باريس - صوت الامارات
يصطدم باريس سان جيرمان الفرنسي المتخم بالنجوم مع لايبزيغ الألماني الطموح ومفاجأة البطولة اليوم في لشبونة من أجل حجز أول بطاقة لنهائي دوري أبطال أوروبا في إنجاز كروي سيكون الأول من نوعه بالنسبة لأي منهما، وسينتظر الفائز منهما الطرف الثاني الذي ستحدده مباراة الغد بين بايرن ميونيخ الألماني وليون الفرنسي.
على الورق يبدو باريس سان جيرمان الذي يهيمن محليا على كل البطولات الفرنسية ويضم بين صفوفه البرازيلي نيمار أغلى لاعب العالم والمهاجم الواعد كيليان مبابي ونجم الوسط الإيطالي المتألق ماركو فيراتي وكتيبة أخرى من النجوم، هو المرشح الأبرز للفوز على لايبزيغ ريد بول الذي تأسس منذ حوالي 10 سنوات وقفز مراحل من الدرجة الخامسة إلى منافس قوى بالبوندسليغا. لكن وصول لايبزيغ إلى نصف النهائي يعد مفاجأة من العيار الثقيل لكل المتابعين ونجاح مذهل لمدربه الشاب يوليان ناغلسمان.
وترتدي مباراة اليوم نكهة خاصة، لأنها تجمع بين التلميذ ناغلسمان مدرب لايبزيغ والأستاذ توماس توخيل مدرب سان جيرمان والذي كان خلف بداية الأول في عالم التدريب قبل 12 عاما.
بعد أن تفوق على مدربين فذين في الدورين السابقين بإقصاء البرتغالي جوزيه مورينيو (بطل 2010 مع إنتر الإيطالي) وفريقه توتنهام الإنجليزي وصيف بطل 2019 بالفوز ذهابا وإيابا، ثم الأرجنتيني دييغو سيميوني الذي وصل إلى النهائي عامي 2014 و2016 مع أتلتيكو مدريد الإسباني، يضع ناغلسمان نصب عينيه دخول التاريخ من أوسع أبوابه على حساب مواطنه توخيل وباريس سان جيرمان.
عندما تواجه ابن الـ33 عاما مع سيميوني في ربع نهائي البطولة المصغرة التي فرضها فيروس “كورونا” المستجد، اعتبر الكثيرون أن إنجاز لايبزيغ سيتوقف عند هذا الحد، لا سيما أنه يواجه فريقا متمرسا ومدربا محنكا، لكن الفريق الذي كان يلعب في دوري المقاطعات عند تأسيسه عام 2009 واصل زحفه وأطاح بأتلتيكو بالفوز عليه الثلاثاء الماضي 2 - 1 في لشبونة.
وأصبح ناغلسمان بفضل هذا التأهل، أصغر مدرب يصل إلى نصف نهائي البطولة القارية، وها هو الآن على بعد مباراة واحدة من قيادة لايبزيغ إلى النهائي في ثاني مشاركة له في دوري الأبطال، بعد موسم 2017 - 2018 حين انتهى مشواره عند الدور الأول.
والعقبة التالية التي تنتظر ناغلسمان ولايبزيغ متمثلة بنادي العاصمة الفرنسية الذي نجح أخيرا في فك عقدته مع دوري الأبطال ووصل إلى نصف النهائي للمرة الثانية فقط في تاريخه بعد عام 1995 على أمل أن يصبح سان جيرمان الفريق الفرنسي الثاني فقط الذي يحرز اللقب بعد مرسيليا عام 1993.
وشاءت الصدف أن يتواجه ناغلسمان في دور الأربعة مع المدرب الذي كان خلف بداياته التدريبية قبل 12 عاما حين كان توخيل مدرب الفريق الرديف لأوغسبورغ عام 2008.
