القاهرة - محيي الكردوسي
أكد وزير المال المصري الدكتور المرسي السيد حجازي أن الاقتصاد المصري قادر على تجاوز الأزمة المالية الراهنة داعيًا القوى السياسية والشعبية لتجاوز خلافاتها والاتفاق على أجندة وطنية للإصلاح المالي والاقتصادي تلبي طموحات المجتمع في التنمية الحقيقية ويستفيد من ثمارها الجميع.
وقال أن البرنامج الإصلاحي والاجتماعي الذي أعدته الحكومة يمثل نواة صلبة للتغيير المنشود للوضع المالي لمصر وخطوة على طريق تجاوز والأزمة مؤكدًا أن البرنامج يرتكز على عدة محاور اجتماعية واقتصادية ومالية فهو يستهدف دفع معدلات النمو والتشغيل مع تحقيق حماية وعدالة اجتماعية.
جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير المال، الأحد، في مقر وزارة المال للإعلان عن توجهات السياسة المالية في الفترة المقبلة والإعلان عن حزمة من المشروعات الاستثمارية التي ستطرحها وزارة المال بالتعاون مع عدد من الوزارات والهيئات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وحضر المؤتمر مساعد أول وزير المال هاني قدري ووكيل أول وزارة المال أيمن جوهر ، ورئيس مصلحة الضرائب ممدوح عمر ، ورئيس مصلحة الجمارك محمد الصلحاوي، ومستشار وزير المال د.أحمد النجار .
وأضاف الوزير أنَّ هناك إجراءات اقتصادية صعبة لابد أن نتشارك فيها ماعدا الفئات الأقل دخلًا مؤكدًا أنَّ البرنامج الإصلاحي يراعي تدرج الأعباء بحيث يتحمل العبء الأكبر ذوي الدخول المرتفعة ويتراجع العبء كلما انخفضت الدخول ليتلاشي تمامًا عند الفقراء.
وأكَّد الوزير أنَّ كل إجراء للإصلاح الاقتصادي تتخذه الحكومة سيقابله إجراء لزيادة وتعزيز الحماية الاجتماعية فهذه هي قناعتنا وإيماننا بأن إهمال البعد الاجتماعي كان أحد أسباب الثورة.
وبالنسبة للإجراءات التي يتضمنها البرنامج قال الوزير إنَّها تستهدف إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام خاصة فيما يخص ترشيد دعم الطاقة بجانب إجراء مجموعة من الإصلاحات الضريبية تصب في مصلحة ذوي الدخول المنخفضة، لأنها تُلقي بالعبء الأكبر في الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة وتسمح هذه الإجراءات كلها في النهاية بإيجاد حيز مالي للحكومة يوجَّه لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتمويل برامج جديدة ذات بعد اجتماعي.
وقال إن تقديرات وزارة المال تشير إلى أنَّ حزمة التعديلات الضريبية وإجراءات ترشيد دعم الطاقة والاتجاه لتعزيز المناخ الاستثماري لمصر من خلال إيجاد أدوات مالية جديدة كالصكوك و غيرها ستسهم في تحقيق موارد إضافية للموازنة العامة بنحو 31.2 مليار جنيه للعام المالي الحالي تمثل 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي ترتفع إلى 104 مليار جنيه في العام المالي 2013/2014 بما يمثل 5% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر.
وقال إنَّ الحكومة تخطط لتوجيه10% من هذه الإيرادات الإضافية لبرامج الحماية الاجتماعية للشرائح الأكثر احتياجًا ويأتي على رأسها تعزيز برامج الضمان الاجتماعي والمستهدف زيادة عدد المستفيدين منه إلى مليوني مستفيد بنهاية العام المالي المقبل 2013/2014، مع تحقيق زيادات سنوية في قيمة المعاش ضمانًا لحياة كريمة لهذه الأسر.
