بكين تبحث عن نصف صفقة مع واشنطن لتجنب تحديات هائلة
آخر تحديث 15:07:19 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

بكين تبحث عن "نصف صفقة" مع واشنطن لتجنب تحديات هائلة

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - بكين تبحث عن "نصف صفقة" مع واشنطن لتجنب تحديات هائلة

الرئيس الأميركي
بكين- صوت الامارات

من سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحمائية، إلى التوتر النفطي والجيوسياسي في الشرق الأوسط، وصولا إلى معطيات حالة اللايقين على مستوى الاقتصاد الدولي، كل ذلك يقدم حججا شبه كافية للقادة الصينيين لتبرير تباطؤ النمو الاقتصادي الذي بات شبه مؤكد لدى بكين حاليا... فالحفاظ على معدل نمو 6 في المائة وما فوق بات معقداً بعض الشيء في ظل كل تلك الظروف المحيطة، وفقاً لمعظم المحللين.

ففي أغسطس (آب) الماضي، انخفض نمو الإنتاج الصناعي الصيني إلى 4.4 في المائة، مقابل 4.8 في المائة في يوليو (تموز)، أي إلى أدنى مستوى منذ 17 عاماً. إلى ذلك، فإن قراءة أرقام نمو مبيعات التجزئة والاستثمارات الرأسمالية تظهر أنها تأتي أقل من توقعات المحللين. فالاستهلاك أو الطلب الداخلي لم يعوض الفاقد من الصادرات بعد، رغم اتخاذ السلطات عددا من الإجراءات التحفيزية على هذا الصعيد. إذ سجلت أرقام نمو مبيعات التجزئة في أغسطس الماضي 7.5 في المائة، مقابل 7.6 في المائة في يوليو.

فمبيعات السيارات، على سبيل الدلالة، تراجعت أكثر الشهر الماضي وذلك للشهر الخامس عشر على التوالي. كما أن مبيعات سلع معمرة أخرى مثل التجهيزات الكهربائية والإلكترونية المنزلية، تراجع نموها إلى 5 في المائة فقط. وهذا الاتجاه الانخفاضي سيؤثر في معدل النمو الاقتصادي العام.

ومع ذلك تؤكد السلطات المعنية في بكين أنه رغم الضغوط الانخفاضية، فإن الاقتصاد مستقر؛ ويسجل نموا هو الأفضل على الإطلاق مقارنة بنمو الاقتصادات الدولية الكبيرة وحتى المتوسطة. لكن بعد تسجيل 6.2 في المائة في الفصل الثاني من العام الحالي، فإن الاقتصاد يتجه نحو نمو بنسبة 6 في المائة فقط وفقا لمحللين في بنك «جي بي مورغان»، علماً بأن محللين اقتصاديين آخرين يتوقعون نزول النمو الصيني تحت ذلك المعدل إذا ارتفعت أسعار النفط وتعقدت ظروف الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الأميركية.

وكان رئيس الحكومة أعلن في مارس (آذار) الماضي أن المعدل سيبلغ 6.5 في المائة للعام 2019... لكن انخفاض سعر صرف اليوان إلى أدنى مستوى منذ 11 عاماً، الذي خفض عمليا قيمة الاقتصاد، جاء ليغطي قليلاً على التباطؤ، ولولا ذلك الانخفاض لكانت أرقام النمو أقل.

ورغم أن العملاق الاقتصادي خفف وتيرة السباق، فإنه يبقى مواصلاً للنمو بفعل التدخل الحكومي، لا سيما تخفيف بعض القيود المفروضة على الائتمان لتشجيع البنوك الحكومية على زيادة الإقراض والاستثمار.

وبجرعات بسيطة متدرجة، تحضر الحكومة المستثمرين والسكان لمناخ اقتصادي «طبيعي» أكثر في ظل التوتر التجاري المتفاقم مع الولايات المتحدة، علما بأن البلدين يسعيان حاليا لتخفيف التصعيد تمهيدا لجولة مفاوضات جديدة الشهر المقبل في واشنطن، والهدف الأول أمام المفاوضين الآن بحث سبل توقيع «نصف صفقة» لتطمين الأسواق مرحليا بانتظار «الصفقة الكاملة» التي ترغب فيها بكين بقوة للحفاظ على تنافسيتها الاقتصادية الدولية. ومن دون ذلك، برأي الاقتصاديين، ستجد السلطات نفسها أمام تحدٍ هائل، لأن معظم الإجراءات التحفيزية التي اتخذت على الصعيد الداخلي لم تعط ثمارها كاملة.