وعلق ناغلسمان على مواجهته لتوخيل، بالقول: “بالتأكيد كنت لاعبه، لكن ذلك كان قبل أعوام طويلة. الآن... أنا مثله”، متطرقا إلى لقائه ومدربه السابق: “المباريات ضد توماس مثيرة دائما للاهتمام لأن لديه فكرة جيدة جدا عن كيفية لعب كرة القدم”.
وواصل: “أتمنى أن أنجح أيضا في إيجاد الأفكار اللازمة ضده لكي يتمكن شباب فريقي من الأداء بالطريقة التي لعبوا بها ضد أتلتيكو. لعبت عدة مرات ضده كمدرب، لكن نادرا ما فزت عليه. آمل أن يتغير ذلك الآن. سأكون راضيا إذا أدينا بشكل سيئ وفزنا بالمباراة”.
وكمدرب لفريقه السابق هوفنهايم، خسر ناغلسمان مرتين في مواجهة توخيل حين كان الأخير مدربا لبوروسيا دورتموند بين 2016 و2017.
وعن الخصم سان جيرمان، قال ناغلسمان: “من الواضح أنهم يتمتعون بالمواهب... سيعود إليهم (الأرجنتيني) أنخل دي ماريا و(كيليان) مبابي سيكون جاهزا بدنيا لبدء المباراة”، بعد أن دخل في نصف الساعة الأخيرة من مباراة ربع النهائي التي فاز بها بطل فرنسا على أتالانتا الإيطالي 2 - 1 بعد أن كان متخلفا حتى الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي قبل أن يسجل هدفين في الوقت بدل الضائع. وشدد ناغلسمان على ضرورة أن يقدم فريقه أفضل أداء من أجل الوصول إلى النهائي.
ويضع باريس سان جيرمان، الذي توج بلقب الدوري الفرنسي رغم عدم إكمال الموسم، دوري الأبطال هدفا له لتأكيد مكانته بين صفوة الأندية الأوروبية.
وينظر إلى سان جيرمان دائما بأنه فريق يعتمد على مهارات لاعبيه الفردية أكثر من العمل الجماعي، لكن نيمار ورفاقه قدموا عودة قوية اتسمت بروح الفريق في مباراتهم بدور الثمانية أمام أتالانتا الإيطالي ليقلبوا تأخرهم بهدف إلى فوز 2 - 1 في اللحظات الأخيرة.
وجاء هذا الفوز المثير في يوم 12 أغسطس (آب) يوم احتفال النادي الباريسي بمرور 50 عاما على تأسيسه في 1970.
وقال الإسباني أندير هيريرا لاعب خط وسط سان جيرمان: “الجميع يهدفون اللقب، ويدفعون في نفس الاتجاه”.
وأشار نيمار إلى أن الفوز على أتالانتا كان من بين أبرز ثلاث مباريات في مسيرته الكروية حتى الآن. وقال اللاعب البرازيلي بثقة: “ما من أحد سيمنعني من أن أقول إننا سنلعب على اللقب”.
ويستعيد المدرب توماس توخيل جناحه الأرجنتيني آنخل دي ماريا اليوم بعدما غاب أمام أتالانتا للإيقاف كما ينتظر أن يكون فيراتي جاهزا لخوض اللقاء بعد تعافيه من الإصابة التي حرمته أيضا من مباراة أتالانتا، لكن الفريق الباريسي سيخسر جهود حارس مرماه الكوستاريكي كيلور نافاس للإصابة العضلية التي تعرض لها في مباراة أتالانتا وأدت لاستبداله قبل نهاية اللقاء. كما أكد توخيل على جاهزية مبابي، 21 عاما، للعب أساسيا اليوم بعد أن غيرت مشاركته الموازين أمام أتلانتا.
في المقابل تجاوز لايبزيغ آثار رحيل مهاجمه وهدافه الخطير تيمو فيرنر إلى تشيلسي بمجرد انتهاء الموسم المحلي بألمانيا ورفضه خوض الأدوار النهائية لدوري الأبطال مع الفريق، وأكد ناغلسمان على أن روح الفريق هي التي تغطي على غياب أي لاعب والجميع متحفزون لمواجهة سان جيرمان.