وأضاف الوزير أن من البرامج المستهدفة أيضًا تعزيز موازنة أدوية العلاج المجاني للمواطنين ودعم ألبان الأطفال والتغذية المدرسية ودعم الإسكان منخفض التكاليف إلى جانب برنامج التدريب التحويلي، وكل هذا بخلاف الزيادات الطبيعية في موازنات هذه البرامج.
وأشار الوزير إلى أنَّ الجزء الأكبر من الوفر المتحقق من إجراءات الاصلاح الاقتصادي ستستخدم في تخفيض عجز الموازنة العامة والذي نستهدف الوصول به إلى نحو 5% فقط من الناتج الإجمالي لمصر بحلول عام 2016/2017 مقابل 10.8% في العام المالي 2011/2012 وبالتالي الحد من تزايد الدين العام ليتراجع من 85% من الناتج المحلي لمصر إلى ما يتراوح بين 65% و70% فقط بحلول عام 2016/2017.
وأكد الوزير أن عدم اتخاذ أيَّة إصلاحات قد يتسبب في حدوث مشكلات هيكلية للاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والبعيد مشيرًا إلى أن مخصصات دعم الطاقة في الموازنة الحالية سوف ترتفع لنحو 117 مليار جنيه تمثل 182% من مخصصات التعليم و426% من مخصصات الصحة و210% من إجمالي الاستثمارات العامة المدرجة في الموازنة، وهو أمر يستحيل استمراره في ضوء مطالبة المجتمع بتحقيق العدالة لبناء إنسان مصري يتمتع بكامل حقوقه الإنسانية من تعليم ورعاية صحية وظروف معيشية كريمة خاصة في الريف والمناطق العشوائية والتي للأسف لا تزال محرومة من العديد من الخدمات الأساسية.
وبالنسبة لملف الصكوك أكد الوزير أنَّ الصكوك هي إحدى الأدوات المالية الجديدة والتي لاقت نجاحًا وقبولًا على المستوى العربي والعالمي وتُمثل إضافة حقيقة للأدوات القادرة على تعبئة وجذب مزيد من المدخرات ومزيد من تدفقات الأموال من الخارج بما سيؤثر بالإيجاب على زيادة حجم السوق المالي في مصر، وستعمل الصكوك بجانب الأسهم والسندات وأذون الخزانة باعتبار هذه الأدوات وسيلة مناسبة لتعبئة المدخرات وإعادة توجيهها للقطاع الاستثماري.
وقال إن كثير من المؤسسات المالية العالمية والإقليمية توجه جزءًا من محافظها المالية للاستثمار في الصكوك؛ فطبقًا لآخر أرقام منشورة يقدر حجم إصدارات الصكوك عالميًا العام الماضي 2012 بنحو 136 مليار دولار.
وبالنسبة لموقف مشروع قانون الصكوك أوضح الوزير أنَّه حريص على إصدار القانون بعد توافق كامل عليه سواء مع الأحزاب أو مع الأزهر الشريف لافتًا إلى أن وزارة المال قامت خلال الأسبوعين الأخيرين بإدخال عدة تعديلات جوهرية على المشروع ليصبح قانونًا لكل أنواع الصكوك حكومية وخاصة، وهذه التعديلات تمت بالتعاون والتنسيق الكاملين مع كل الأطراف المعنية.
وأشار الوزير إلى أنَّ القانون سينشيء هيئة شرعية مركزية دائمة للإشراف على عمليات طرح الصكوك وسيكون قرارها نهائي وملزم للحكومة وكذلك لأي جهة أخرى ترغب في إصدار الصكوك.
وقال الوزير إن دور الهيئة الشرعية لا يقتصر فقط على مجرد إبداء الرأي وإنما أعطت المادة 15 من مشروع القانون مساحة أكبر لاختصاصات الهيئة فهي ستقدم الرأي الشرعي في شأن الصكوك المزمع إصدارها واعتماد هياكلها وعقودها ونشرة إصدارها والتحقق من أن التعامل في الصكوك وتوزيع عوائدها منذ لحظة الإصدار وحتى استرداد قيمتها يتم وفق أحكام الشريعة الاسلامية، كما سيمتد دور الهيئة إلى الرقابة والتدقيق على الأنشطة والمشاريع التي سيتم تمويلها من حصيلة إصدار الصكوك للتأكد من التزامها بأحكام الشريعة.
