ماراثونية

يبقى 10 يونيو/حزيران، محفورًا في ذاكرة الجمعيات العمومية التاريخية، التي يعقدها اتحاد الكرة سنويًا، بعدما أريد لها أن تكون أقرب إلى جلسة للتاريخ عبر سيناريوهات وضعت لها قبل أن يخرج منها دخان أبيض، لكن دون أن تلامس النار أياً من الحضور. جلسة "ماراثونية" لامست حدود الساعات الخمس، وشهدت كل أنواع الترتيبات وحبك الاتفاقات "السرية" أو العلنية، وسط تمسك اتحاد الكرة برؤيته وقراراته التي اتخذها من صلب النظام الأساسي الخاص بمسؤوليات المجلس.

واتحاد الكرة الذي كان يدرك أنه سيواجه عاصفة من الانتقادات، وجبهة معارضة أعدت العدة لكل شيء، تعامل بأعصاب باردة مع الحدث، أعصاب تعكس شخصية رئيس الاتحاد الذي يجيد "تبريد" الأجواء الحارة مرة بابتسامته، أو بكلام هادئ، والأهم بكلام منمّق، لا بد أن يجذب الآخرين، وإن كان يأخذهم أحياناً كثيرة إلى أماكن أخرى غير تلك التي يريدون الوصول إليها. وحرص مروان بن غليطة، على دعوة أعضاء المجلس إلى إفطار رمضاني، ومن بعده لــقـاء لمجلس الإدارة قبل الدخول إلى صلب "المعركة الديمقراطية".
والمعارضون الذين أعدوا العدة لهذا الاجتماع، عبر اجتماعات سرية شهدت في بعضها تواجد أكثر من 20 نادياً، قبل أكثر من أسبوعين، كانت آمالهم كبيرة في "التحكم" في دفة الأمور، حتى ولو وصلت الأمور حسب إحدى السيناريوهات حد الإطاحة بالمجلس عبر سحب الثقة. والتكتل الذي أسهم في وصول المجلس الحالي وعمل كثيراً "خلف الكواليس" في الانتخابات التي أطاحت بيوسف السركال، وجد نفسه في مواجهة من انتخبه، على اعتبار أنه لم يف بتعهداته، كما أن قرار 12 نادياً في الدوري يمس أكثر أندية الشارقة والفجيرة وعجمان ورأس الخيمة.

التحركات لا تتوقف عن العمل، غير أن "هجوماً مرتداً" قام به رئيس الاتحاد مع مسؤولين وقادة رياضيين، أسهم في إيقاف مشروع إبعاده خاصة بعدما وفق ابن غليطة على تفتيت الكتلة التي كانت تعمل ضده. السيد الرئيس المهندس، رسم طريق النجاح والخروج من الطريق الشائك في العمومية بأقل الأضرار، فعمد هو ومن معه، ممن يجيدون اللعب "خلف الكواليس" إلى ضرب المنافسين خلف خطوطهم، والوصول إلى أصوات أندية توقفت "فجأة" عن مؤازرة المعارضين.
وبعد وصول أعضاء وممثلي الأندية إلى فندق "إنتركونينتال"، كانت العيون تراقب من سيحضر ومن سيغيب من الأندية، وما هو مصير الأندية التي أصدرت قرارات سامية بدمجها. حضر النادي الأحمر بثلاثة مندوبين، كان بينهم مستشاران قانوني أحمد الكمالي، وفني موسى عباس، أما الشباب فقد حضر منه عبد الله السويدي، مدير الاحتراف السابق في النادي الأخضر، بينما حضر راشد الهلي من دبي. وأما على مستوى "الإمارة الباسمة"، فقد حضر "الشارقة" بقامة من الصف الأول، مع تواجد الشيخ أحمد بن عبد الله آل ثاني، رئيس مجلس الإدارة، وعبد الله العجلة، نائب السيد الرئيس، ليكون الحضور الأثقل إدارياً بحضور السيد الرئيس ونائبه.

حضور أندية "الدمج"، كان لافتاً، وهو ما توقف عنده حتى رئيس إدارة الوحدة، أحمد الرميثي، الذي وضع الإصبع على الجرح، وإن استخدم أسلوب الدعابة حين سأل عن حضور الأندية "المدمجة"، وعن قانونية تصويتها على القرارات. أما الرد الاتحادي فقد كان حاضراً و قانونياً «لم نتسلم حتى الآن أي أشعار بقرارات الدمج "ورقياً"، على الرغم من احترامنا الجم للقرارات السامية التي ستبصر النور قريباً". في داخل العمومية، وبعد خروج الإعلام وتحويل الجلسة إلى "سرية"، بدأ النقاش ساخناً حتى وصل إلى درجة الغليان في فترات عدة، لكن رئيس الجلسة تعامل مع الأمور ببرودة، ومارس حنكة التلاعب والحرفنة في الكلام، متمسكاً بقانون ولوائح تجيز له التمسك بموقفه مهما اشتدت الحملات ضده. أندية الشارقة كانت الهجوم في انتقاد قرار الاتحاد بتقليص عدد أندية المحترفين، وسط دعم ومساندة من أندية الإمارات الشمالية التي تكتلت غالبيتها ضد قرار المجلس. هذا التكتل كان واضحاً في حديث خليفة الجرمن، رئيس مجلس إدارة فريق عجمان، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، حين فقد اومأ إلى أن أندية الشارقة ومعها كل الإمارات الشمالية تقف ضد قرار الاتحاد.

