تدعو حديقة نينفا التي تبعد 60 كيلومترا جنوبي روما وتتميز بطابع انكليزي وتضم نباتات نادرة وآثارا غامضة وشلالات وعصافير زائريها إلى رحلة شاعرية في الزمان والمكان فهذه الحديقة التي تعتبر " الأكثر رومانسية في العالم" تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر عندما وضعت عائلة كايتاني يدها على أراض مهجورة منذ قرون ومن بينها مدينة نينفا القديمة التي دمرت سنة 1382. وتقع الحديقة على طول نهر شفاف تنمو في قعره أعشاب مائية وتعيش أسماك ترويت وتجاور بقايا جسر روماني ومركزا قديما للجمارك وهي تضم آثار 150 منزلا وسبع كنائس. ويروي لاورو ماركيتي مدير جمعية روفريدو كايتاني بشيء من الحنين "وقعت حرب اهلية مروعة هنا، وكان الجميع ضد عائلة كايتاني لأن نينفا كانت غنية بالماء. وكان اكثر من الفي شخص يعيشون فيها. كانت تضم طواحين هواء واشجار زيتون، وكان سكانها يعملون بالجلد والحديد". وبتأثير من أدا وهي بريطانية نقلت شغفها بالحدائق الى نجليها جيلاسيو وروفريدو قامت عائلة كايتاني بتجميل المستنقعات وتنظيفها وبزراعة أشجار السرو والزان وغيرها من الاشجار الكبيرة وسط آثار القرية القديمة. لكن في العشرينيات تحولت نينفا الى حديقة فعلية زرعت فيها الأمريكية مارجريت شابين، زوجة روفريدو، الورود والسوسن والخيزران. وشكلت هذه الحديقة القريبة من لاتينا مصدر وحي لعدد كبير من الشعراء والكتاب الذين كانوا أعضاء في الحلقات الأدبية التي أنشأتها مارغريت بين الأربعينات والستينات في باريس ثم في روما، ومن بينهم فيرجينا وولف وتينيسي وليامز وترومان كابوتي وكارين بليكسن وتوماس اليوت والايطاليان البيرتو مورافيا وبيير باولو باسوليني. وتحت قبة مركز الجمارك السابق التي تنعكس عليها مياه النهر كتب جيورجيو باساني روايته الشهيرة " إيل جياردينو دي فينزي-كونتيني" (حديقة فينزي-كونتيني). وقبيل وفاته، عاد الى هنا وهو مريض جدا وقال للاورو ماركيتي " أصبح بامكاني أن أموت الآن ". ويسحر جو الحديقة الشاعري الزائر الذي يمتع نظره بآلاف النباتات والأزهار من كل أنحاء العالم، مثل البرازيل واليابان وأميركا. أما مجموعة النباتات العشبية المعمرة التي تزهر بين ابريل ونوفمبر فقد زرعتها ليليا وهي رسامة انطباعية متحدرة من عائلة كايتاني أوكلت الجمعية مهمة السهر على نينفا والحفاظ على مبادئها لا علاجات كيميائية بل علاجات حيوية بفضل وجود "حشرات مفيدة" و"طيور آكلة للحشرات". ويقول السفير الايرلندي في روما باتريك هينيسي الذي زار الحديقة " هذه الحديقة هي من أمجاد ايطاليا، إنها سمفونية حقيقية بين الطبيعة وقدرة الانسان على زراعة مكان مماثل ". ويزور زميله الاسترالي دايفيد ريتشي الحديقة بانتظام ويقول " أعشق الجلوس هنا والاستماع الى زقزقة العصافير وهدير الشلالات. الجو رومنسي جدا بوجود الماء والزهور والآثار". وبغية الحفاظ على جمال نينفا لا يسمح لأحد بزيارتها إلا ضمن مجموعات على رأسها دليل سياحي وذلك لأيام قليلة في الشهربين نهاية مارس ونوفمبر. ويقول لاورو ماركيتي " علينا أن نحرص على راحة العصافير والفراشات سوف اتذكر دائما الاول من مايو عندما أتى 3972 زائرا وهو رقم قياسي علما أننا نستقبل كل سنة 55 ألف زائر".