إخفاق بعض المدربين وراء استغناء الأنديـة عن خدماتهم

مهنة التدريب مثل أي مهنة أخرى تتطلب مواصلة التطور من أجل تحقيق التميز والنجاح، وخلال الفترة الماضية منح اتحاد الكرة المدرب المواطن فرصة العمل وقيادة عدد من المنتخبات الوطنية، وحقق المدربون العديد من النجاحات وعلى رأسهم مهدي علي مدرب المنتخب الأول، ما شجع بعض الأندية على زيادة الثقة في قدرات المدرب الوطني، ولكن البعض لم يسع لمواكبة التطور في عالم المهنة والاطلاع على آخر مستجداتها، وكانت المحصلة استغناء الأندية عن خدماتهم، مع أن هناك العديد من المواهب الواعدة. فقد قاد وليد عبيد الذي حتا إلى دوري المحترفين بعد فترة قضاها مدربًا مساعدًا مع اتحاد كلباء، قبل أن تتم إقالته أخيرًا، وعبدالعزيز العنبري مدرب الشارقة، وقبلهما كان هناك عيد باروت الذي أعاد الشعب إلى دوري الأضواء، إضافة إلى عبدالله مسفر الذي سبق أن حقق نتائج جيدة مع الظفرة وبني ياس، وقبل الجميع كان هناك شيخ المدربين مؤسس جيل الإنجازات للأبيض جمعة ربيع، والمخضرمان عبدالله صقر مدرب الشباب وخليفة سليمان مدرب بني ياس. وسعيًا إلى دعم جهود المدرب الموطن، وحرصًا منا على توفير بيئة عمل مناسبة تساعده على النجاح والتميز، سعينا إلى معرفة الأسباب التي تؤدي إلى قلة فرص العمل المقدمة له، وتناول العديد من الخبراء والعاملون في المجال الأسباب والحلول حتى يحقق المدربون الدور المأمول منهم للارتقاء بمستوانا الكروي. وهناك العديد من الأسباب وراء انخفاض اسهم المدرب الوطني، من بينها عدم التميز في فن العلاقات العاملة وتكوين علاقات داخل الأندية تساعده على إيجاد فرصة عمل، إضافة إلى عدم نيله الثقة الكافية من قبل مسؤولي الأندية للعمل والتميز، وفي المقابل نجد أسباباً اخرى تتعلق بالمدرب نفسه مثل إصراره على العمل في ناديه فقط، وعدم الابتعاد عن محل إقامته كثيراً. إلى جانب مطالبته بمستحقات قد تكون مرهقة لميزانية الأندية التي تستعين بهم، والأهم هو عدم الحرص على تطوير قدراته وإمكاناته مما جعله يبتعد عن مستجدات هذه المهنة، والتي تتطلب التطور والارتقاء بالمهنة من خلال حضور ورش عمل وتنظيمات إقليمية تساهم في الترويج لمثل هذه الدورات، وبالتالي أصبح المدرب مهملاً لنفسه مما أدى إلى ابتعاده عن سوق العمل، وكانت المحصلة إحباطاً وترك العمل داخل المستطيل الأخضر والاتجاه إلى العمل الإداري. بلا شهادات على جانب آخر، لم يتم منح العديد من المدربين المواطنين فرص عمل حقيقية حيث تعتبرهم الأندية مدربي طوارئ تستعين بهم عند وقت إقالة المدربين الأجانب، وهناك العديد من المبررات الجاهزة دوماً لمثل هذه التصرفات، ومعيدة اتخاذ القرار إلى قلة الخبرة وعدم الحصول على شهادات تدريبية، في حين نجد أن العديد من الأندية تتعاقد مع مدربين مغمورين بلا شهادات، وعندما تطأ أقدامهم البلاد للعمل تقوم الأندية بمساعدتهم على المشاركة في دورات تدريبية . «البيان الرياضي» فتحت ملف المدربين من أجل الاستماع إلى آراء المختصين ومن ثم تشخيص الحالة، لعلنا نخرج بتوصيات تعيد المدرب الوطني إلى الواجهة مرة أخرى. يصف عبدالله حسن رئيس قسم التدريب والتطوير باتحاد الكرة، المحاضر أيضاً بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والحاصل على رخصة التدريب الاحترافية، بأن قيمة المدرب المواطن السوقية تضاءلت في سوق العمل بسبب عدم منح المدرب فرصته في العمل والصبر