دبي ـ صوت الإمارات
قصة طويلة من الكفاح، قام بها الفرسان من أجل الوصول إلى القمة، قصة صنعوها بصبر وجلد على مدار 25 أسبوعاً استمروا أغلبه في المركز الثاني منتظرين الفرصة للقفز إلى الصدارة، وبمجرد أن أتيحت لهم سيطروا على كافة الأمور، بل أصروا على استغلالها الاستغلال الأمثل، ليواصلوا المشوار للانفراد بالقمة وتوسيع الفارق مع المنافس المباشر العين في مشهد «الماستر سين» أو المشهد الرئيسي في فيلم كفاح الأهلي، عندما استطاعوا تخطي عقبة الزعيم في قمة الجولة الـ 22 ..
والتي فاز فيها الفرسان بهدف وحيد وضعهم على القمة لينفردوا بها بفارق 6 نقاط، وهي المباراة التي قربت الدرع كثيراً من معقل الفرسان، ولكن كيف نجح الأبطال في حصد اللقب، وما هي مقومات وأسباب تتويجهم التاريخي؟ تلك الأسباب نسردها في السطور التالية.
01على مدار 25 جولة من عمر دوري الخليج العربي نجح كوزمين أولاريو المدير الفني للفريق الأحمر في إظهار قوة شخصيته في الملعب وخارجه، واستطاع أن يصنع فريقاً متكاملاً، مصراً على إصلاح الأخطاء، ومتحدياً الصعاب، صانعاً جواً من الإصرار بين اللاعبين نفسياً جعلهم يمضون في الطريق إلى القمة بثبات منقطع النظير.
02 الثبات في التكتيك من أبرز العوامل التي أدت إلى تتويج الأهلي لمسيرته في الدوري بإحراز اللقب الغالي رغم صعوبة الطريق، والمطبات الصعبة التي واجهتهم بوجود منافسة قوية من فرق الدوري الصغير منهم والكبير، فكان للأهلي أسلوب لعب موحد استطاع من خلاله أن يتخطى المنافسين الواحد تلو الآخر.
03المرونة التكتيكية عامل من عوامل النجاح، وقد يظن البعض أنها تتعارض مع الثبات التكتيكي، ولكن على العكس كانت مرونة تكتيك الأهلي وتكيفه مع المنافسين واحداً من أهم أسباب النجاح، فأن يكون لك أسلوب لعب مميز وثابت فهذا لا يعني الجمود، فبعض المباريات تحتاج للتنوع والتغيير من اللعب على الأطراف للعب في العمق، وحسب قدرات المنافس ونقاط قوته وضعفه واللعب عليها، وهذا ما نجح فيه الأهلي باقتدار.
04في بعض الأوقات يكون هناك مدرب على مستوى عالٍ من القدرات التكتيكية، ولكنه يصطدم بلاعبين قد يكونون ذوي كفاءة عالية، ولكنهم لا يتطبعون أو يستطيعون فهم فكر هذا المدرب، وهنا تأتي أهمية الثقافة الكروية التي تمتع بها لاعبو الأهلي بشكل رائع، فاستطاعوا فهم وحفظ طريقة لعب كوزمين وتطبيقها بالتزام تكتيكي متكامل، وهنا يجب الإشادة بنجوم الفريق، أحمد خليل وهيثم الحمادي وماجد حسن، وريبيرو وسو وسياو وكل عناصر الفريق التي تمتعت بخبرة عالية وثقافة كروية، استطاعوا من خلالها تنفيذ فكر المدرب الروماني باقتدار.
05في كثير من الأحيان يطالب الفنيون بثبات التشكيل لما يمثله هذا من تجانس بين اللاعبين، يجعلهم قادرين على اللعب بتوحد ويحفظون أدوارهم بشكل كامل، وهنا تأتي سلبية تعرض البعض للإرهاق، أو انخفاض عزيمة الاحتياطيين باعتبار أن دورهم تكميلي، لكن كوزمين استطاع تثبيت الهيكل الأساسي لعناصر الفريق، دون ثبات كامل في التشكيل، مما خلق عملية تنافس بين الجميع للدخول في التشكيل.
وجعله يستطيع توظيف بعض الأوراق لخدمة التكتيك والاعتماد عليها في بعض المباريات، دون المساس بتكاملية الفريق وتجانسه.
06العزيمة أحد الأسباب التي تميز وترسم شخصية البطل، فالبطل لا يخشى إصابة مرماه بهدف، ولديه ثقة في إمكانياته لتحقيق الانتصارات، وفي كثير من المباريات أصيب مرمى الأهلي بأهداف أو تعرض لفقدان نقاط، ولكن عزيمة اللاعبين وثقتهم بأنفسهم جعلتهم قادرين بشكل كامل على العودة إلى المباريات، وإصلاح الأخطاء وعدم الحياد عن القضبان ليسير قطار الأهلي بثبات حتى آخر محطة للتويج بطلاً عن جدارة.
