وكالة الأمم المتحدة لإغاثة "الأونروا"

شهد قطاع غزة يوم الاثنين الماضي  حدثاُ يعد غريبًا وغير مسبوق على منظمة أممية، حينما أقدم موظفو أمن "الأونروا" على حجز عدد كبير من المعتصمين برفقة نسائهم وأطفالهم داخل إحدى مقرات الوكالة شمال غزة "عيادة الصفطاوي"، بل ومنع وصول مياه الشرب والغذاء والأغطية لهم، بالإضافة إلى قطع التيار الكهربائي عنهم.

جاء الحدث الذي يعد انتهاكاً فاضحًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان من قبل المنظمة التي نصت هذه القوانين لحماية اللاجئين والنازحين وحرية الرأي والتعبير، بعد اعتصام لأهالي المدمرة منازلهم بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، نتيجة توقف وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" عن صرف "بدل إيجار" لهم طيلة 10 شهور.

الواقعة التي تم توثيقها بالصور والفيديوهات وتداولت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نفاها عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في تصريح لـ "الجديد الفلسطيني"، مؤكدًا على أن المبني لم يغلق على أحد ولم يُمنع أحد من التعبير عن رأيه.

وأوضح أبو حسنة، أن للمواطن حق حرية الرأي والتعبير، لكن دون تعطيل عمل المنظمة التي تعد الوحيدة الباقية لخدمة اللاجئين، مشيراً إلى أن الوكالة لا تمتلك المال الكافي لصرف بدل إيجار للمعتصمين والتي كانت تصرف لهم مسبقًا.

وبين أن جزءاً من المعتصمين تقوم الوكالة في الوقت الحالي بإعادة إعمار منازلهم، لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الصبر لإنهاء تلك الأزمة، لأن المشكلة ليست "الأونروا".
 
بدوره ، قال الشاب خالد سرحان ( 27 عامًا) أحد المعتصمين مع أسرته لـ"الجديد الفلسطيني" : "إن الاعتصام جاء نتيجة لتدهور الوضع الإنساني والاقتصادي لدى المدمرة بيوتهم، حيث يتعرض الكثير منهم للطرد من بيوتهم المستأجرة والملاحقة القضائية بفعل الديون المتراكمة عليهم طيلة الفترة التي توقفت فيها الوكالة عن صرف بدل الإيجار".

ولفت إلى أن الاعتصام بدأ منذ فترة ليست بالقليلة وتعرض فيها المعتصمون للفض من قبل الشرطة بعدما استدعتهم إدارة" الأونروا"، إلا أن المرة الأخيرة رفضت فيها الشرطة طلب الفض ما دفع، بمديرة العيادة "الأجنبية" التابعة للأونروا والذي تم بداخله الاعتصام  إلى اعطاء أوامر لأمن الوكالة بإغلاق المبنى على المعتصمين في حال عدم خروجهم، بل ومنع وصول مياه والشرب والغذاء والأغطية، بالإضافة إلى قطع التيار الكهرباء وإغلاق الحمامات منذ الاثنين وحتى صباح يوم الثلاثاء.

وشدد الشاب على أن الاعتصام حافظ على عدم المساس بمقدرات الوكالة أو تعطيل عملها، حيث يتواجد الأهالي في الطابق الأخير البعيد عن زحمة العمل داخل العيادة.

على إثر تلك الواقعة حضر ممثلون عن مؤسسات تعني بحقوق الإنسان، صباح الثلاثاء، وباشرت عمليات التحقيق، طالبت خلالها إدارة الوكالة بفتح بوابة خلفية للمعتصمين من أجل حرية الحركة، بالإضافة إلى فتح الحمامات، على حد قول سرحان.

من شأنه، أكد بكر التركماني منسق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لـ"الجديد الفلسطيني"، أن الهيئة تعمل على التبين من حيثيات الواقعة ونشر النتائج حال الانتهاء من التحقيق.

أما الناشط حمزة المصري، أحد الذين واكبوا الحدث، نشر فيديو" بث حي" من داخل عيادة الوكالة ليلة الاحتجاز وتداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهر فيه عدد من المعتصمين، الذين كانوا يناشدون بإدخال المياه و الطعام لأطفالهم بعد حجزهم وإغلاق البوابات عليهم، ومنهم من كان يستنجد بالإسعاف كونه مصاب بالحصوى.   

وقال الناشط وهو أحد المعتصمين المدمرة بيوتهم: "لم نأخذ تهديدات إدارة الوكالة بإغلاق المبنى على محمل الجد، إلا أنني تفاجأت الساعة الثالثة مساءً بإغلاق المبنى على المعتصمين، حاولت الدخول لأعرف ماذا يحدث بالداخل لكنني لم أتمكن، هناك من يعاني من أمراض القلب والسكر والضغط".
  
ودعا المصري النشطاء ووسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية لتسليط الضوء علي هذه القضية، كما دعا الفصائل الفلسطينية وكل من له دور للعمل على إنهاء معاناة المعتصمين.

يشار إلى أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تعاني من أزمة مالية حادة تهدد استمرار عملها لخدمة 5 مليون لاجئ فلسطيني، خاصة وبعد قطع الولايات المتحدة الأمريكية المساعدات المالية المخصصة لها سنويًا، والتي تشكل 50% من إجمالي تمويل الوكالة.