عليه، والغريب أن بعض الأندية تستقدم مدربين أجانب بلا شهادات، ومن ثم يتم تأهيلهم داخل الدولة، مما يشير إلى أن هناك خللاً في منظومة تعيين المدربين المواطنين. دور المجالس ويرى عبدالله حسن، أن هناك خللاً بسياسات الأندية في الاعتماد على المدربين المواطنين، ودور المجالس الرياضية ومسؤوليتها في تعيين المدربين المواطنين، خاصة وأن ميزانيات الأندية مرتبطة بالمجالس الرياضية، صحيح هناك بعض الأندية وضعت خططاً لتأهيل والتطوير لمدربيها، ولكن تظل نسبة المدرب المواطن قليلة للغاية مقارنة بعدد المدربين الأجانب. رخص تدريبية وأشار رئيس قسم التدريب والتطوير باتحاد الكرة، إلى أن الحصول على الشهادات التدريبية «الرخصة» لممارسة المهنة، ليس نهاية المطاف، حيث يظل دور الاتحاد والنادي والمدرب نفسه في ضرورة تأهيل الكفاءات التدريبية، خاصة وأن هناك فارقاً بين التدريب وإدارته الفنية للفريق. وقال عبدالله حسن للأسف لا يزال العائد المالي يقف حائلاً أمام عدد من المدربين لإسناد المهمة التدريبية للمدرب المواطن، حيث تضطر بعض الأندية إلى صرف رواتب ضعيفة لا تتناسب مع المدرب المواطن، المطالب بالعمل أمام تحد صعب في إثبات كفاءته وجدارته في حال نال الفرصة. وفيما يتعلق بفرص المدرب في تولي مسؤولية الفريق الأول، قال: الفريق الأول مرتبط بالنتائج وهناك عوامل كثيرة لإنجاح مهمة المدرب المواطن مع الفريق الأول، وليس كل مدرب يستطيع أن يقود تدريب الفريق الأول، نعم الطموح مطلوب، لكن أيضاً الواقع يفرض المنطق في اتخاذ القرار في إدارة الفريق الأول فنياً خاصة في فرق دوري المحترفين. أشار عبد المجيد النمر مدرب منتخب الناشئين إلى عدة نقاط مهمة في قضية المدرب الوطني منها المقولة التي تتردد دائما أن المدرب المواطن ليست لديه الخبرة، ورد النمر بقوله، من أين سيأتي المدرب بالخبرة، هل يستوردها من الصين أم من اليابان أم من أوروبا، إذا لم يحصل عليها في بلده، فالتجارب الميدانية هي المحك الرئيسي لاكتساب الخبرات والتعلم من دروس الإخفاقات. افتقاد الثقة وأضاف عبد المجيد النمر قائلاً: لدينا عدد من المدربين المواطنين الأكفاء، ولكنهم يفتقدون لثقة بعض الأندية في التعامل معهم، ولعل عدم إعطاء المدرب المواطن الفرصة كاملة في بداية الموسم مع الفريق لخير دليل، والاكتفاء بإعطائه الثقة والفرصة بعد إقالة المدرب الأجنبي، رغم وجود المؤهلات التدريبية العليا لدى المواطن، وانتظاره لفرصة كاملة للعمل لإثبات قدراته وذاته. وأضاف: عندما يقوم المدرب الذي يتولى المهمة بعد إقالة المدرب الأجنبي بالاجتهاد والنجاح بالنصف فرصة التي أعطيت له، يتم استبداله بالمدرب الأجنبي في الموسم التالي، إنها أزمة ثقة في المقام الأول بقدرات وإمكانات المدرب الوطني مع انه يسعى لبذل أقصى جهد من أجل تطوير قدراته وإمكاناته حتى يحقق النجاح في مهمته. دعم كما كشف عبدالمجيد النمر، عن عدد من المدربين الأجانب كانوا مغمورين، ما يسمع عنهم أحد، وكوّنوا أسماءهم في دول الخليج بشكل عام وفي الإمارات بشكل خاص، ومنهم مدربون لا يملكون شهادات تدريبية وبعضهم تم منحه هذه الشهادات في البلاد، ومن باب أولى أن تمنح الثقة لمدربينا ومد يد الدعم لهم بدلاً من تركهم عرضة للتيارات الهوائية التي لا ترحم البعض، موضحاً، أن هناك الكثير من المدربين الذين حققوا إنجازات مع فرقهم ومع ذلك فالبعض يعتبر تلك الإنجازات عابرة، مع أنها جاءت بتعب وجهد وتميز.