استهلت د.ماجدة واصف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ندوة "مناهضة العنف ضد المرأة"، التي نظمها المهرجان تزامناً مع احتفالات العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، يوم الخامس والعشرين من نوفمبر/تشري الثاني من كل عام، بالتنديد بالحادث الارهابي الغاشم الذي وقع في أحد مساجد مدينة العريش، وأكدت استمرار جميع أنشطة المهرجان وفعالياته.
وأضافت :" لن نحقق للارهابيين أهدافهم الساعية إلى ايقاف عجلة الحياة، ولن نوقف أي أنشطة أو أي فعاليات؛ فالطريقة المثلي لمواجهة هذا الإرهاب الغاشم على مصر أن نستمر في العيش، وإلا سنكون قد نفذنا أجندته"، ثم طالبت الحضور بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء بئر العبد بالعريش.
و شهدت الندوة، التي أدارتها الناقدة ماجدة موريس، حضور حشد كبير على الصعيد الفني والجماهيري والرسمي؛ على رأسه النجمة يسرا الرئيس الشرفي للمهرجان، الفنانة إلهام شاهين، تيل هوكيينز السفير الأسترالي بالقاهرة، والكتاب : د.مدحت العدل، عاطف بشاي ومريم نعوم، ودكتورة رانيا يحيي مندوبة عن رئيس المجلس القومي للمرأة، الفة سلامي مندوبة عن د. غادة والي وزير التضامن الاجتماعي وعزة كامل رئيس إحدى المؤسسات المناهضة للعنف ضد المرأة وعلاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشعب بالاضافة إلى يوسف شريف رزق الله المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي .
وبدأتها النجمة يسرا قائلة :"ما يقدم على الشاشة سواء في السينما أو التليفزيون من عنف ضد المرأة لا يمثل إلا نسبة ضئيلة مقارنة بما يحدث على أرض الواقع" وأكدت أنها تصدت في مسلسلي "قضية رأي عام" و"في إيد أمينة" لقضية من أخطر قضايا العنف ضد المرأة، هي الاغتصاب؛ حيث تم الكشف عن كيفية التعامل بشكل خاطيء مع المرأة التي تغتصب، والنظر إليها بوصفها الجاني وليس العكس، كما نوه العمل لضرورة تغليظ العقوبة لتصل إلى الإعدام. وسجلت أسفها قائلة :" للأسف تعرضت للكثير من الهجوم على خلفية هذه المسلسلات لكن شيء من هذا لن يثنيني عن التشبث بموقفي، ولن اتبنى موقفاً سلبياً يخالف قناعاتي، بل ينبغي علينا جميعاً ألا نصمت على مثل هذه الجرائم التي ترتكب في حق المرأة".
وهاجم السيناريست مدحت العدل المجتمع بأسره قائلاً : "لا يمكن فصل ما يحدث للمرأة من عنف وغيره عن الطريقة التي يفكر بها المجتمع نفسه، فالشباب الذي يتحرش بالفتيات هو نفسه الذي يصلي ويصوم، مما يعكس حالة الازدواج التي تعتري الشخصية والمجتمع بأكمله، وهي الحالة التي ينبغي علينا أن نضعها أمام أعيننا؛ فالواقع أكثر قسوة ومرارة بكثير مما يُعرض على الشاشات، ومع الأسف فإننا نناقش مثل هذه الظواهر ولا نحاول، يوماُ، إيجاد أي حلول لها ما يؤدي إلي تفاقمها".
أما السيناريست مريم نعوم فهاجمت السيدات أنفسهن بسبب تنشئتهن الخاطئة لأولادهن ما يربي لديهن نزعة التمييز ضد المرأة، وتبني العنف الموجه ضدها، من خلال القول إن الولد أعلى مقاماً من البنت، وأنه قوام عليها، فيما تأمر بعضهن بناتهن بضرورة خدمة الابن الذكر، وبقية السلوكيات الخاطئة الكثيرة التي تغرس في الأبناء نزعة العنف ضد النساء، متجاهلين أن الضرر يقع على المجتمع بأكمله. وواصلت :"في مسلسل "سجن النسا" لم نقدم إلا نسبة ضئيلة للغاية مما رأيناه على أرض الواقع؛ فقد قابلنا نساء في السجون حكوا لنا فظائع، وطبيعي أن العنف يجلب المزيد من العنف، فكانت النتيجة هي وجود كثير من النساء خلف القضبان".