وقرار الاتحاد السري حول ال 12 نادياً الذي اتخذ في جلسة سابقة له كان مثار جدل واسع، وفي معلومات أنه جاء عبر تصويت الأعضاء في جلسة غاب عنها عضوان من أعضاء المجلس، ولم يحسم إلا بنتيجة 6 أصوات مقابل 5 في جلسة تشير مصادر معارضة إلى أن صوت العضو أمل بوشلاخ كانت له كلمة الحسم في ذلك. والحبكة التي أرادها المعارضون لثني الاتحاد وإجباره على التقهقــر عن قراره لم تفلح، بعدما صدم المعارضون بجبهة المناصرين الذين تولى بعضهم مسؤولية «رد السهام»، ورفع الصولجان للدفاع عن قرار مجلس الاتحاد، فكان غانم الهاجري، رئيس إدارة فريق العين، ومحمد العامري، المدير التنفيذي للوصل مصدر متابعة كل الحضور، قياساً إلى الردود التي قدمها كل واحد منهما.
شد وجذب، وساعتان من الكلام والكلام المضاد، ليرسو القرار على بقاء دوري الموسم القـــــــادم مــن خــلال مشاركـــة 12 فريقاً، ورفع العدد إلى 14 في موســــــــم 2018-2019، مع وضع آلية الصعود مع قرعة الموسم الجديد الذي يتوقع أن يحدد في الساعات المقبلة. وعيسى الذباحي، رئيس مجلس إدارة اتحاد كلباء، صوب أعيرة كلامية شديدة اللهجة ضد مجلس مروان بن غليطة، حتى الكشف عن فكرة سحب الثقة من المجلس، من كان يحلم بـ "سحب الثقة"، تواجد خارج القاعة، حزيناً كئيباً، ربما على حلم ضاع أو لم يتحقق، بعدما رسم الكثير من الآمال حول هذا الاجتماع الذي أريد له أن يكون تاريخياً. الغضب سيطر أكثر على ممثلي أندية تعيش كل موســــــــم في "دوامة الخطر"، بينما لم تفلح محاولاتهم في جذب بعض أندية المظاليم، أو حتى تلك لا تملك فرقاً على مستوى الرجال، بل إن بعضها لا يشارك سوى في عدد قليل من مسابقات المراحل السنية.
وأما المفاجأة الكبيرة، فكانت بتقليص حجم المصاريف المالية أو ميزانية الاتحاد، بعدما وجد الحضور تقليصاً في الإنفاق تجاوز حاجز 10 ملايين درهم. وكان هناك اعتراض على زيادة المصاريف في رواتب الكادر الإداري، وهو ما تم الرد عليه بتوضيح الأسباب، ومن هنا فقد أظهـر كيفية صرف المبالغ الخاصة بتكاليف قسم تقنية المعلومات، التي تجاوزت مليوناً ونصف مليون درهم.

وشدد المجتمعون في بنود لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين، على موضوع حذف المقترح الخاص بالسماح للاعب بتوقيع عقد احترافي مع غير ناديه الأول، وتوافق المجتمعون على تشكيل لجنة للرقابة المالية. أما البند الأكثر اهتماماً، فقد تمثل في تحويل لجنة المحترفين إلى رابطة، وهو الموضوع الذي تم شرح آليته من خلال شرح مستفيض، وتم الاتفاق على تكليف عبد الله ناصر الجنيبي رئيساً للجنة التحويل، على أن يتم اختيار أعضاء لها من داخل وخارج مجلس الاتحاد، ويتم كذلك إنجاز كل الترتيبات مع نهاية سَـــنَــــــة 2017، ليكون الجنيبي قد كسب "معركة الرابطة"، التي عادت من جـــديـــد بعدما تم حذف المسمى في عهد مجلس الإدارة السابق. وسيبقى التساؤل الأبرز، بعدما مر "قطوع" العمومية، ونجا المجلس من فخ سحب الثقة، هل سيستفيد الاتحاد من كل الجدل الذي دار على مدى 5 ساعات؟ أما المعارضون فقد ثبت عملياً أنهم جبهة لا يمكن الاستهانة بقوتها وقدرتها التصويتية، لكنها جبهة تحتاج إلى ترميم في خطوطها الخلفية حتى تبقى كتلة واحدة، لا تتفتت باتصال من هنا، أو زيارة من هناك!. كل عمومية وكرة الإمارات بخير.
وكان عيسى الذباحي رئيس مجلس إدارة فريق اتحاد كلباء "نجم الشاشة"، خلال لــقـاء الجمعية العمومية، حين تنقل ما بين شاشتي العاصمة الاماراتية أبوظبي الرياضية ودبي الرياضية، ليوجه سهام الانتقاد ويفجر بركان الغضب في وجه اتحاد الكرة. واستهل الذباحي الكلام بانتقاد صريح لاتحاد الكرة قائلا "لقد أغلق اتحاد الكرة أبواب الحوار، وأخذ برأي بعض الأندية على حساب البعض الآخر، المجلس الحالي لا يستطيع إدارة اللعبة، خاصة وأننا كنا نسعى من اجل الوصول إلى التصويت على القرار في العمومية ولم يوافق".
وأضــاف "أحد الأعضاء طالب بالحصول على محضر الاجتماع الذي تم فيه اتخاذ قرار الـ 12 نادياً، لكن لم يتم تلبية طلبه، علما أن التصويت كان سرياً في لــقـاء المجلس". وسأل أين مصلحة كرة الإمارات، في الوقت الذي كان يسعى الاتحاد إلى مصلحته، علما أننا لا ننظر إلى مصلحة فريق اتحاد كلباء، بل للمصلحة العامة، علما أن القرار لم ينــال بناء على دراسة فنية، وفي اتحاد الكرة لا يوجد نظام فني، وهناك تخبط.

