"عيون حجلان"

تقع "عيون حجلان" في مدينة حديثة غرب الأنبار، على بعد نحو 250 كلم غرب العاصمة العراقية بغداد، حيث العديد من المواقع التراثية والأثرية والسياحية والأماكن الطبيعية، والتي تعد مقصدًا للسياح والزوار منذ عقود.

و"عيون حجلان" إحدى أشهر عيون المياه الطبيعية، تمتاز بمياهها الكبريتية الطبيعية في مدينة حديثة، يقصدها عشرات السياح والمصابين بالأمراض الجلدية بغرض العلاج يوميًا، وتخرج مياهها من باطن الأرض بين الصخور في منطقة شبه جبلية وعرة. ويقصد تلك المنطقة المصورون المحترفون والكتاب والشعراء والرسامون لتوثيق لحظاتهم، والتقاط الصور مع أصدقائهم وزملائهم.

وتعتبر مدينة حديثة من أجمل مدن الأنبار، فموقعها الجغرافي على نهر الفرات بين سلاسل من الجبال والتلال الصخرية والبساتين، وعيون الماء الطبيعية والوديان، جعلها تحتل منطقة غاية في الجمال والروعة".  ووادي حجلان الشهير، والذي يقصده الكثير من المرضى للسباحة في عيون المياه الكبريتية للاستشفاء". وأن "مدينة حديثة فيها من المناظر الطبيعية ما يسمح للمصورين المحترفين بالتقاط صور غاية في الجمال والدقة، بسبب صفاء أجوائها ونقاوة مياهها وطبيعتها المتنوعة من صخور وجبال ووديان وعيون مياه طبيعية".

ويقول الباحث في تاريخ أعالي الفرات، مازن الحديثي، إن "عيون وادي حجلان تعتبر من أشهر عيون المياه الطبيعية غرب الأنبار وفي العراق عموما، وتساعد مياهها الكبريتية المصابين بالأمراض الجلدية على الشفاء، فضلاً عن كونها مكان استجمام يقصده كثير من الناس". ويتابع الحديثي "تشكلت هذه العيون منذ آلاف السنين طبيعيًا بين الصخور الجبلية في وادي حجلان الشهير في حديثة، ومع تطور العلم الحديث اكتشفت أهمية مياه هذه العيون العلاجية والسياحية".

وتتميز مدينة حديثة ومدن غرب الأنبار بالنواعير، التي أنشئت منذ آلاف السنين على ضفاف الفرات لسقي المزروعات في البساتين والأراضي الزراعية القريبة من النهر، وبطبيعتها شبه الجبلية ووديانها الشهيرة. ويصنف باحثون مدينة حديثة كإحدى أجمل مدن العراق ذات الطبيعة الساحرة، فضلاً عن احتوائها على العديد من المواقع التراثية والأثرية الغارقة في القدم، والتي تآكلت وضاعت معالم معظمها بسبب الإهمال الحكومي.

ولن تستطيع دخول قضاء حديثة دون أن تمر ببلدة الحقلانية الملاصقة لها، وهما اللتان حاصرتهما قوات الاحتلال في آذار/مارس 2005، وقصفهما بالمدفعية والطائرات، وحالها هو حال مدن الفرات الأخرى. ووادي حقلان يجري فيه الماء من عيون بين الصخور، وعليه قنطرة تسمى الجسر العباسي، وأضرت به تداعيات الزمن، فأقامت الدولة جسرًا حديثًا على مقربة منه. ولم تكن الحقلانية سوى بلدة صغيرة، واتسعت تدريجيًا، نتيجة اتساع النشاط في محطة ضخ كي. ثري (K 3) التي تمتد أنابيب النفط إليها من كركوك، واشتغل فيها رجال المدن المجاورة، حديثة وعنه وهيت والمعاضيد، في مهن الميكانيك والكهرباء وسياقة السيارات.

 وتعبر في هذه الرحلة جسر وادي الحقلانية، لتدخل واحدة من مدن الأنبار المشهورة، حديثة التي تنام على ضفاف الفرات مباشرة، لكنها تختنق بين النهر وبين الجبل، لذلك فهي مثل عنه القديمة، مدينة تتميز بالطول، دون أن يتجاوز عرضها 200 - 300 متر، وتنتشر فيها البيوت والبساتين وأشجار الفاكهة والنخيل والنواعير، وأضافت لمنتجاتها الأسماك بعد إنشاء سد القادسية والبحيرة بالقرب منها، وازدادت بذلك مساحات أراضيها الزراعية. وفي عام 1965 أصبحت حديثة قضاء بعد أن كانت ناحية، وهي من مدن العراق القديمة، ربما من العهد البابلي، وفيها بقايا قلعة ومواقع أثرية، وحل فيها المسلمون أيام الخليفة عمر بن الخطاب، وذكرها ياقوت الحموي.

وحديثة مدينة ذات جانبين، أحدهما يقع على الضفة الأخرى من النهر، ويسميهما الحديثيون الشامية والجزيرة، بكسر الميم، يجري التنقل بينهما بالزوارق (البلام ومفردها بلم)، لكن شركة النفط أقامت، في الماضي، وإلى الجنوب من المدينة عبّارة ميكانيكية يسمونها (فيري) قادرة على حمل السيارات، إضافة إلى معبر معلّق يدعى (بلوندي) يشبه التلفريك أو Cable Car، مخصص للشخصيات فقط من كبار مهندسي الشركة البريطانية، وربما الموظفين الإداريين الكبار.