المحكمة الاتحادية العليا

نظرت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، الأحد، في قضايا أمنية، أعادت في إحداها نيابة أمن الدولة، تقديم أمر الإحالة، في القضية المعروفة بقضية "17 فبراير وفجر ليبيا"، وذلك لتعديل وصف الاتهام الخاص بالقضية المتهم فيها أربعة أشخاص (ثلاثة ليبيين وأميركي)، واستمعت إلى أقوال شاهد نفي في القضية. وقررت إعادة الدعوى المتهمة فيها سيدة أعمال، لسماع ومناقشة شاهدي الإثبات في جلسة الرابع من نيسان/أبريل المقبل، واستمعت إلى مرافعات الدفاع في ثلاث قضايا "مناصحة"، طالب خلالها الدفاع بالعفو عن المتهمين واحتضانهم، لعدم دفعهم للتطرف لصغر سنّهم، ولأنهم كانوا عرضة لأفكار شجعتها ظروف معينة تموج بها المنطقة، وقرّرت المحكمة حجز إحداها للحكم في الـ25 من أبريل المقبل للحكم.

واستمعت المحكمة في جلستها، أمس، إلى لائحة اتهام قدمتها نيابة أمن الدولة، طلبت فيها تعديل وصف الاتهامات المسندة إلى أربعة متهمين (ثلاثة ليبيين وأميركي)، من "القيام بدعم وتمويل تنظيمين إرهابيين"، هما "كتيبة 17 فبراير وتنظيم فجر ليبيا"، إلى "القيام بعمل عدائي ضد دولة أجنبية هي ليبيا".

وذكرت النيابة إن المتهمين الأربعة قاموا بغير إذن من الجهات الحكومية المختصة في الدولة، بعمل عدائي ضد دولة أجنبية (دولة ليبيا)، بأن قدموا وأمدوا التنظيمين المذكورين التابعين لتنظيم "الإخوان المسلمين" بالأموال التي تم جمعها من ساحة الدولة، وبالمهمات والأدوات ذات الاستخدام العسكري التي تمكن الميليشيات من استمرار عملها، وتحقيق أغراضها، ما يؤدي إلى الإساءة إلى العلاقات بين الدولتين، وتعريض مواطني الدولة ومصالحها للخطر.

وأضافت النيابة أن المتهمين جمعوا تبرعات (أموال) دون ترخيص مسبق من الجهات المختصة بالدولة. وقد واجهت المحكمة المتهمين بالوصف الجديد للتهم المسندة إليهم، فأنكروها جميعًا.

واستمعت المحكمة إلى شاهد النفي (م.خ.م.ق ــ إماراتي) عن المتهم الرابع (ع.ع.م ــ ليبي)، الذي أفاد بأنه تعرف إلى المتهم في عام 2010، وتوثقت العلاقة بينهما إلى مستوى الصداقة. وأضاف أن "المتهم قام بعد الأحداث التي شهدتها ليبيا في 2011، بتقديم مساعدات إلى الحكومة الانتقالية التي كان يترأسها مصطفى عبدالجليل"، وتابع أنه "استشار إحدى الشخصيات المهمة بشأن هذه التبرعات، فأخبرته بأن الموضوع شأن ليبي لا نتدخل فيه".

وأوضح أن المساعدات التي قدمها المتهم للحكومة المؤقتة تمثلت في تقديم 100 سيارة، وباخرة محمّلة بحليب الأطفال، وأنه أقام على نفقته جسرًا جويًا بين تونس ومدينة بنغازي الليبية، لنقل الجرحى عام 2011. وأضاف أن للمتهم مساهمات خيرية داخل الدولة، حيث قام بتمويل بناء مسجد في دبي بقيمة أربعة ملايين درهم، وفي دول أخرى مثل باكستان والصومال عبر مؤسسة محمد بن راشد الخيرية وجمعية الهلال الأحمر الإماراتية. وأضاف أن المتهم أوقف جميع مساعداته إلى ليبيا بعد عام 2011، نظرًا للانقسامات الحزبية والفئوية التي شهدتها بعد ذلك، خوفًا من وقوعها في يد غير مستحقيها، مشيرًا إلى أن المتهم رفض عرضًا تقدم به الشاهد لمشاركته في عمل تجاري في ليبيا "لكيلا يقال انه استغل الظروف في ليبيا للتربح".

وردًا على سؤال المحامي جاسم النقبي، حول الجهة التي كانت تصل إليها المساعدات المقدمة من المتهم، أفاد الشاهد بأنه حصل في عام 2015 على رسالة من رئيس الحكومة المؤقتة السابقة مصطفى عبدالجليل، تفيد باستفادة حكومته من جميع المساعدات التي قدمها المتهم إلى ليبيا.

وردًا على سؤال للمحامي فهد السبهان، أن ما فعله المتهم الرابع ينسحب على بقية المتهمين، أفاد الشاهد بأن إرسال السيارات كان بواسطة المتهم الثالث (س.ع.ع)، وأما الجسر الجوي فقد تم من خلال المتهم الرابع.

وبعد انتهاء الشاهد من إفادته، قرّرت المحكمة تأجيل النظر في الدعوى إلى جلسة يوم الـ11 من أبريل المقبل، بناء على رغبة المحامين في الاطلاع على الوصف الجديد، تمهيدًا لتقديم مرافعاتهم.

فيما نظرت المحكمة في ثلاث قضايا (مناصحة) مثُل فيها ثلاثة شبان إماراتيين (ع.ي.ج) و(ع.ح.ر) و(ا.غ.س)، بتهم تتعلق بتبني أفكار متطرفة، وذهبت النيابة في أوامر إحالة المتهمين إلى المحكمة إلى استبعاد شبهة السعي لتنظيم إرهابي مع توافر الخطورة الإرهابية من قبل المتهمين.

واستمعت المحكمة إلى أقوال المتهمين، الذين أفادوا بوقوعهم في الخطأ، نتيجة لصغر سنّهم، وعدم قدرتهم على التمييز في ما يدور حولهم من أحداث، كما استمعت المحكمة إلى مرافعة شفهية قدمها المحامي جاسم النقبي، التمس فيها من المحكمة النظر إلى مثل هؤلاء الشبان بعين الرحمة والرعاية، وقال إن تغيير تفكير وسلوك هؤلاء يكون أجدى بالاحتضان والرعاية لا بإصدار الأحكام القاسية، معبرًا عن "أسى يمزق القلب، ودموع تحتبس في المآقي، كلما مرت عليه قضية لشاب مضلَّل تائه الفكر". وعقب القاضي قائلًا إن "الهدف السامي هو حفظ المجتمع"، طالبًا من المحامي تقديم مذكرة بدفاعه. وقرّرت المحكمة تأجيل النظر في الدعوى إلى يوم الـ18 من أبريل المقبل.

وترافع المحامي عبدالله حمدان، عن المتهم (أ.غ.س)، طالبًا مراعاة سنّ المتهم، ودافعًا بخلو أوراق الدعوى، وأقوال شاهد الإثبات، ما يفيد بوجود أي أعمال ذات صفة إجرامية لدى موكله. والتمس الرحمة "عما قد يكون أعمالًا خارجة على جادة الصواب في فترة المراهقة والحماسة". وقررت المحكمة حجز القضية للحكم في جلسة يوم الـ25 من أبريل المقبل.