واستهل علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان كلامه بمهاجمة جماعة الإخوان المسلمين على خلفية الحادث الإرهابي بالعريش، وقال "أطالب جميع المؤسسات العالمية والمجتمع العالمي بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، ومن أجل هذا الغرض سافرت إلى إيطاليا وانجلترا وأمريكا، ولكن مع الأسف لم يتم هذا بسبب الأموال التي تتلقاها هذه الجماعة" ثم انتقل للحديث عن العنف ضد المرأة بإعلان قيامه بتبني مشروع قانون يهدف إلى تغليظ عقوبة العنف ضد المرأة، واستطرد :"العنف ضد النساء ليس التحرش فقط، وإنما تندرج تحته أفعال كثيرة أهمها التمييز في الوظائف وزواج القاصرات والحرمان من الميراث في بعض قرى الصعيد والوجه البحري".
وأضاف :"كيف نفعل هذا بالمرأة التي تعد أساس الكتلة التصويتية للرئيس عبد الفتاح السيسي، والسبب في وجود كثير من الأعضاء في البرلمان ؟". من ناحيته بدأ نيل هوكينز السفير الأسترالي بالقاهرة كلمته بالتنديد بالحادث الارهابي الأخير، وقدم العزاء للشعب المصري ثم انتقل إلى شجب جميع أشكال العنف ضد المرأة، وقال بلغة عربية طليقة "مع الأسف فإن العنف ضد المرأة موجود في العالم كله، ففي أستراليا تقتل امرأة أسبوعياً على يد رجل، وهناك خطة قومية في أستراليا للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة"، وانتقل لمصر وقال "مفتي الجمهورية دكتور شوقي علام جرم بشدة ختان الإناث وقال إنه حرام شرعاً".
الفنانة إلهام شاهين فقد حرصت على توجيه العزاء في شهداء الحادث، وقدمت التعازي للسيدات اللائي فقدن رجالهن في الحادث، ثم انتقلت لموضوع الندوة قائلة :"على مدار سنوات طويلة تناولت قضايا مختلفة للكثير من أشكال العنف ضد المرأة، مثلما فعلت في فيلم "لحم رخيص"، الذي رصد قضية على جانب كبير من الخطورة، هي ظاهرة تزويج الفتيات القصر للكهول، وقلنا إنه ليس زواجاً بل بيع للفتيات، ودعارة مقنعة، وبكل أسف هوجم الفيلم بشراسة من جانب الإعلام". ووجهت اللوم للقانون والإعلام الذين يساهما بشكل غير مباشر في ترسيخ الفكر الغريب الذي يصب في صالح العنف الموجه للمرأة.
وفي رصد قام به المجلس القومي للمرأة أعلنت د. رانيا يحيي ممثلة المجلس،أن ظاهرة تفاقم حالات العنف ضد المرأة تزيد بشكل مضطرد، وأكدت أن هناك ما يقرب من 7 مليون و800 ألف سيدة يتعرضن للعنف، و300 ألف طفل يعانون من الكوابيس بسبب العنفد داخل الأسرة، و16 ألف فتاة تتعرض للتحرس الجنسي في أماكن مختلفة، و113 ألف طفل يتغيبون عن المدارس بسبب العنف الموجه ضدهم في المنزل، وأنهت بقولها :"نعمل في المجلس على مخاطبة اللجنة التشريعية بمجلس النواب لإصدار تشريع يناهض العنف ضد المرأة، خصوصاً في قضايا الإرث، بعدما أصبح العرف في بعض قرى الصعيد أن يتم حرمان النساء من حقهن في الميراث" فيما أعلنت ألفة السلامي ممثل وزير التضامن الاجتماعي عن سعي الوزارة إلى وضع سياسات تحد من العنفد ضد المرأة، كما حدث في الخطوة الناجحة المتمثلة في إصدار برنامج "تكافل وكرامة"، الذي لا يرصد مبلغاً مالياً كبيراً لكنه يكفي للمعيشة، كما أنتجنا فيلم "مستورة" الذي عرض على هامش مهرجان كان السينمائي، وفي طنجة بالمغرب وفي الهند وعدد من المهرجانات المحلية.
واختتمت بقولها :"قمنا بتدشين صندوق تأمين الأسرة يخدم النساء المطلقات، ويستفيد منه 297 ألف سيدة، كما توجد مراكز لاستضافة وتوجيه المرأة شهد بعضها تطويراً كبيراً بالاشتراك مع عدد من المؤسسات والمنظمات العالمية غير الحكومية، وهي مراكز تستضيف السيدات اللائي تعرضن للعنف، لمدة قد تصل الى 4 أشهر، وتعطيهن الحق في اصطحاب الأبناء بشرط ألا تزيد أعمارهم عن العشر سنوات .
أرسل تعليقك