العين ـ صوت الإمارات
نجح فريق بحثي في جامعة الإمارات في إنتاج الوقود الحيوي من الدهون الحيوانية، بمواصفات ذات كفاءة عالية، وكميات كبيرة، وبتكلفة أقل، فيما سجلت براءة الاختراع في مكتبي براءات الاختراع الأميركي والدولي، وأصدرت الجامعة كتابًا حول الاختراع.
وكان فريق بحث من قسم الهندسة الكيميائية في الجامعة، بإشراف أستاذ ومنسق الدراسات العليا في قسم هندسة الكيمياء والبترول في جامعة الإمارات البرفيسور سليمان الزهير، وعضوية الدكتور علي المرزوقي والدكتورة حنيفة طاهر، اخترع عملية لاستخلاص الزيوت من الدهون الحيوانية، باستخدام ثاني أكسيد الكربون بالحالة فوق الحرجة واستخدامه بشكل متواصل لإنتاج الديزل الحيوي في مفاعل يحوي انزيم الليبيز المثبت.
وأوضح البرفيسور سليمان الزهير أنَّ جميع الدول المتقدمة حاليًا تستخدم، في عملية إنتاج وقود الديزل الحيوي تجاريًا، المحفزات القلوية، ولكن استخدام هذه المحفزات القلوية يواجه العديد من المشاكل التقنية، ويتطلب معالجة المواد الخام لإزالة الأحماض الدهنية الحرة وهذا يزيد من تكلفة الإنتاج، الأمر الذي تمت معالجته في البحث.
ولفت إلى أن وقود الديزل الحيوي الذي يصنّع من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية يعتبر بديلًا أفضل لوقود الديزل البترولي وله خصائص مشابهة له، فهو يصنّع من مصادر مستدامة وقابلة للتحلل وغير سامة، ويمكن استخدامه في محركات الديزل دون الحاجة إلى أي تعديل مع خفض للانبعاثات الضارة، كما يحدث مع الوقود الحيوي الذي يصنع حاليًا.
وأضاف أن استخدام الزيوت النباتية لإنتاج الديزل الحيوي مكلف ويتطلب أراضي زراعية ومياه ريٍّ كثيرة، لذلك اقترح استخدام الزيوت المستعملة أو الدهون الحيوانية، ولكن هذه البدائل لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد على وقود الديزل وأثبتت الطحالب الدقيقة أنها أفضل مصدر للزيوت، نظرًا لمعدلات إنتاجها المرتفعة، والتي تصل إلى حوالي عشرة أضعاف أفضل محاصيل الزيوت النباتية، بالإضافة إلى ذلك تستخدم الطحالب ثاني أكسيد الكربون كمصدر وحيد للكربون في عمليات البناء الضوئي، وبذلك تضيف ميزة الحد من الانبعاثات الضارة.
وأكد أنَّ أهمية الاختراع تتمثل في أنه يجمع ما بين ميزات استخدام الموائع بالحالة فوق الحرجة لاستخلاص الزيوت والدهون، واستخدامه أيضًا كبيئة للتفاعلات مع ميزات استخدام الأنزيمات المثبتة، فالموائع فوق الحرجة ذات كفاءة أعلى من غيرها من المذيبات لاستخلاص الدهون وتقليل مقاومة الانتشار، ولا تحتاج لوحدة فصل لفصلها عن المنتج، أما الأنزيمات فهي ذات كفاءة عالية لإنتاج الوقود الحيوي ولا تحتاج لزيوت معالجة مثل المحفزات القلوية، وقد تم اختبار الوقود الحيوي المنتج بدون أي عملية فصل للمذيب أو للجلسرين ووجد أن مواصفاته تنطبق مع المعايير الدولية المقبولة، ويمكن لهذا الاختراع أن يوفر الوقود الحيوي بكميات كبيرة وبكفاءة عالية.
وأشار إلى أن الاختراع شكل نقلة نوعية وجدوى اقتصادية واكتشافًا جديدًا حينما تم اقتراح استخدام المحفزات الحيوية "الأنزيمات" كمحفز بديل لإنتاج وقود الديزل الحيوي، حيث يمكن لهذه الأنزيمات العمل على الزيوت دون الحاجة للمعالجة وفي درجات حرارة منخفضة، الأمر الذي يقلل من متطلبات الطاقة، وللتقليل من التكلفة العالية للأنزيمات، لابد من استخدامها بشكل متكرر عن طريق تثبيتها، وتثبيت الأنزيمات يزيد أيضًا من نشاطها ومقاومتها، وقد تم اختبار عدة مذيبات عضوية بنجاح لتحسين خصائص الانتشار في التفاعلات باستخدام الأنزيمات المثبتة. ولكن أغلب هذه المذيبات العضوية سامة وتتطلب فصلها عن وسط التفاعل لإعادة استخدامها وتنقية المنتج منها.
وأضاف أن الموائع بالحالة فوق الحرجة تلقى اهتمامًا متزايدًا في التطبيقات الحيوية كبديل للمذيبات العضوية، فعلى سبيل المثال ثاني أكسيد الكربون بالحالة فوق الحرجة لديه العديد من الخصائص المفيدة كونه غير قابل للاشتعال وغير مكلف ومتوفر بكميات كافية ولديه درجة حرارة حرجة منخفضة؛ الأمر الذي يسمح باستخدامه مع الأنزيمات وبمقارنته مع المذيبات العضوية.
وأصدر البرفيسور سليمان الزهير والمواطنة الدكتورة حنيفة طاهر، من قسم الهندسة الكيميائية، في جامعة مصدر للعلوم والتكنولوجيا، كتابًا يتضمن شرحًا تفصيليًا عن البحث الذي أجري بجامعة الإمارات والمتعلق بإنتاج الوقود الحيوي باستخدام الدهون في مفاعل يحوي انزيم الليبيز المثبت في بيئة ثاني أكسيد الكربون بالحالة فوق الحرجة، الذي بدأت طباعته تحت عنوان "استخدام تقنية الموائع بالحالة فوق الحرجة في العمليات المحفزة بأنزيم الليبيز"، حيث تكفلت دار نشر عالمية في الولايات المتحدة متخصصة في الكتب العلمية طباعة وتسويق وتوزيع الكتاب على جميع مكتبات المؤسسات التعليمية العالمية والمكتبات العلمية المتخصصة.
وأكد البرفيسور سليمان الزهير، أنَّ الكتاب في طور الطباعة النهائية بعدما وافقت اللجنة المختصة في دار النشر على طباعته، حيث سيصدر في 250 صفحة من الحجم المتوسط باللغة الإنجليزية، ويتضمن كل تفاصيل الاختراع والخطوات والمراحل التي يمر بها انتاج الديزل الحيوي، لافتًا إلى أن لجنة دار النشر تواصلت معهم عدة مرات للاستفسار عن بعض النقاط الواردة بالكتاب.