وأكد أنه لا يوجد خطة استراتيجية في الاتحاد، ولو كان هذا القرار وفق دراسات أو تقييم لوافقنا عليه، لأن في ذلك مصلحة عامة، وإذا كان هناك نية لسحب الثقة من اتحاد الكرة قياساً إلى القرارات التي اتخذها في الفترة السابقة، فسأكون في مقدمة الموقعين على ذلك، بعدما تجاهل رأي الأغلبية من اجل مصلحة بعض الأندية. وكانت المفاجأة في اعتذار فريق الشعب عن حضور الجمعية العمومية، على الرغم من تواجد هشام الزرعوني رئيس مجلس الإدارة السابق على منصة اتحاد الكرة.
الزرعوني وفي دردشة سريعة مع الإعلاميين، لخص المشهد بالقول "الشيخ السيد الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فقد أصــدر مرسومًا بإنشاء كيان رياضي جـــديـــد يضم ناديي الشعب والشارقة، وبناء عليه لم يعد هناك من كيان حالي اسمه الشعب، كما أننا نعتبر كلام سموه بمثابة التاج فوق رؤوسنا، ولا يمكن أن نمثل الشعب في العمومية وقد أصبحنا كيانا جديدا مع الشارقة".
 
وأكد أحمد سعيد مشرف الفريق الأول للساحرة المستديرة كــرة القــدم في فريق الجزيرة، أن قرار اتحاد الساحرة المستديرة بشأن ال 12 نادياً كان صائباً وجاء في محله. ومن هنا فقد ذكـر أحمد سعيد "القرارات التي اتخذت كانت حاسمة، الكثير من الأندية كان عندهم اعتراض، لكن اتحاد الكرة ورئيسه مروان بن غليطة أخذ الأمور بصدر رحب".
وأضــاف "أغلب القرارات التي اجتهد بها اتحاد الكرة في مصلحة كرة الإمارات، جميعنا كأندية نسعى لتحقيق المصلحة العامة، والتي نرى أنها تحققت من خلال ما تم اتخاذه". وأغلبية الأندية كانت ضد الـ 14 لكن في النهاية القرار بيد اتحاد الكرة، الذي لم يكن لديه أي نية في إقامة الدوري بـ12 ناديا، لكن قرار الدمج جعله يلجأ إلى هذا الخيار الذي يراه فريق الجزيرة صحيحاً والأنسب للجميع من ناحية الدخل والأمور الفنية. ومن هنا فقد أظهـر أحمد سعيد أن الاتحاد هذا وقد قرر تحويل جميع القضايا الخلافية إلى محكمة التحكيم "كاس"، التي لديها مركز في العاصمة الاماراتية أبوظبي.

وحَكَى غانم الهاجري رئيس مجلس إدارة فريق العين إن الاجتماع كان ماراثونياً، وقد تم تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، لان الاتحاد سعى لتقديم ابهــي ما عنده. ومضى يقول "ربما الكثير من الأعضاء لم يكن راضياً عن بعض القرارات، لكن الأهم المصلحة العامة التي تعلو على كل مصالح الأطراف". وأضــاف "أنا اعتقد أن معيار عدد الأندية في دوري المحترفين، يجب الا يكون على رغبة الأندية، سواء المستفيدة أو المتضررة، بل حسب مصلحة اللعبة والمسابقة، لذا على كل الأطراف أن تنأى بنفسها عن التفاصيل الصغيرة".
واستطرد "لقد وجد الاتحاد نفسه في موقف صعب، بسبب قرارات الدمج، ونتمنى أن يكون عائد ذلك إيجابياً على كل الأندية". وبشأن قرار اختيار رؤساء لجان من خارج مجلس إدارة الاتحاد، فقد اومأ الهاجري إلى أن هذه الجزئية تتعلق بما أسفرت عنه الانتخابات، متسائلا عما هي الجزئيات التي يجب أن يتم على أساسها الترشيح ووفق المناصب حتى تساعد مستقبلاً على نجاح الاتحاد.