طبائع الألوان كافياً لتحقيق التوازن الداخلي لديكور عصري مميز

الذين يعتقدون أن عالم الألوان في الديكور هو حصري للمهنيين والعاملين في المجال الزخرفي يخطئون في إعتقادهم هذا، بل إن هذا الاعتقاد يشكل نقيضاً حاداً للطبيعة نفسها، للطبيعة الإنسانية وللطبيعة البيئية.

ذلك أن الأذواق، كل الأذواق، تنتمي الى مصدر واحد هو الطبيعة، بحيث يخضع تَشَكّل هذه الأذواق في المقام الأول لتأثيراتها بكل عناصرها البيئية. والأذواق نفسها، في مكان ما، تشكل جزءاً أساسياً من هذه الطبيعة.

ولكي لا نسترسل أكثر في التحليل، سنقول إن الألوان هي «البارومتر» الذي يمكّننا ليس من قياس الأذواق فحسب، وإنما أيضاً قياس كل ما هو وراء الأذواق وصولاً الى الشخصية.

هذه المقدمة لا تعني أن التعامل مع الألوان عملية بسيطة وسهلة بل على العكس، فهي بقدر حساسيتها الشخصية تنتمي الى العمليات الدقيقة والحرجة في كل مراحلها. لذا تنص القاعدة الأولى من قواعد التعامل مع الألوان في المجال الزخرفي على ضرورة تجنب المزاوجة بين أكثر من ثلاثة ألوان في الغرفة الواحدة، ذلك أن جمع أربعة ألوان أو أكثر يعطي الأنطباع بأننا في مكان تسكنه الفوضى واللامبالاة. 
ومثل هذا الجو يبدو مصدراً للقلق والإرهاق للساكنين. وللمزاوجة بين ثلاثة ألوان من دون خداع أنفسنا علينا أن نلعب على الظلال، مع الوردي الباهت – مثلاً – نغمة وسيطة من لون التوت مع لمسة من الأرجواني. مزاوجة ألوان عدة من الدرجة نفسها في ثلاث كثافات، هي طريقة مضمونة النتائج لتلافي الخطأ.

كما ينبغي لنا أن نتنبه تماماً خلال عملية التعامل مع الألوان الزاهية، وأن نحدّ من استخدامها متجاورة في مكان واحد. لأن القاعدة الثانية في التعامل مع الألوان في الداخل تقتضي منا معرفة أن العين تنجذب الى نقاط القوة. وبما أن الألوان الزاهية تتصارع إذا وُضعت جنباً الى جنب، فإن ذلك ينعكس بالتأكيد على العين، ويجعل من الصعب أن تستقر على شيء محدد
. فما نراه لطيفاً ومقبولاً في مطعم أو فندق أو في مركز تجاري أو في أي مكان عام، قد يكون بالغ التعقيد والنفور في صالون منزل أو شقة أو في غرفة جلوس. ففي هذه المساحات الخاصة سنجد أننا نحمّل العين فوق طاقتها، مما يصيبها بالإرهاق والتعب. 
لذا من الضروري قبل الشروع في أعمال الديكور– من دهانات أو تغيير أثاث - أن نستجوب رغباتنا وميولنا. فإذا وجدنا الإجابات المقنعة، علينا أن نقدم بجرأة على أختيار ألوان مؤكدة للجدران، على أن تتبعها خياراتنا من الأثاث والأكسسوارات.

بالطبع بعض الغرف في المنزل – صالون أو غرفة نوم أو مطبخ - لا تحتمل زواج ألوان غير عادية، وتنفر من مزيج الألوان المتفجرة. لذا علينا، وفق القاعدة الثالثة، أن نتجنب هذه الألوان. 
بينما سيكون من الممكن ترك العنان لمزاجنا في بعض المساحات المنزلية التي تُعتبر أمكنة عبور أكثر منها أمكنة استقرار، أي تلك الأمكنة التي لا يستغرق مكوثنا فيها أكثر من دقائق، مثل الممرات بين الغرف أو المدخل أو غرفة الملابس أو الحمام. 
هنا يمكن أن نتحقق من جرأتنا في مزاوجة الألوان، كما يحدث في لوحة فنية معاصرة، وصولاً الى تلك التي تبدو بالغة التناقض.

بعض مزاوجات الألوان تبدو مثقلة بالشكوك، فهي تحتاج الى التوازن والدقة نظراً إلى حساسيتها. لذا فإن القاعدة الرابعة لزواج الألوان تحذرنا من الإقدام على عمليات غير محسوبة. الأخضر والأحمر، البنفسجي والأصفر، الأزرق والبرتقالي – مثلاً – كل لونين من هذه الألوان يتعارك مع الآخر. 
وقد يسفر إعتبار هذه الألوان مكملة بعضها لبعض عن نتائج «كارثية». فإذا لم يكن تمكننا من معرفة الألوان وطبائعها كافياً، علينا الاسترشاد بـ «زيجات» الإيقاعات اللونية الطبيعية، مثل لون الكتان، الحبال، ونغمات الأخشاب، مع بعض اللمسات الأكثر حيوية.