لاعب بول بوغبا في الصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم

عوامل جذب ومغريات، صفقات أو "منصات" تسويق طويلة الأمد، وغيرها من مفردات الاستثمار والتوظيف ومصطلحات جني الأموال وتوزيع الأرباح، وتعميم الفائدة كما يشيع العاملون في هذا القطاع، الذي لا يعرف لغة مشتركة إلا الأرقام المتعددة الأصفار، والمبالغ التي يسيل لها اللعاب، كما يسيل حبر كثير وغزير في الحديث عنها.

ولعل ما تقدم لا يعد جديدًا في إطار الرياضة العالمية، وخصوصًا كرة القدم، وأسواق دورياتها الأوروبية في الدرجة الأولى، وفي مقدمها الدوري الانجليزي الممتاز الـ"بريمييرليغ"، الذي يسجل أرقامًا قياسية على صعيد عقود النقل التلفزيوني، أعيد تسليط الضوء عليها مع إقفال الـ"ميركاتو" الصيفي (سوق الانتفالات) في 31 آب/اغسطس الماضي، والتي بلغت 1.54 مليار دولار. وهو رقم يُعد منطقيًا قياسًا إلى ما ينفق للحصول على حقوق النقل التلفزيوني ومرادفاتها.

ولا بد من الإشارة إلى أن 5 في المئة فقط من أندية الـ"بريمييرليغ" بعهدة إنجليزية، والسبب أن "بنية" هذا الدوري وسوقه الرحبة تعد جنة للمستثمرين. ويسيطر أميركيون على ملكية أندية أرسنال ومانشستر يونايتد وليفربول، وتايلاندي على ليستر سيتي، وإماراتي على مانشستر سيتي، وروسي على تشلسي، وإيراني على إيفرتون، وإيطالي على واتفورد، ومصري على فولهام، وويلزيون على سوانزي ووست هام (...). علمًا أن غالبية المساهمين في الدوريات الأوروبية الأربعة الكبرى أجانب أيضًا، وتشذ المانيا عن القاعدة باعتبار أن أنظمة الاستثمار لا تمنح أكثرية الأسهم للأجانب.

وفي عوالم المدربين يجمع الـ"بريمييرليغ" أسماء حصدت 67 لقبًا كبيرًا، أبرزها الاسباني جوسيب غوارديولا والبرتغالي جوزيه مورينيو والفرنسي أرسين فينغر والالماني يورغن كلوب والإيطالي أنطونيو كونتي.لكن في مقابل الانفاق الكبير الذي بلغ 1.54 مليار دولار في الميركاتو الصيفي، رقم قياسي، بزيادة مقدارها 34 في المئة عن الموسم السابق. لفت دان جونز المسؤول في "سبورتس بيزنس" التابعة لـ"ديلويت" للتحليل المالي، إلى أن الارقام تسجل قفزات للعام الرابع على التوالي.

من جانبه، عزا اليكس ثورب، المدير الأعلى للشؤون الرياضية في "ديلويت" السبب الكامن خلف الصفقات الضخمة التي أبرمت في "البريميير ليغ" إلى "العوائد الضخمة المتوقعة من الانفاق الجديد لحقوق البث التلفزيوني التي شجعت الأندية على مزيد من الاستثمارات في سوق الانتقالات".فقد رصدت استثمارات تفوق قيمتها 6 ملايين يورو لبث المباريات حتى عام 2019، أي بزيادة 71 في المئة، في مقابل 230 مليون يورو خصصت كحقوق في الحقبة الاولى لاعتماد الـ"بريمييرليغ" (1992 - 1997).

وعمومًا، ستدخل نحو 10 بلايين يورو إضافية من بدل حقوق البث الخارجي صناديق الاندية، ما يشكل حالة مطمئنة على رغم الحذر والترقب والاحاطة للمستقبل بعد الـ"بريكزيت" البريطانية.ويوضح باستيان دورت مؤلف كتاب "اقتصاد كرة القدم المحترفة"، أن "التخوف من فرض كوتا على تعاقدات الاندية مستقبلا في ضوء قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي" دفع بالأندية الى هذه الحماسة والشراهة"، خصوصًا مع تخطي الانفاق الـ1ر1 بليون دولار العام الماضي.

وفي ضوء ما تقدم، سيحصد متذيل الترتيب في اختتام موسم 2016 - 2017 مبلغ 155 مليون يورو، اي اكثر من مجموع ما تجنيه اندية اوروبية عدة مجتمعة. في حين بلغت عائدات أرسنال التلفزيونية 120 مليونا.كما يشير خبراء إلى أن أندية، مثل مانشستر يونايتد خامس الترتيب وتشلسي عاشره، تريد التعويض فحصنت صفوفها واحتاطت. لذا، لم يكن مستغربًا إنفاق الـ"يونايتد" 42 في المئة من قيمة الانتقالات الصيفية وفقًا لموقع "سبريدتكس" الالكتروني، علما ان الناديين لن يخوضا مسابقة دوري الأبطال، لكنهما بنيا تشكليلتين جذابتين جماهيريًا وبالتالي إعلانيًا. ولأن التشكيلة وواقع التحديات يفرضان فريقًا من 25 عنصرًا من مستوى متقدم جدًا، يكون التركيز على استقطاب لاعبين فتيين متمكنين أمثال الفرنسي بول بوغبا "العائد" إلى يونايتد في مقابل120 مليون يورو.

ولأن الحديث عن الأرقام لا ينتهي، لا بد من الاشارة إلى أن "سكاي سبورت" اشترت حقوقًا للموسم الحالي بـ1.63 بليون يورو (126 مبارة) و"بي تي" (بريتش تيلفيجين) بـ370 مليونا (42 مباراة).ويوفر هذا العقد للشبكتين مدخولاً أكيدًا من 12.5 مليون مشترك بخدمات التلفزة عبر الكابل والإنترنت لمشاهدة مباريات كرة القدم وتحديدًا الـ"بريمييرليغ". وهي ثروة بحد ذاتها إذا ما قارنا مثلاً بين الانفاق البريطاني والفرنسي على هذا الصعيد، إذ أن معدل إنفاق الأول يبلغ 97 يورو موسميًا في مقابل 53.89 يورو يقتطعها الثاني لهذه الغاية.