أجبر ناغلسمان على اعتزال اللعب عن 20 عاما فقط بسبب إصابة في ركبته حين كان يشغل مركز قبل الدفاع في الفريق الرديف لأوغسبورغ، فطلب منه توخيل أن يتولى مهمة الكشاف لصالح الفريق. وعن ذلك قال: “كان قرارا عمليا بما أن أوغسبورغ كان لا يزال يدفع لي راتبي. كنت أتابع الخصوم من أجل توخيل”. وكشف ناغلسمان أنه وتوخيل لم يكونا مقربين جدا وبأن الأخير لم يكن يوما معلمه، حتى لو أشار الكثيرون لذلك، وأوضح: “علاقتنا كانت علاقة عمل وحسب، لكني ممتن له لأنه منحني فكرة أن أصبح مدربا”.
وانتقل توخيل بعدها لتدريب ماينز ثم دورتموند الذي توج معه بلقب الكأس الألمانية عام 2017 قبل أن ينضم إلى باريس سان جرمان في 2018 وقيادة الأخير إلى إحراز الدوري موسمين على التوالي.
في هذا الوقت، كان ناغلسمان يكتسب الخبرة من خلال تدريب فرق الشباب في أوغسبورغ، ميونيخ 1860 وهوفنهايم الذي أصبح مدرب فريقه الأول في فبراير (شباط) 2016 نتيجة استقالة الهولندي هوب ستيفنز لأسباب صحية. وحين تسلم ناغلسمان المهمة التي كان من المفترض أن توكل إليه (لولا الحالة الصحية لستيفنز) في بداية موسم 2016 - 2017 بحسب العقد الذي جعله عن 28 عاما أصغر مدرب في التاريخ الدوري الألماني، وجود هوفنهايم في المركز السابع عشر قبل الأخير، لكنه نجح في نهاية الموسم بإبقائه في دوري الأضواء، ما ساهم في نيله جائزة مدرب العام.
وبقيادة ناغلسمان، شق هوفنهايم طريقه بين الأربعة الأوائل في الموسمين التاليين، ما سمح له باختبار المشاركة في دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخ النادي لكن المشوار انتهى عند دور المجموعات في موسم 2018 - 2019.
لقد حول ناغلسمان هوفنهايم إلى فريق عنيد نجح في إسقاط العملاق البافاري بايرن ميونيخ مرتين، إحداهما بنتيجة 2 - صفر على ملعب “أليانز أرينا” في 2017، وهو ما جعله محط اهتمام لايبزيغ فانضم إليه مطلع الموسم الحالي وقاده لإنهاء الدوري في المركز الثالث.
الآن وبعد مرور أكثر من عقد على فترتهما معا في الفريق الرديف لأوغسبورغ، سيكون ناغلسمان وتوخيل على موعد مع التاريخ بالنسبة لفريقيهما الطامحين للوجود في النهائي المقرر الأحد المقبل والذي سيجمعهما بالفائز من مواجهة ألمانية - فرنسية أخرى بين بايرن ميونخ وليون. لكن دوري الأبطال “لا يتعلق بمبارزات ضد مورينيو أو سيميوني أو الآن ضد توخيل” بحسب ما شدد ناغلسمان، بل “هذه رياضة جماعية، وقد لعب الفريق لايبزيغ بشكل رائع”.
ورأى ناغلسمان أن فوز سان جيرمان في ربع النهائي على أتالانتا رفع “عبئا ثقيلا” عن توخيل الذي كان تحت ضغط كبير لبلوغ دور الأربعة، وقال: “أنا سعيد من أجله”
قد يهمك ايضا
الراحة والترابط يميزان الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا
لايبزيج وباريس سان جيرمان مواجهة أوروبية بين التلميذ والأستاذ