وبالنسبة لما أُثير من مخاوف من تعريض قانون الصكوك الأصول العامة لخطر الرهن أو نقل ملكيتها وهو الاعتراض الأساسي للأزهر على مشروع القانون أكد وزير المال أنَّ مشروع قانون الصكوك المعدل نص في المادة الخامسة علي "يحظر استخدام الأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية عامة أو منافعها لإصدار صكوك حكومية في مقابلها".كما نصت نفس المادة على إصدار صكوك مقابل حق الانتفاع فقط دون حق الرقبة بالنسبة للأصول الحكومية المملوكة ملكية خاصة فجاء نص الفقرة
"ويجوز للحكومة والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة إصدار صكوك في مقابل حق الانتفاع بالأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية خاصة فقط دون ملكية الرقبة".
وقال الوزير إن هذا النص القانوني الواضح يرد على تلك المخاوف تمامًا مؤكدًا أنَّ الهدف الأساسي لأية صكوك حكومية يتم إصدارها إنَّما هو إنشاء أصول جديدة للدولة تكون اضافة لممتلكات المجتمع حيث ستستخدم تلك الحصيلة في إنشاء كيانات اقتصادية تؤول ملكيتها في نهاية فترة الصكوك للدولة.
وبالنسبة لخطط وزارة المال للفترة المقبلة كشف الوزير عن استعداد الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص في وزارة المال لبدء طرح مشروعات استثمارية تزيد تكلفتها الاستثمارية المتوقعة عن 17 مليار جنيه مشيرًا إلى أنَّ وزارة المال تلقت حتى اليوم 45 طلبًا من شركات عالمية ترغب في الاستثمار في تلك المشروعات والتي تشمل مشروع إنشاء محطة معالجة مياه الصرف الصحي في أبو رواش، والتي تم بالفعل الإعلان عنها منذ أيام باستثمارات تبلغ 5.5 مليار جنيه وقد تم طرح هذا المشروع بالفعل وطلبت 19 شركة عالمية الحصول على كراسة الشروط وذلك خلال ثلاثة أيام فقط من طرحه والبدء في تنفيذ مشروعات تدوير المخلفات الصلبة واستغلالها في إنتاج الكهرباء والمرشح لها 3 محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، ومشروع تطوير المنطقة التكنولوجية لتصدير خدمات الاتصالات والتكنولوجيا في المعادي، والتي تعد قرية ذكية جديدة لمصر كما ستوفر نحو 10 آلاف فرصة عمل جديدة أثناء تنفيذ المشروع وبعد تشغيل مرحلته الاولى فقط وتقدر استثمارات تطوير المنطقة فقط بنحو 368 مليون جنيه، بخلاف الاستثمارات التي ستضخها الشركات التي ستعمل بالمنطقة ومشروع تطوير وتوسيع ميناء سفاجا الصناعي بما يسمح باستخدام الميناء في تصدير خامات الفوسفات بعد إجراء عمليات صناعية وسيطة عليها بالإضافة إلى إنشاء حوض عائم لاصلاح وصيانة السفن وتطوير الأرصفة لاستقبال الغلال واللحوم الحية وتكلفة المشروع التقديرية 6 مليارات جنيه.
وأضاف الوزير أن من المشروعات أيضًا مشروع تطوير مستشفي قناة السويس الجامعي التخصصي بتكلفة استثمارية 400 مليون جنيه ومحطتين لتحلية المياه بالغردقة وشرم الشيخ بتكلفة 900 مليون جنيه وغيرها من المشروعات.
أرسل تعليقك