القاهرة -صوت الامارات
ذكر التاريخ دائماً الكبار بأفعالهم وأقوالهم وما تركوه من إرث لأممهم وشعوبهم، وعندما يكون الحديث عن الأفعال والأقوال والنهضة والبناء والوطن والمواطنة، فدائماً ما تحضر سيرة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان (طيب الله ثراه) الذي بنى نهضة الدولة، وشيد كياناً أصبح حديث العالم ومقصد الجميع من شتى أنحاء المعمورة، وأصبحت نهضته فصلاً من فصول التاريخ يرويها الآباء للأبناء وتتوارثها الأجيال جيلاً بعد الآخر.
ووضع فقيد البلاد نصب عينيه مصلحة الوطن وعز شعبه، وظل شغله الشاغل هو إسعاد أبناء وطنه، ووضع بصمة مضيئة في كل المجالات، وأسهم في تعزيز حب رياضات التراث لأبناء شعبه، وقدم دعماً لا محدوداً للهجن في حكاية لا تكفيها سطور ولا تسعها صفحات، ولكن يكفيها ذكرى خالدة راسخة في سجلات التاريخ.
عندما تقدمت الإنسانية، وعرف العالم السيارة والدراجة، وغيرها من وسائل النقل، أصبح ملاك الهجن في وضع صعب، ولا يشغلهم سوى مستقبل هذا الكائن الذي يعد رمز الوطن وتراثه منذ قديم الأزل.
ورغم صعوبة الموقف، فإن حكمة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حسمت الأمور بكلمة واحدة عندما تلقى شكوى أبناء وطنه، وعندها قال قولته المأثورة التي صارت مضرباً للأجيال، ووقتها قال بكل ثقة: «اصبروا» ستجدون كل الخير، ووعد بمستقبل واعد وباهر للهجن وملاكه، وصدق الوعد، وأصبح فكره حديث القاصي والداني، وخرجت سباقات الهجن إلى النور، لتصبح قيمتها كالذهب، بعد أن كانت بلا قيمة، وجمعت مناحي الحياة كافة، تجارة وصناعة وبيع وشراء، وأصبحت أسعار الهجن تلتف لها الرؤوس، بعد أن كانت بالألف والألفين على أقصى تقدير وصلت إلى المليون والاثنين، كمجرد بداية.
ولم تكن سباقات الهجن مجرد فكرة لحل المشكلة من جانب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان (طيب الله ثراه)، ولكنها نبعت من قلب نابض بحب التراث وعشق الموروث الوطني الأصيل الذي تركه لنا الأسلاف، فالهجن جزء أصيل في كيان كل إماراتي، تغلغلت في نفسه وعقله وجسده، لأنها شاهد معه على الزمان والمكان وتطوره، ليصبح بنياناً ناصعاً ساطعاً في سماء الدنيا.
وبدأت المسيرة، وأصر القائد على أن يضرب المثل والقدوة للجميع، فشاركت هجن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بكل قوة في السباقات، وتوشحت بأغلى الألقاب، وعانقت السيوف والرموز، بعد مسيرة من العطاء داخل الميدان بجد وجهد وإتقان ما بعده إتقان، جاء من خلفه أبطال مضمرين كانت لهم الغلبة في فك طلاسم لغة المطايا، يعرفون أوجاعها، ويدركون قوتها، وكانت منصة التتويج هي النهاية السعيدة دائماً.
تحدث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) عن الهجن وعشقه لها، فكان خير الكلام ما قل ودل، واختصر الأحاديث في مقولته الشهيرة «من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولا مستقبل»، والتي أصبحت منهجاً يدرس شتى مناهج الحياة، فيتعرف الإماراتي على ماضيه، ويأخذ منه دروساً لحاضره، ويفكر به لمستقبله.
وبفكر وبُعد نظر فقيد الوطن زاد عشق الإماراتي للهجن، وأصبحت الحاضر الذي لم يغب عنا رغم رحيله.
ولأنه خير خلف لخير سلف، فقد جاء صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) ليسير على نهج الوالد والمؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، وزاد من حجم سباقات الهجن، وضاعف الجوائز، وجعل من الحدث أسطورة عالمية يتحاكى بها العالم، وأصبحت سباقات الهجن في ميدان الوثبة حديث كل عاشق لتراث وطن أثرى على نفسه أن يحتفظ بتاريخه، دون أن يضيع بين ثنيات الأحداث المتوالية للزمن.
وساهم دعم واهتمام صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، في مزيد من التطور لسباقات الهجن لتعاصر الحداثة، رغم أنها رمز للقدم والأصالة، واتسعت رقعة ميدان الوثبة، وتضاعفت أعداد الهجن المشاركة، وأصبحت السباقات أحد أهم الأحداث التي تقام على مدار العام، وارتكزت رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) على العديد من الاتجاهات التي كانت سبباً مباشراً في تطور هذه الرياضة بجعلها صناعة ورياضة في نفس الوقت، فضلاً على بث روح المنافسة الشريفة، من خلال مضاعفة المكافآت التي أصبحت مقصداً للقاصي والداني.
ولم تقتصر بصمات صاحب السمو رئيس الدولة على دعم سباقات الهجن في الدولة فقط، فقد وجه بدعم هذه الرياضة التراثية في مختلف أنحاء الوطن العربي، فكان لبصمات سموه دور بارز في تطوير العديد من السباقات والمهرجانات، أبرزها مهرجان وادي رم بالأردن، وكذلك دعم سموه المهرجانات والبطولات الخليجية للهجن التي أكدت دوماً أن المطايا جزء أصيل من تراث أهل الخليج العربي.
ولأن الإمارات كالجسد الواحد الذي ينبض من قلب واحد، فكان المنهج هو الارتقاء بهذه الرياضة من جانب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فحرص سموه على تنظيم الفعاليات الكبرى والمهرجانات التي أصبحت علامة مميزة في عالم التراث، أهمها ختامِي المرموم الذي أضحى واحداً من أهم السباقات على مدار الموسم ليس في الإمارات فقط، ولكن في المنطقة الخليجية والوطن العربي بشكل عام
ولأن القيادة هدفها الأول ومحورها الرئيسي هو إسعاد الناس، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كانت بصمات سموه على سباقات الهجن التي تحظى باهتمام من فئة كبيرة من أبناء الإمارات.
وجاء اهتمام صاحب السمو نائب رئيس الدولة نابعاً من عشق لهذا التراث، حيث إن سموه مولع بسباقات الهجن، ودائماً ما يكون حاضراً في مختلف السباقات، أبرزها ختامي المرموم الذي اختتم منذ أيام بحضور سموه.