القاهرة ـ وكالات
اعتاد المصريون خلال العامين الماضيين على أزمة انقطاع الكهرباء بحلول فصل الصيف الذي تزداد فيه معدلات الاستهلاك، وحاولوا معها إيجاد بدائل للتغلب على انقطاع الكهرباء المتكرر، لكن المصانع المصرية التي تعول عليها الحكومة كثيرا في زيادة معدلات التشغيل وزيادة التصدير لتساهم في النمو الاقتصادي تقف عاجزة أمام هذا الانقطاع المتكرر دون أن يكون أمامها بدائل للتغلب على هذا الانقطاع الذي يهدد مصانع بالتوقف عن العمل، كما رصدت عدة دراسات خسائر تقدر بملايين الجنيهات بسبب تأثير أزمة الكهرباء على المصانع. وقال مراقبون إن انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر أدى إلى قيام الكثير من المصانع بتقليل الحوافز والبدلات للعمال، وهو ما قد يؤدي إلى توقف خطوط الإنتاج أو تقليله، الأمر الذي قد يطيح بعدد كبير من العمال. الانقطاع المتكرر للطاقة الكهربائية يضاف إلى أعباء الصناع في مصر الذين يعانون بشكل كبير من تراجع كميات الوقود الأخرى اللازمة لعمليات الإنتاج سواء السولار أو الغاز الطبيعي أو المازوت التي يحصلون عليها من الحكومة، وهو ما أدى إلى توجه بعضهم إلى استثمار ملايين الجنيهات للتحول إلى استخدام وقود بديل كالفحم أو المخلفات الصلبة كمصدر للطاقة بدلا من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية في مصر. وقال وزير التجارة الخارجية والصناعة المصري حاتم صالح أمس إن هناك تنسيقا مع وزارة الكهرباء، يهدف إلى عدم انقطاع الكهرباء عن المصانع إلا في حالات الضرورة القصوى مع تحديد مواعيد وفترات تخفيض الأحمال على شبكات الكهرباء بالمناطق الصناعية وبما لا يؤثر على سير العملية الإنتاجية والحفاظ على المعدات والأجهزة والآلات الخاصة بالإنتاج داخل المصانع. وقال مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية المهندس محمد حنفي إن هناك شركات عدة تشكو من انقطاع التيار الكهربائي، خاصة تلك التي تستخدم الكهرباء في عملية صهر المعادن مثل الألمونيوم والنحاس والحديد والصلب. وأشار حنفي إلى أن المصانع الآن تتفادى العمل في فترات ذروة الاستهلاك، حتى لا يحدث انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي يكلفها خسائر بملايين الجنيهات. «انقطاع التيار الكهربائي خلال الصيف الحالي أصبح بطريقة منظمة، اتفقت وزارة الكهرباء مع المصانع خاصة كثيفة الاستهلاك للطاقة الكهربائية على أوقات التوقف خلال فترة الذروة، وهي تمتد لثلاث ساعات من الساعة السابعة إلى العاشرة مساء، وتلك الفترة تتوقف فيها عمليات الإنتاج التي تستخدم الطاقة الكهربائية بشكل كثيف، وتخطر الوزارة المصانع قبل فصل التيار بنحو ساعة» كما يقول حنفي. وخلال الصيف الماضي أدى الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي عن المصانع خاصة الألمونيوم والحديد والصلب إلى خسائر ضخمة، وأدى إلى تلف الكثير من المعدات بها. وأضاف حنفي أنه رغم تفادي الانقطاع المفاجئ خلال الصيف الحالي، فإن ذلك لا يعني أن المصانع لا تتكبد خسائر من جراء انقطاع التيار المنتظم: «فتوقف الإنتاج يضيع على المصانع طاقة إنتاجية وبالتالي فهذا يعني تراجع الإنتاج وحدوث خسائر، وقدرت شركة مصر للألمونيوم خسائر انقطاع التيار الكهربائي لساعة واحدة بنحو مليون جنيه». وتابع: «رغم الاحتياطات التي تتخذها الحكومة لمنع الانقطاع فإن هذا لم يحل دون التأثير على بعض المعدات بالمصانع، فمثلا بطانات الأفران عن انقطاع التيار الكهربائي تصبح غير صالحة للعمل بها مرة ثانية عند عودة التيار الكهربائي، إلى جانب تعرض بعض المحولات داخل المصانع إلى التلف بسبب الانقطاع المتكرر، وهذا طبعا لا يضاهي الخسائر التي تحدث في المصانع إذا ما حدث انقطاع فجائي في التيار الكهربائي». وأضاف: كان هناك اقتراح منذ سنوات لبناء مولدات للكهرباء تابعة لكل مصنع أو لعدة مصانع، إلا أن وزارة البترول قالت: إن المحطات الصغيرة تكون كفاءتها الإنتاجية أقل من الكبيرة، وبالتالي رفضت المقترح الذي كانت ستحصل المصانع على أساسه على السولار أو الغاز الطبيعي من الوزارة لتشغيل محطات الكهرباء. وتابع: لا توجد أي حلول أمام المصانع الآن إلا انتظار الحكومة لإصلاح الخلل في سياسات الطاقة. وقال حنفي إن بلاده لا تدعم الطاقة الكهربائية للمصانع، ففي أوروبا يصل سعر كيلووات من الكهرباء الموجهة للمصانع إلى 5 سنتات تقريبا وهو ما يعادل نحو 35 قرشا، وتحصل المصانع المصرية على الكيلووات بنحو 31 قرشا في الأوقات العادية وفي وقت الذروة إلى 41 قرشا، مشيرا إلى أن تكلفة الإنتاج بحسب وزارة الكهرباء تصل إلى 37 قرشا للكيلو. وألزمت الحكومة المصرية، المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، بصيانة خطوط إنتاجها خلال شهري يوليو وأغسطس المقبلين، بدلا من سبتمبر وأكتوبر من كل عام، بهدف توفير كميات الوقود لمحطات الكهرباء، وتجنب انقطاع التيار خلال ذروة فصل الصيف. وقال مسؤولون في وقت سابق إن هناك ثلاث محطات جديدة ستدخل حيز الإنتاج ستؤدي إلى زيادة الطاقة الكهربائية المولدة مما يخفف من حدة انقطاع التيار الكهربائي خلال الفترة المقبلة. وقال وزير الكهرباء المصري أحمد إمام في تصريحات سابقة إن بلاده تتطلع بأن يضخ القطاع الخاص في مصر نحو 7.5 مليار دولار لبناء ثلاث محطات كهرباء جديدة كل واحدة بطاقة إنتاجية تقدر بنحو 5500 ميغاواط، وتم طرح إحدى تلك المحطات في مايو الماضي، وستقوم الحكومة بشراء الطاقة الكهربائية من القطاع الخاص وبيعها.