وارسو ـ صوت الإمارات
بدأت مجموعة مكونة من 100 ألف نملة محاصرة في قبو نووي في بولندا في تكوين مستعمرة خاصة بهم على الرغم من حصارهم في البرد في ظل محدودية الغذاء والضوء، ونتج هذا الوضع الصعب بسبب اختيار النمل لهذا المكان ليكون موطنهم، حيث بنى النمل للأسف العش الخاص بهم أعلى أنبوب تهوية قبو سلاح نووي قديم، وفي كل عام يسقط عدد كبير من النمل في الأنبوب، وبسبب عدم قدرتهم على العودة إلى مستعمرتهم حوصر النمل في قبو تمبلو بالقرب ميندزيزيتش في غرب بولندا بالقرب من الحدود الألمانية، ولكن بدلا من الهلاك زاد النمل من أعداده لمنافسة المستعمرات الطبيعية الناضجة مع تنفيذ الأنشطة الأساسية لصيانة العش وبناءه، ورصدت هذه الفئة الفريدة من النمل في مجلة Hymenoptera Research بواسطة فريق بقيادة البروفيسور فويتش كزشويسكي من الأكاديمية البولندية للعلوم.
وليست هذه الحالة الأولى لنمل يبني مستعمرة جديدة في أماكن غريبة، حيث عُثر على مستعمرة من النمل الأسود في هيكل سيارة معطلة وبنت الحشرات عشها من الطين ومخلفات النباتات الجافة، إلا أن هذه الحالة تعد فريدة بسبب حصار النمل في القبو، وربما تستطيع الحشرات تسلق الجدران بارتفاع 7.5 قدم لكنها لا يمكنها أبد السير عبر السقف، ما يعني أنهم غير قادرين على الوصول إلى أنبوب التهوية للعودة إلى موطنهم.
واكتُشفت المستعمرة للمرة الأولى في 2013 وعندما فحص الباحثون برئاسة البروفيسور كزشويسكي النمل العام الماضي وجدوا أن الأعداد زادت، وعندما عاد الباحثون إلى القبو عام 2016 وجدوا أنه تم إصلاح أضرار الركام الموجود سابقا، ما يعني أن النمل لا زال في إمكانه الحفاظ على العش كما لو كانوا يعيشون حياة طبيعية، وأفاد البروفيسور تيري ماجلين خبير في علم الحشرات في جامعة ولاية كاليفورنيا والذي لم يشارك في الدراسة " هذا النمل تجمع معا وفعل ما يفعله النمل، لقد بنوا عش واستمدوا العيش من خلاله"، ولم يكن ضيق القبو العقبة الوحيدة التي تواجه النمل تحت الأرض، ويأتي على رأس العقبات افتقاره إلى المواد الغذائية والضوء، كما اضطرت المستعمرة للتعامل مع انخفاض درجات الحرارة مع سمك الجدران البالغ 3.3 قدم، ولا تزيد الحرارة طوال العام عن 10 مئوية.
وأصبح التكاثر بشكل فعال أمرا مستحيلا في القبو في ظل الظروف القاسية، وعندما فحص الباحثون اليرقات والعذارى والشرانق الفارغة أو الملكات لم يجدوا شيئا ولم يجدوا علامات لأي ذرية من الذكور، ويتزايد عدد النمل في المستعمرة على الرغم من عدم تكاثرهم بسبب استمرار وقوعهم في الفخ، وتغطي جثة نحو 2 مليون حشرة من النمل أرضية القبو، وذكر مؤلفو الدراسة: "ختاما تعد مستعمرة النمل الموصوفة هنا نموذج لمستعمرة عمال كبيرة على قيد الحياة محاصرة في بيئة معادية في ظلام دامس مع انخفاض درجات الحرارة بشكل مستمر مع عدم توفر الإمدادات الكافية من المواد الغذائية".