قامت أغلب الدول في جميع أنحاء العالم باتخاذ تدابير مالية طارئة وإجراءات قاسية شبيهة بوقت الحرب للتصدي لجائحة فيروس كورونا الذي يهدد العالم ويصيبه بأضرار بالغة، وأفادت تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الإجراءات الصارمة التي تُتخذ للحد من تفشي الفيروس ستؤدي إلى ركود الاقتصاد العالمي ما بين 20% و25%.
في تلك الأوقات يلجأ المستثمرون في العادة إلى أصول الملاذ الآمن، ومع انهيارات الأسواق المالية العالمية نتيجة فيروس كورونا تحولت التدفقات المالية إلى بورصة الذهب والذي لعب دور الملاذ الآمن في السوق، وحقق ارتفاعًا بنحو 5.3% منذ بداية العام حتى الآن، متفوقًا علىالدولار الأمريكي الذي تربع عرش العملات الأجنبية كونه العملة الاحتياطية الأولى في العالم والأكثر سيولة.
ارتفاع الذهب بقوة في الثلاثة أشهر الأولى
عندما تواجه الدول تراجعًا اقتصاديًا يصبح الذهب جذابًا للغاية، لذلك تعمل البنوك المركزية والمستثمرون في مختلف الدول على شراء الذهب وتخزينه، وخلال الأزمةالحالية زاد معدل الطلب على شراء الذهب من جميع أنحاء العالم إلى ما يقرب من1.083 طنًا خلال الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام، جاء نصفها من الاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب.
كشفت تقارير أن معدل الاستثمارات في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب شهدت ارتفاعًا بنسبة
594% خلال الفترة ما بين يناير إلى مارس2020 مقارنة بنفس الفترة من العالم الماضي.
في مرحلة ما قبل فيروس كورونا حققت أسعار الذهب ارتفاعًا واسعًا في النصف الثاني من عام 2019 بمكاسب بلغت نحو 16% بسبب العديد من العوامل مثل الحروب التجارية التي ظلت متصاعدة بين الولايات المتحدة والصين والمخاوف المتزايدة من الركود الاقتصادي بالإضافة إلى التوترات السياسية في الشرق الأوسط التي أثرت على أسواق الطاقة.
وعندما تم الاعلان عن وباء فيروس كورونا في كانون الثاني/ يناير 2020 قفزت الأسعار بنحو 5% لتستمر في الارتفاع حتى تجاوزت مستوى الدعم النفسي 1700 دولار للأونصة للمرة الأولي، تحت تأثير تداعيات وعمليات الإغلاق الناجمة عن انتشار فيروس كورونا والانخفاض القياسي في أسعار الفائدة الأمريكية.
قد يتسأل البعض حول العلاقة بين الارتفاع الكبير للذهب وجائحة فيروس كورونا التي تتعلق بالصحة العامة؟
الحقيقة هي أن هناك الكثير من العوامل المترابطة والمتشابكة التي تنعكس على أسعار الذهب، فعندما يتأثر أي سوق مالي فإن تبعاته تنعكس على الأسواق الأخرى وهذا ما حدث تقريبًا لسوق الذهب.
تأثرت أسعار الذهب بارتفاع معدلات الشراء كونه ملاذ آمن، فمع تفشي جائحة فيروس كورونا زادت عمليات الإغلاق وحظر السفر وشلت حركة السياحة الدولية، مما أثر على معدل الطلب النفطي العالمي الذي سجل تراجعًا لمستويات قياسية، وزاد الضغط على أسواق النفط بعد حرب الأسعار بين السعودية وروسيا التي رفعت
من المعروض النفطي في الأسواق الدولية.
في ظل هذه الفوضى الواسعة وعدم اليقين المتزايد بشأن الاقتصاد العالمي توجه المستثمرون إلى الذهب لحفظ أموالهم، حيث أن الذهب من المعادن التي تحتفظ بقيمتها في أوقات الأزمات الاقتصادية منذ عقود طويلة.
وفي نفس الوقت لجأ الكثير من الناس إلى بيع الذهب المملوكة لهم للحصول على سيولة،لتأمين احتياجاتهم اليومية في ظل الإجراءات القاسية التي اتخذتها دول العالم للحد من تفشي الفيروس.
التخفيف التدريجي في اقتصادات العالم
تبدأ العديد من الدول في التخفيف التدريجي لعمليات الإغلاق وذلك مع تباطؤ وتيرة نمو العدوى والوفيات في الولايات المتحدة والعديد من دول أوروبا، تعتبر أخبار رائعة من الناحية الاقتصادية لكن هذه الخطوة لا تخلو من المخاطر في ظل التحذيرات من احتمالية حدوث موجة ثانية من عدوى الفيروس.
وبالنظر إلى عمليات الإغلاق الكبيرة التي أثرت على أسعار الذهب بالإيجاب وارتفاعها إلى مستوى 1700 دولار، من المفترض أن يدفع القرار بتخفيف الإجراءات أسعار الذهب للأسفل، في الواقع ليس بالضرورة أن يحدث هذا، نظرًا لوجود الكثير من الأخبار السيئة وعدم اليقين المتزايد بشأن الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى المخاوف المتزايدة بشأن حدوث موجة ثانية من عدوى فيروس كورونا التي قد تدعم أسعار الذهب.
قد يهمك ايضا
ارتفاع طفيف لأسعار الذهب عالميًا تزامنًا مع التصعيد الأميركي الصيني حول "كورونا"
انتعاش الذهب بعد خسائر مبكرة وتأثر الشهية بقرار الفيدرالي الأميركي
أرسل تعليقك