لندن - وكالات
طائرات الورق التي تسخر حركة الرياح المتدفقة باستمرار على ارتفاع مئات الأمتار فوق الأرض بهدف توليد الطاقة الكهربائية قد تكون بديلا عمليا عن توربينات الرياح التي توضع على ما يشابه طواحين هواء عصرية. وقد أجرى باحثون هولنديون في مايو (أيار) الماضي تجربة على طائرة ورقية ارتفعت من أرض عشبية وشرعت تتأرجح في الهواء ببطء، وبدت ثقيلة الحركة خرقاء، لكنها ارتفعت إلى السماء وحلقت في حقل لا يبعد كثيرا عن دائرة هندسة الطيران والفضاء التابعة للجامعة التقنية في ديلفت في هولندا. وبدا هذا الشراع الكبير الأبيض والأسود مذهلا وهو في كبد السماء. وبالتأكيد فإن الغرض من هذه الطائرة ليس الرياضة. * رياح الأعالي مع وجود 25 طائرة ورقية من هذا النوع مساحة كل منها متر مربع، يمكن إنتاج طاقة تكفي لتغطية احتياجات 40 منزلا مع تأثير ضئيل على البيئة، بأقل من ذلك الذي تسببه توربينات الطواحين الهوائية التقليدية، إضافة إلى الكلفة المتدنية، وفقا إلى رولاند شمهيل من الجامعة المذكورة. واستنادا لما يقوله، فإن الطاقة الجوية هذه قد تكون أكثر نظافة ورخصا وتأثيرا من توليد الطاقة التقليدية من الرياح. وأضاف: «إن من الواضح أن العالم الآن بحاجة إلى المزيد من الطاقة من المصادر المتجددة، كما أننا بحاجة إلى أن يكون التقدم أكثر سرعة. فالريح هو مصدر مهم ظل حتى الآن محدودا، نظرا لأن التوربينات الهوائية التقليدية لم تنجح سوى في مس طبقة رقيقة جدا، مما هو متوفر فعلا في الغلاف الجوي للأرض». وعلى الرغم من أن ارتفاع التوربين الهوائي يصل إلى 200 متر فقط، فإن الطائرة الورقية يمكنها التقاط التيارات الأعلى، فهي تعمل على ارتفاع يتراوح بين 100 و300 متر، ويمكنها في الواقع التحليق إلى ارتفاعات أعلى بكثير، إذ حققت رقما قياسيا بالارتفاع، بلغ 9740 مترا، وفقا إلى شمهيل. * طاقة متواصلة ويذلل توليد الطاقة من الطائرات الورقية مشكلة الطاقة المتقطعة التي هي من سمات تقنيات الرياح التقليدية لسبب بسيط، وهو أنه كلما حلقت إلى ارتفاع أعلى، كلما حصلت على تدفق مستقر للرياح. وبذلك تؤمن التوربينات المحلقة في الجو المزيد من الطاقة الثابتة، وهي أقل تكلفة بكثير، لأنها تحتاج إلى مواد تصنيع أقل من توربينات الرياح، فبدلا من الفولاذ هنالك نظام أشبه بلعبة الـ«يو - يو» (لعبة التأرجح إلى الأعلى - الأسفل). ويقول شمهيل: «هنالك كابل يمتد إلى الأعلى في الهواء، مع جهاز طائر لحصد حركة الهواء. وكانت مجموعتنا قد ركزت على قوة الطائرة الورقية، وخاصة نظام قوة الضخ فيها. وقد اعتمدنا على قوة سحب الطائرة أثناء تحليقها لسحب الكابل من البرميل الذي يقوم بتشغيل المولد الموجود على الأرض». وحال فك سراح الكابل لترتفع الطائرة وتحلق، فإنه بحاجة بعد ذلك إلى لفه وإنزال الطائرة ثانية، مما يتطلب كمية محددة من الطاقة. «وهذا يتطلب تصميم دائرة للضخ للحصول على قوة للسحب والإفلات»، وقد توصل شمهيل وفريقه إلى حل لتقليص الخسارة في الطاقة الناتجة عن ذلك. ويكمن الحل بتوجيه الطائرة باتجاه الريح لدى سحبها إلى الأرض بحيث يقوم تيار الهواء بجزء من المهمة، وبذلك نحتاج إلى طاقة أقل لسحب الكابل»، كما يقول. وتشبه آلية عمل الطائرة عمل المكبس في محرك السيارة «فالمكبس يعلو ويهبط تماما مثلما تفعل الطائرة الورقية، ومثل هذه الحركة تتحول إلى طاقة، استنادا إلى شمهيل وحال تنفيذ نظامنا الواسع في إنتاج مثل هذه الطاقة نقدر أن تكلفة 25 مترا مربعا من هذا النموذج الأولي لن تتجاوز تكلفة سيارة صغيرة وبالقياسات ذاتها». وتبلغ تكلفة الطاقة المولدة بفعل الرياح حاليا ثمانية سنتات لكل وحدة (كيلوواط ساعة)، في حين تبلغ تكلفة الإنتاج الواسع وفقا للطريقة الجديدة، بوجود طائرات ورقية تغطي عدة مئات مربعة من الأمتار، نحو سِنْتَيْنِ.