يدخل قطاع النفط في اختبار جديداً خلال العام الجديد متأثراً بشكل مباشر بأداء الاقتصاد العالمي والتي سوف تذهب بالأسعار صعوداً أو هبوطاً، فيما لا تزال القوى التي دفعت الأسعار إلى الهبوط في نهاية العام الجاري سارية المفعول.
فقد تراجعت أسعار الخام الأميركي في أواخر العام الماضي بنسبة 4% منذ أعلى ارتفاع له عند 76 دولاراً للبرميل في أكتوبر من نفس العام. وتراجع خام برنت في الأسبوع الأخير من عام 2018 إلى مستويات أغسطس 2017. والنفط عنصر هام في النمو الاقتصادي عالمياً، وتعكس تغيرات أسعار النفط في الأيام الماضية ما يحدث في أسواق الأسهم.
قلق عالمي
والتراجع في أسعار النفط يعكس القلق بشان ارتفاع الإنتاج الأميركي، وضعف النمو الاقتصادي العالمي، وحتى التخفيضات التي أجرتها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والدول المتحالفة معها، لم تستطع أن توقف اتجاه الهبوط في الأسعار. وقد يؤدي استمرار هذا الاتجاه إلى تراجع في النمو الاقتصادي العالمي في العام 2019.
وتوقع خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي نمواً عالمياً بنسبة 2.5% في عام 2019، مقابل 2.9% في 2018 وتراجع النشاط الاقتصادي يعني تراجع الطلب على منتجات الطاقة. وحذرت الوكالة العالمية للطاقة من تراجع الطلب في أوروبا ودول آسيا المتقدمة. كما توقعت تراجعاً في الطلب في الهند والبرازيل والأرجنتين، بسبب ضعف عملاتها وأسباب أخرى.
تحذير
وحذرت منظمة (أوبك) من أن الطلب على النفط الذي تنتجه الدول الأعضاء سوف يكون أقل بمقدار مليون برميل يومياً في عام 2019 مقارنة بعام 2018. ويقول روبين مايلز رئيس تنفيذي شركة «كومر» لاستشارات الطاقة، إن العنصر المهم في تقدير الطلب سوف يكون التوقعات الاقتصادية، ويضيف أن الطلب سوف يحصل على بعض الدفع من تراجع أسعار النفط، لكن يبدو أن الاقتصاد العالمي عموماً يحتمل أن يتراجع في معدل النمو.
وقد سبب اتفاق منظمة (أوبك) ودول أخرى، منها روسيا، على تخفيض الإنتاج، عندما تم في وقت سابق في ارتفاع الأسعار، غير أن هذا الأثر زال في غضون أيام. وعندما ينتهي اتفاق التخفيض في الإنتاج في يونيو المقبل، سوف تظهر أسعار النفط آثار هذا الاتفاق فعلياً.
اتفاق التخفيض
من جانبه، قال روس مولد رئيس شركة «ايه جي بيل» للاستثمار عبر الإنترنت، إن أسعار النفط إذا ظلت أقل من 60 دولاراً للبرميل سوف نتوقع أن تمدد منظمة (أوبك) اتفاق التخفيض. وإذا ارتفع السعر إلى 80 دولاراً للبرميل، ربما تنظر المنظمة في رفع الإنتاج مرة أخرى.
فيما قال سبنسر ويلش مدير تنفيذي أسواق النفط في شركة «أي اتش اس ماركت» إنه من الصعب جداً توقع ما سيحدث مستقبلاً لأن الولايات المتحدة غيرت سياستها تماماً تجاه إيران، حيث لا تريد الولايات المتحدة أن يرتفع سعر الوقود، وبالتالي سوف تتأثر سياستها بما يحدث في السوق.
وأصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم في سبتمبر الماضي، متجاوزة روسيا والسعودية لأول مرة منذ عام 1973، ويشير ذلك إلى كيفية تغيير الإنتاج الأميركي لسياسة الطاقة العالمية. وتضاعف إنتاج أميركا من النفط في العقدين الماضيين حتى أنها أثارت الشكوك حول قدرة منظمة (أوبك) على السيطرة على الأسعار.
ويقول جميل أحمد، رئيس استراتيجيات العملة وأبحاث السوق في شركة «اف اكس تي ام» إن من العناصر التي ساهمت في فقدان (أوبك) للسيطرة على صناعة النفط هو ظهور قدرة دول أخرى خارج المنظمة على إنتاج النفط. وليس هناك أكثر من الولايات المتحدة تأثيراً في هذا الصدد.
تراجع النفط
في سياق متصل، تراجعت أسواق النفط أمس أكثر من 1% في أولى جلسات تداول 2019 متأثرة بارتفاع الإنتاج الأميركي ومخاوف من تباطؤ اقتصادي في العام الحالي مع انكماش نشاط المصانع في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
وبلغ خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة 53.05 دولاراً للبرميل، منخفضا 75 سنتاً أو 1.4% عن آخر إغلاق في 2018. ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة 58 سنتاً أو 1.3% إلى 44.83 دولاراً للبرميل.
وضعف نشاط المصانع في ديسمبر في آسيا في ظل الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وتباطؤ الطلب الصيني الذي أضر بالإنتاج في معظم الاقتصادات، بما يشير إلى بداية صعبة لأكبر منطقة نمو اقتصادي في العالم في 2019.
إنتاج روسيا
من جانب آخر، أظهرت بيانات من وزارة الطاقة الروسية أمس أن إنتاج روسيا من النفط ارتفع إلى أعلى مستوياته في فترة ما بعد الحقبة السوفييتية مسجلاً 11.16 مليون برميل يومياً في 2018، ليتجاوز المتوسط السنوي البالغ 11 مليون برميل يومياً للمرة الأولى.
قد يهمك أيضًا :
النفط يهبط في مستهل تعاملات 2019
المزروعي يأمل بتحقيق التوازن في أسواق النفط خلال 2019
أرسل تعليقك