يودع المشاركون في اعمال الدورة ال45 للمنتدى الاقتصادي العالمي منتجع دافوس بعد خمسة ايام متواصلة من البحث في مشكلات العالم وكيفية التعامل معها.
واكتسبت فعاليات العام الحالي أهمية خاصة حيث وصفه مؤسسة ومديره التنفيذي كلاوس شواب بأنه "عام مصيري" نظرا لكثافة التحديات التي يمر بها العالم حاليا على مختلف الصعد وحضور كبار الشخصيات من السياسة والاقتصاد ومنظمات المجتمع المدني والاكاديميين.
ومن ابرز ملامح دورة هذا العام حضور رئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى للمرة الاولى منذ سنوات مؤكدا امام المنتدى عزم بلاده "استكمال مسيرة نموها الاقتصادي واستمرار دورها الريادي في دفع عجلة الاقتصاد العالمي".
وشدد تشيانغ على عزم بلاده الخوض في مسار الاصلاحات الاقتصادية بوتيرة اعلى مما كانت عليه وتخفيض معدلات البطالة وتوزيع الدخل بين مختلف شرائح المجتمع الصيني.
واحتلت التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على العالم حيزا مهما من فعاليات المنتدى لاسيما وان العالم يستعد لقمة المناخ في العاصمة الفرنسية باريس نهاية هذا العام.
واتفق كل من الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس البنك لدولي جيم يونغ كيم في تصريحاتهم امام المنتدى على ان المسعى الجماعي لتقليص تداعيات التغيرات المناخية السلبية يجب الا يتأخر لان التداعيات السلبية على الانسان والطبيعة هائلة.
وللمرة الاولى ايضا تحدث رئيس وزراء ايطاليا ماتيو رينتسي حول كيفية إشعال محرك النمو في أوروبا والذي يجب ان يكون حسب رأيه بالتشديد على أهمية النمو والاستثمار من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص وعدم الاعتماد على سياسات التقشف فقط.
وفي السياق ذاته رأت المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل "ان اوروبا بحاجة إلى سياسة مالية سليمة موجهة نحو النمو واستثمارات حكومية وقوانين توفر بيئة تشجع المستثمرين من القطاع الخاص على الاستثمارات".
ولم يغب الحديث عن الارهاب في فعاليات المنتدى حيث تناوله الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالتفصيل في كلمة توصف بأنها تاريخية شرح فيها اسباب انتشار الارهاب واقترح ايضا سبل التغلب عليه رابطا في الوقت ذاته النمو الاقتصادي بضرورة الحفاظ على الأمن.
واكد هولاند دور القطاع الخاص في الحرب على الارهاب من خلال تمويل المشروعات الخاصة بهذا المجال بالتعاون مع الحكومات.
وفي ملف الارهاب ايضا اشار وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى ان "القضاء على الارهاب الذي يواجهنا اليوم لا يحل سوى جزء من المشكلة لذا يجب ان يبدأ العلاج من الاصول التي تنبع من الارهاب ولماذا يلجأ البعض اليه وتحت اي ظروف ومسببات" محذرا من "دوامة لا نهاية لها من التطرف العنيف".
وفي قطاع التقنيات ركز اربابه على تقنيات مستقبل الإنترنت اذ تناول الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا نادالا "أمن الإنترنت والشفافية والتوازن بين الخصوصية والسلامة العامة المشروعة".
واتفق المتخصصون في هذا المجال على ان "الانترنت واحد من أعظم المنافع العالمية بل اصبح يعد احد الموارد الهامة للمعلومات والتواصل الاجتماعي والبحث والتعليم".
وقال الرئيس التنفيذي لموقع (فيسبوك) شيريل ساندبرغ "إذا ما اهملنا صيانة الانترنت والحفاظ عليها فإننا ندمر الكثير من مستقبلنا الاقتصادي ولذا فان زيادة الوصول الى الشبكة وإثراء محتواها ينبغي أن يكون أساسيا وان تمتد شبكة الإنترنت الى عدد أكبر من الناس لما تحمله من مميزات للجميع".
كما شهدت اعمال المنتدى هذا العام زخما للأجندات الإقليمية بفضل تمثيل قوي من الحكومات وقادة الأعمال من الأسواق الناشئة بما في ذلك المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا وجنوب أفريقيا اضافة إلى البرازيل وروسيا والهند والصين.
واختص المنتدى بالإعلان عن ظهور سوق منطقة (آسيان) المشتركة مع نهاية هذا العام وتأكيد قادة دول مجموعة (بريكس) على دورهم الريادي في الاقتصاد العالمي.
كما حظيت القارة الافريقية بحضور قوي تمثل في مشاركة رئيس غينيا ألفا كوندي ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما على سبيل المثال لا الحصر في المنتدى حيث نوقشت الخطوات الرئيسية لمبادرة البنية التحتية لأفريقيا.
وفي محور المال والسياسات النقدية سمح المنتدى بلقاءات بين الوزراء المعنيين بتلك السياسة من البرازيل وروسيا والهند ونائب لرئيس الوزراء روسيا وحشد من وزراء التجارة في العديد من دول العالم.
كما شهدت اروقة المنتدى لقاءات جانبية مغلقة خاصة بليبيا وسوريا والعراق وأوكرانيا لإجراء محادثات غير رسمية شملت مواضيع متعددة من بينها التخفيف من تأثير النزاع السوري على سكانه وافاق الحل في ليبيا.
وعقد المنتدى اجتماعا موسعا لقادة الاعمال من أوكرانيا وروسيا وأوروبا والولايات المتحدة حيث أكد جميع المشاركين التزامهم بنهج مشترك للمساعدة في حل النزاع بين أوكرانيا وروسيا على الرغم من الظروف المتوترة جدا.
وأطلق المنتدى مبادرة جديدة بعنوان (التحدي العالمي ازاء الأمن الغذائي والزراعة) بدعم من حكومة كندا وشبكة واسعة من أصحاب المصلحة ستعمل على تحقيق النظم الغذائية المستدامة والشاملة من خلال الاستثمار والابتكار والتعاون.
كما اكتسب المنتدى خلال دورة هذا العام تأييدا رسميا متميزا من الحكومة السويسرية بتصنيف المنتدى قانونيا (مؤسسة دولية للتعاون بين القطاعين العام والخاص) وتعزيز حضوره في منطقة جنيف حيث المقر الرئيسي للمنتدى ذات الحضور الدولي الواسع باعتبارها مركزا للتعاون الدولي.
وشارك في اعمال هذا المنتدى الذي تواصل بين 21 و24 يناير الجاري قرابة 2500 من كبار رجال السياسة والاقتصاد والاكاديميين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني
أرسل تعليقك