في الأثناء، قام البنك المركزي الصيني الأسبوع الماضي بضخ سيولة حجمها 800 مليار يوان (102 مليار دولار)، وذلك عبر تخفيض الاحتياطيات الإلزامية للمرة الثالثة هذه السنة، ويتوقع المصرفيون ضخ المزيد بعد الأرقام الاقتصادية المخيبة للآمال التي بدأت تطل برأسها. وهذا يفسر أيضا الخطوة التي اتخذتها بكين بإلغاء بعض الرسوم الإضافية التي كانت تنوي تطبيقها على سلع ومنتجات أميركية مثل لحوم الخنزير وفول الصويا، ما دفع بمحللين أميركيين مؤيدين لسياسات دونالد ترمب الاقتصادية إلى القول إن الرئيس نجح في «ردع جموح التنين، ليعود إلى رشده ويقبل بشروط تجارية جديدة تصب في مصلحة الولايات المتحدة أولا».

ويؤكد هؤلاء أن للرسوم الجمركية العقابية أبلغ الأثر، في مقابل محللين آخرين يؤكدون أن الاقتصاد الصيني كان بدأ يتباطأ منذ ما قبل الهجوم الأميركي عليه بسلاح الرسوم، لا سيما أن القطاع المالي والمصرفي ظهرت معاناته منذ سنوات طويلة، ما دفع السلطات للتدخل أكثر من مرة، وهي مستمرة في ذلك إذ سارعت خلال الأشهر الأخيرة إلى إنقاذ 3 مصارف في عدد من المقاطعات.

وكان صندوق النقد الدولي حذر سابقا من ضعف بعض المصارف الصينية، ودعا منذ العام 2017 إلى ضخ رساميل في البنوك الصغيرة لأنها تظهر علامات تعثر بعد أن مارست سياسات إقراض عشوائية وبكل اتجاه. وكان تعثر بعض وحدات القطاع البنكي بدأ منذ 2009، وأعلنت الحكومة لاحقا برامج إنقاذية قيمتها 500 مليار دولار كجزء من حلول لمواجهة تداعيات الأزمة المالية التي اندلعت آنذاك. وتباعا خلال 7 سنوات، تكرر سيناريو التعثر هنا وهناك بفعل قروض كانت تمنح لمشاريع عقارية وصناعية مكلفة وغير مجدية. والنتيجة أن ديون الشركات والأفراد تراكمت بسرعة خيالية حتى بلغت كما في مارس الماضي 40 تريليون دولار، أي 3 أضعاف حجم الاقتصاد الصيني كما يؤكد تقرير لمعهد التمويل الدولي. ويضيف أن في الصين أكبر ديون على مستوى مجموعة العشرين، وتحمل الصين وحدها 15 في المائة من إجمالي جبل الديون العالمية.

وتدخلت السلطات خلال السنوات الماضية لتنظيم هذا القطاع الذي انتشرت فيه بنوك الظل (غير النظامية وفق قواعد البنك المركزي) كثيرا، وفرضت قيودا على الائتمان، لكن ذلك أثر في اقتصادات الأقاليم التي كانت بدأت التعود على إدمان الاقتراض لتحقيق النمو. وتؤكد القراءات التاريخية لمعدلات النمو أن التباطؤ كان بدأ منذ ما قبل الحرب التجارية، إذ بعد نمو نسبته 14.2 في المائة في 2007 راح المعدل يتراجع سنة بعد أخرى حتى وصل إلى 6.2 في المائة فقط.

وكانت الصين اكتشفت قبل 5 سنوات أنه لا يمكن لها الاستمرار في نموذج عمل قائم على تصنيع السلع الشعبية الرواج، وشرعت في تحول سريع نحو الاستثمار التكنولوجي مع تطوير لقطاع الخدمات وتحفيز لقطاعات الاستهلاك الداخلي. كما أقفلت الحكومة مئات المصانع للحد من فوائض الطاقات الإنتاجية لا سيما في قطاعات الفولاذ والصلب والإسمنت والبواخر. وذلك التحول إضافة إلى القيود الائتمانية ترك ندوبا في جسم الاقتصاد.

إلى ذلك تضاف عوامل أخرى، مثل أن الشيخوخة تزداد بفعل سياسة الطفل الواحد، فالتوقعات تشير إلى أن أكثر من ربع السكان سيصبح في شريحة عمرية فوق 65 عاما في العقدين المقبلين. وتختم مصادر المحللين بأن مشاكل الاقتصاد الصيني هيكلية، وبدأت بالظهور مع تداعياتها منذ ما قبل وصول دونالد ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية.

قد يهمك ايضا

الصين تؤكد صعوبة الحفاظ على نمو فوق 6 %

حزمة تحفيز أوروبية في «وداعية دراغي» للمركزي
   

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكين تبحث عن نصف صفقة مع واشنطن لتجنب تحديات هائلة بكين تبحث عن نصف صفقة مع واشنطن لتجنب تحديات هائلة



GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates