واجهت أوروبا شبح خميس اسود مع تدهور كبير في البورصات لليوم الثاني على التوالي في حين يبدو ان الهلع اصاب الاسواق المالية امام تراجع الاقتصاد العالمي.
وعبثا حاولت الاسواق المالية التي سجلت تراجعا كبيرا الاربعاء استعادة قوتها مع بداية جلسة التداول قبل ان تجتاحها بسرعة فائقة المخاوف حول الظروف الاقتصادية.
ولاحظ المحلل لدى مؤسسة "آي جي" الكسندر باراديز ان "الامر بمثابة نوع من الهلع على المدى القصير يترجم كل المخاوف التي تاججت منذ اسابيع حول النمو".
وحوالى الساعة 12,50 (09,50 ت غ)، تراجعت المؤشرات الرئيسية بقوة ظهرا على الرغم من تقلص حدة الانهيار. وهكذا خسرت بورصة باريس 2,02 بالمئة وفرانكفورت 1,42 بالمئة ولندن 1,88 بالمئة ومدريد 2,60 بالمئة وميلانو 2,27 بالمئة.
وكما يحصل في العادة ابان الاضطرابات الحادة، تهافت المستثمرون على شراء القيم-الملجأ مثل الديون الالمانية والاميركية.
وارتفعت معدلات فوائد الاقتراض في دول جنوب اوروبا بشكل كبير في المقابل، وخصوصا فوائد اقتراض اسبانيا وايطاليا والبرتغال واليونان، بينما يثير الوضع السياسي والمالي في اليونان قلق الاسواق بشكل خاص.
من جهة اخرى، وجه البنك المركزي الاوروبي رسالة مساعدة الى اليونان عبر التزامه بضمان المزيد من السيولة للمصارف اليونانية. وكذلك فعلت المفوضية الاوروبية عندما اكدت لليونان تقديم كل دعم ممكن.
وكان الامر مماثلا بالنسبة الى النفط الذي سجل تراجعا، في حين ارتفعت اسعار الذهب الاسود.
ولفت اندريا تويني المحلل لدى مؤسسة "ساكسو بنك" قائلا "الامر يشبه سقطة في الهواء. السوق يسودها التشاؤم مجددا وهناك حالة من التوتر".
واوضح ان "هناك فقدان ثقة حيال النمو".
وجاء التدهور الجديد في غياب تطورات مهمة صباح الخميس خصوصا مع فشل عملية اقتراض اسبانية بصورة جزئية ومعدل تضخم في منطقة اليورو ضعيف جدا من +0,3 بالمئة في ايلول/سبتمبر.
وافاق النمو العالمي هي التي تثير القلق ولا سيما ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو مع مزيد من ضعف النشاط وتهديد بالانكماش.
واوضح رينيه دوفوسيه، المحلل الاستراتيجي لدى مؤسسة ناتيكسيس، "كنا نغذي مؤخرا فكرة اننا سنشهد مجددا فترة تحسن ضعيف في اوروبا واكثر صلابة في الولايات المتحدة وربما في بريطانيا. المشكلة هي اننا ننشر منذ بضعة اسابيع ارقاما في الولايات المتحدة واوروبا تشير بالفعل الى ان تحسن النشاط ما زال بعيدا".
واعتبرت شركة الوساطة "اوريل بي جي سي" من جهتها انه "من الصعب عزل هذه الحركة عن عامل (...) المخاوف والسياسات النقدية والنمو والانكماش وفيروس ايبولا".
وبدورها سجلت بورصة وول ستريت تراجعا مع افتتاحها، بعد الهزة التي منيت بها الاربعاء عندما خسر مؤشر داو جونز 2,8%.
ويذكر حجم تراجع السوق ب"التصرف التقليدي للمستثمرين اثناء مراحل الاضطراب الاخيرة بعد افلاس بنك ليمان براذرز او ازمة الصناديق السيادية"، بحسب ما كتبت شركة الوساطة "اوريل بي جي سي" صباح الخميس.
والمشكلة بالنسبة الى المستثمرين انهم في مثل هذه الفترات الحالكة، لا يجدون اسبابا تدعو للامل.
ومع ذلك، فان المصارف المركزية تتحرك حتى ولو ان خطاباها اقل تطمينا، بينما يضع الاحتياطي الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) حدا لبرنامج شراء الاصول في تشرين الاول/اكتوبر.
والتصريحات التي ادلى بها موظفون في المصارف المركزية قد تشكل عامل استقرار "لكن السوق تشكك بفعالية السياسات النقدية لاطلاق النمو (...)، وهي تصريحات قد تترك المستثمرين في حالة تجهم"، بحسب "اوريل بي جي سي".
وبحسب شركة الوساطة هذه، وحدها مؤشرات اقتصادية اقل سوءا قد تعزز الاسواق.
الا ان باراديز قلل من شان الحركة السائدة واعتبرها "هادفة" ولا "تعيد النظر في توقعات اسواق الاقتصاد الاوروبي والتحسن الجاري على المدى المتوسط".
ويتطرق خصوصا الى الجهود التي يبذلها البنك المركزي الاوروبي وكذلك الاستثمارات الممكنة الاتية من المانيا.
وقال باراديز ان "تراجع الاسواق ظاهرة قصيرة الامد على الارجح لا تماثل ازمة الرهن العقاري او ديون منطقة اليورو".
أرسل تعليقك