السوق العقاري في الإمارات

أعادت تأثيرات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، وما تبعها من إجراءات احترازية وتقييد للحركة، توجهات السوق العقاري في الإمارات.

وقال مسؤولون وخبراء عقاريون لـ«الاتحاد» إن قطاعات مثل المكاتب والتجزئة والضيافة تعد الأكثر تأثراً بالأوضاع الحالية، بينما يعد سوق الإيجارات السكنية الأقل تأثراً.
وأوضحوا أن تجربة العمل عن بُعد سيكون لها تأثير ملحوظ على سوق المكاتب خلال الفترة المقبلة في ظل اتجاه كثير من الشركات ببعض القطاعات لاستمرار أعمالها عن بُعد.
وتوقعوا أن يشهد قطاع المكاتب تغييرات ملحوظة في التصاميم والمساحات وطبيعة العقود، كما أن التوسع في التسوق الإلكتروني سيكون له تأثير ملحوظ على قطاع التجزئة.
وأشاروا إلى أنه فيما يتعلق بالوحدات السكنية، فإن سوق الإيجارات يعد أكثر استقراراً، فيما تأثرت حركة البيع والشراء، لاسيما شراء العقارات بغرض الاستثمار.
وتوقع تقرير شركة جيه إل إل للاستشارات والاستثمارات العقارية مؤخراً أن تسعى معظم الشركات إلى تعديل تصميم وتخطيط مساحاتها المكتبية، وفقاً لاستراتيجياتها متوسطة المدى، وبما يلبي احتياجات الموظفين، موضحاً أنه من المتوقع على المدى الطويل أن ينصب التركيز على المساحات المكتبية التي توفر مناخاً تعاونياً واجتماعياً أكثر من مجرد كونها مكاناً للعمل، ومن المرجح أيضاً أن نشهد انتشاراً واسعاً لتطبيق معايير الصحة والسلامة لضمان رفاهة الموظفين.
وأوضح التقرير أن قطاع منافذ التجزئة لا يزال يواجه تحديات بسبب نمو التجارة الإلكترونية، والتغيير في تفضيلات المستهلكين، وزيادة المعروض الجديد، ما أدى إلى استمرار الضغوط الانكماشية على أسعار الإيجارات في جميع مراكز منافذ التجزئة.
ولفت إلى أنه في ظل النمو الذي يشهده التسوق عبر الإنترنت، من المرجح أن يشهد السوق على المدى القصير إلى المتوسط اعتماد المزيد من تجار التجزئة لمنهج البيع متعدد القنوات كأداة لتخفيض التكاليف.

قطاعات اقتصادية
وأوضح عتيبة بن سعيد العتيبة، رئيس مجلس إدارة مشاريع العتيبة أن القطاع العقاري تأثر بتداعيات انتشار فيروس «كورونا»، مثل جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى، بيد أن هناك تبايناً في تأثر القطاع العقاري بالأزمة ما بين الوحدات المكتبية والتجارية والسكنية.
وأضاف أن القطاع السكني يعد الأقل تأثراً، لأن الساكن مستمر في سكنه، بيد أن التأثيرات تظهر بصورة أكثر وضوحاً على قطاع التجزئة، في ظل إغلاق كثير من المحال والأنشطة، أو الافتتاح الجزئي لأنشطة أخرى، موضحاً أنه رغم بدء إعادة افتتاح المراكز التجارية بشكل تدريجي، إلا أن إقبال العملاء على «المولات» لا يزال محدوداً.
وتوقع العتيبة تأثر الطلب على المكاتب على المدى الطويل، لاسيما مع إثبات تجربة «العمل عن بُعد» نجاحاً ملحوظاً في كثير من القطاعات والأنشطة، موضحاً أن «العمل عن بُعد» سيكون له تأثير جديد على طريقة العمل بالعديد من القطاعات.
وأضاف: لا يمكن القول إن العمل بالمكاتب سينتهي، ولكن ربما تقل الحاجة للمساحات الكبيرة، مع توسع الشركات في تنظيم عمل بعض الموظفين عن بُعد، أو تحديد أيام محددة للعمل المكتبي.

البقاء بالمنزل
وقال مسعود العور الرئيس التنفيذي لشركة ميداليان أسوشيت الاستثمارية إن التغييرات المرتبطة بالعمل عن بُعد، والبقاء بالمنزل، مع انتشار تداعيات فيروس كورونا سيكون لها تأثير مباشر على القطاع العقاري في الإمارات، حيث سيشهد السوق اختلافات جوهرية، مقارنة بأداء السوق خلال العشرين عاماً الماضية، والتي شهدت طفرة ملحوظة بالقطاع العقاري منذ عام 2000 تقريباً.
وأضاف أنه يمكن تقسيم العقار إلى فئتين، فهناك العقار السكني المرتبط بالمعيشة والسكن، وآخر المتعلق بالتجارة والاستثمار، من محال تجارية ومساحات مكتبية ووحدات ضيافة، فضلاً عن الوحدات السكنية التي يتم شراؤها بغرض الاستثمار، مضيفاً أنه يمكن القول إن تأثير الأزمة الراهنة يظهر بشكل أكثر وضوحاً على العقارات الخاصة بالاستثمار والتجارة.
وتابع أن هناك تأثيرات ملحوظة على المساحات المكتبية وقطاع التجزئة، مع لجوء كثير من الشركات في التوسع للعمل عن بُعد، فضلاً عن التوسع في التجارة الإلكترونية على حساب التجارة التقليدية.

العمل عن بُعد
وأشار رشيد الطوباسي، رئيس مجلس إدارة شركة بلجرافيا العقارية إلى أن نجاح تجربة العمل عن بُعد ببعض الأنشطة والقطاعات، سوف يشجع كثيراً من الشركات على التوسع في تطبيق التجربة حتى بعد انتهاء أزمة «كورونا»، وهو ما سيكون له انعكاس مباشر على المساحات المكتبية، موضحاً أن قطاع المكاتب سيكون الأكثر تأثراً بالأزمة الراهنة.
وأضاف أن قطاع التجزئة يأتي في المرتبة الثانية من حيث التأثر بتداعيات «كورونا»، بيد أن القطاع قادر على التعافي السريع، لاسيما في ظل حرص كثير من الجهات والشركات العقارية الكبرى المالكة لكثير من المراكز التجارية بأبوظبي ودبي، على تقديم المزيد من الدعم والتسهيلات للعاملين بمجال التجزئة.
وأوضح الطوباسي أن قطاع الإيجارات السكنية يعد الأقل تأثراً بالأزمة الراهنة، موضحاً أن الأزمة وما فرضته من البقاء بالمنزل، زادت اهتمام وارتباط العملاء بالسكن، حيث يقتصر التأثر بقطاع الإيجارات السكنية على الحالات المرتبطة بتعثر بعض المستأجرين، أو المشترين للعقارات في سداد الأقساط بسبب تعثر أعمالهم بالظروف الراهنة.