07كلنا نخطئ، ولكن الشاطر فينا الذي يتعلم من الأخطاء التي ارتكبها، ويراجع نفسه بشكل دائم لعدم تكرار الخطأ، وهذا ما فعله نجوم الأهلي وإدارتهم الفنية، فالأخطاء حدثت فنياً في بعض المباريات، مثل الثغرة خلف وسط الملعب دفاعياً، والتي نفذ منها المنافسون واستغلوها في بعض الأحيان، ولكن الجهاز الفني واللاعبين كانوا دائما يراجعون أنفسهم ويطورون من فكرهم لإصلاح الأخطاء بالشكل الأمثل وصولاً إلى القمة، وهذا إحدى أهم مميزات البطل.
08فريق متكامل تعني الجماعية وروح الفريق أحد أهم الأسلحة التي ترسم شخصية البطل، فلا مجال لكلمة «أنا»، هناك فقط كلمة «نحن» فلم نشهد على مدار الموسم شكوى لاعب من الجلوس احتياطياً، أو حتى من الخروج بعيداً عن حسابات المدير الفني، والكل أدى دوره رافعاً مصلحة الفريق فوق كل اعتبار شخصي، فصار الفريق فريقاً بمعنى كلمة فريق.
09عند تشكيل فريق والبحث عن عناصر، فالبعض يميل للأسماء الرنانة، ولكن الأهلي في اختياراته لعناصره، كان دقيقاً إلى أبعد حد، واختياراته في اللاعبين من بداية الموسم وفي فترات الانتقالات كانت لخدمة النواقص وليس لأغراض دعائية، فصنع فريقاً متكامل العناصر كل يؤدي فيه دوره باقتدار، وهذا يحسب للإدارة وللجهاز الفني.
10وبالحديث عن الإدارة، فإدارة الأهلي كانت اللاعب الأساسي في نجاح الفريق، الإدارة الهادئة الواثقة في قراراتها واختيارات مدربها، وغير المتدخلة في الشؤون الفنية، الإدارة التي ذللت كل العقبات في طريق الفرسان ليمتطوا جواد الإجادة والتألق، الإدارة التي لم تبخل على الفريق مادياً ومعنوياً، وتواجدت خلفه داعمة في كل المحافل، هذه هي الإدارة الحقيقية للبطل، وهذه هي الإدارة التي تستحق أن تكون السبب الأول في النجاح والتألق، وتستحق أن نقف لها احتراماً وتقديراً لمجهوداتهم ودعمهم للفريق وصولاً للتتويج بطلاً بفضل بطولة إدارته.
19
في مشوار الأهلي نحو اللقب هناك العديد من المطبات الصعبة، والكثير من اللحظات المفصلية، وتعد مباراة الفرسان أمام الوحدة في الجولة 19، والتي نجح فيها الفريق الأحمر في الفوز بثلاثية في الوقت الذي تعثر فيه العين أمام الشباب، ثم فوز الفرسان على الشباب في الديربي في الجولة 21، هي مباريات جعلتنا نجزم أن الفريق الأحمر قادم للتويج باللقب..
وأن هذا العملاق الأهلاوي لا يستطيع أحد أن يقف أمامه، كما أن مباراة الفرسان أمام الزعيم في الجولة 23 هي القمة التي أنهت المنافسة وجعلت الأهلي مرتاحاً على القمة بفارق 6 نقاط، بعدما ساعد النصر في أن تنتهي المباراة قبل أن تبدأ بعرقلته للزعيم البنفسجي في الجولة 22 بالتعادل، مما جعل العين يذهب لاستاد راشد وهو بعيد عن الصدارة بثلاث نقاط، فسهل ذلك مهمة الأهلي للإجهاز على القمة والتربع على العرش.
01
تعتبر جماهير كرة القدم عصب الملاعب والداعم الأول لكل فرق البطولات، ومن يتابع مسيرة جماهير النادي الأهلي يتأكد أنها اللاعب رقم 1 والشريك الأساسي في كل بطولات قلعة الفرسان على مدار تاريخه الطويل..
وأكثر ما يُحسب لجماهير الأهلي الوفية، إصرارها على الوقوف بجانب فريقها في كافة اللحظات الصعبة. ولعل الخسارة في نهائي بطولة دوري أبطال آسيا أمام البطل الصيني غوانزهو في النسخة الأخيرة، خير دليل على وعي تلك الجماهير المحترمة التي وجدت في فريقها بطلاً غير متوج، فجاءت الحفاوة ومن ثم ارتفعت الروح المعنوية لدى اللاعبين فعادت الانتصارات.
أجمل ما في جماهير النادي الأهلي هي الثقة اللامحدودة بقدرات وإمكانات فريقها، في اللحظات الصعبة تجد لديها ثقة كبيرة في الفوز حتى لو كان الفريق متأخرا، وفي لحظات الأفراح تنشد أهازيجها فرحاً بانتصار قادم لا محالة من أقدام نجومها اللاعبين وتعليمات مدير فني محنك.