خيوط واضحة تستمدّ جمالها من بساطتها في منزل أنيق

مهما اختلفت الأنماط الهندسية التي يتّبعها، يبقى أسلوبه الهندسي معروفاً ومتميّزاً. المهندس حبيب وهبي الذي يخطّ بلمسة فريدة أروع المشاريع الهندسية، يراعي أذواق المالكين، ولكن مع المحافظة على بصمته اللافتة التي لا تخطئها العين، حتى إنه خطّ لنفسه طريقاً في عالم ابتكارات الأثاث.

التحدي الأكبر لحبيب هو أن ينفذ عملاً بطراز يهواه المالكون، ويكون على طريقته هو. عادة يحبّ الخيوط الواضحة والبسيطة، ويجعلها منطلقا لكلّ عمل ينفذه.

على امتداد 550 متراً مربعاً في هذه الشقة المترامية، يبدو هدوء التصاميم سيّد الموقف. عناصر المساحة الراقية والمنسجمة الأركان واضحة. ألوان هادئة، مفروشات بسيطة، لا زخرفة ولا مغالاة في التصاميم والأثاث المستلقي على الرخام البيج الناصع الذي لعب دوراً بارزاً في هذا الاتجاه. فهو من الرخام الإيطالي الفاخر، حدّدت بعضَ جوانبه خيوط مزخرفة.

قاعة الإستقبال رمز الأناقة الخالصة، جدران بيض وباب فاصل عن الصالونات، درفتاه عبارة عن مرايا عسكت بريقاً ورونقاً على المكان. وإلى جانبي الباب لوحتان زيتيتان بالرسمة نفسها، وردة حمراء كبيرة تضج بالحياة، وقد وضعت اللوحتان كلّ داخل فجوة من الجفصين تعلوها انارة موجّهة.

للوحات الزيتية قيمة خاصة في هذا المنزل، ومعظمها لرسامة عالمية. ألوانها الصاخبة والمنسّقة تكمّل الهندسة الداخلية وتدخل حركة لافتة على هدوء الأثاث. 
لوحات ثلاث في أحد الصالونات بألون نارية، مكمّلة إحداها للأخرى، تجسد إمراة راقصة، انتقيت على أساسها بقية اللوحات في المنزل.
في هذا الصالون، قابلت صخب ألوان اللوحات مقاعد من القماش القطن البيج، وثيرة وعصرية الطراز. ويطالعنا هنا مقعد كبير عليه أرائك باللون الاحمر، تماشت مع ألون اللوحات النارية، وإلى جانبيه مقعدان منفصلان.     

زاوية فاصلة بين الجلسات قوامها مقعدان منفصلان من القماش البيج، شغلت الحائط، خلفهما لوحة عملاقة بالبني والبيج تجسّد شجرة في فصل الخريف متساقطة الأوراق.

الصالون المقابل شغل ركناً شبه مستدير، وطعّم بنفحة تميل إلى الكلاسيكية من خلال الخشب اللمّاع البني الذي حدّد إطار المقعدين المتقابلين بالحجم نفسه. 
وفي وسطهما طاولة مستطيلة قليلة العرض من الخشب نفسه لإطار المقعدين. الستائر باللون البيج شملت في تصميمها الطرازين العصري والكلاسيكي. 
في الوسط، القماش «الفوال» مصمّم على الطريقة العصرية بحيث تفتح الستائر بطريقة تصاعدية، وعلى الجانبين القماش الحرير البيج الذي يضفى النفحة الكلاسيكية.

واللافت في الصالونات أنّ القماش هو نفسه المستخدم من القطن البيج، ولكن استخدم في كلّ صالون بطريقة مختلفة، فأضحى لكل ركن نكهة خاصة.

وقبل الإنتقال إلى غرفة الطعام، تستوقفنا جلسة خاصة لأوقات التسلية والمرح. هنا طاولة مستديرة تعلوها مقاعد اتسمت بكبرها ووثارتها، يقابلها مقعد مستطيل من الحرير البرونزي الفاخر المائل إلى البني.

هذا الركن يدخله كمّ من النور بفعل درف الزجاج بشكلها المقبّب، والتي انسدلت أمامها الستائر الشفافة . 

ممرّ طويل نعبر منه في قاعات الاستقبال، يقودنا إلى غرفة الطعام، ولكن قبل الوصول، يلفتنا كونسول طويل ذو استعمالات عدة في هذا الركن، أوّلها أنّه يمكن أن يشكّل أمتداداً لغرفة الطعام في أثناء الولائم. فهو من الخشب اللماع الاسود، وأمامه مقعد بلا ركيزة ظهر من القماش نفسه لبقية الصالونات.

في غرفة الطعام طغى اللون الداكن. درسوار من الخشب اللمّاع الأسود أخفى في وسطه المدفأة، التي بدت في وسطه كخشب رفيع ومستطيل، والخزائن من الجانبين. أما الطاولة فمن الخشب البني، وحولها مقاعد من القماش كما الصالونات.

الثريا هنا فاخرة، عصرية وكلاسيكية في آن واحد. فهي من الكريستال  الأبيض والأسود، وقد أضفت على غرفة الطعام رونقاً خاصاً. في غمرة الألوان الداكنة، لوحة زيتية تعلو الدرسوار بألوان صاخبة تضج بالحياة، تألقت في الجو الهادىء لهذا الركن وأعطته من ألوانها وفنّها لمسة راقية.

المطبخ أيضاً مزيج من لونين، أبيض وأسود. الخزائن العلوية والسفلى من الخشب الأبيض، أما الرخام والدرف والأكسسوار فمن الأسود. وقد استخدم الستينلس في الأواني الخاصة بالمطبخ.

الركن الوحيد الذي دخله اللون الزاهي في القماش والخشب، ولكن مع المحافظة على الهدوء والخطوط الواضحة التي يهواها المهندس وهبي، هو غرفة الجلوس. هنا طعّم البيج والبني الزاهي باللون الفستقي الذي أضاء الغرفة. 
أما الستائر فقماش شفاف من البني الزاهي الذي أدخل النور إلى هذا الركن.