضمن مبادرة "شمس دبي"، استثمارًا طويل الأمد قد يمتد لأكثر من 25 عامًا، فبالإضافة إلى تقليل قيمة فاتورة الكهرباء، ورفع قيمة العقار، فإن تركيب أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية يسهم في الحد من البصمة الكربونية، والحفاظ على البيئة ومواردنا الطبيعية لنا ولأجيالنا القادمة.

ومع تسارع وتيرة النمو في قطاع الطاقة الشمسية، تنظم هيئة كهرباء ومياه دبي النسخة الأولى من "معرض دبي للطاقة الشمسية"، والذي سيكون الأكبر من نوعه في المنطقة، ويسلط الضوء على أحدث الابتكارات في قطاع الطاقة الشمسية، من خلال توفير منصة فريدة ومتميزة لبناء الشراكات مع جميع القطاعات الحكومية والخاصة، في سبيل تطوير حلول مبتكرة. ويتزامن المعرض مع الدورة الثامنة عشرة من معرض تكنولوجيا المياه والطاقة والبيئة (ويتيكس) في الفترة ما بين 4 إلى 6 أكتوبر 2016، في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض، بتوجيهات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية، رئيس هيئة كهرباء ومياه دبي.